يسكن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الأمل بأن يكون تولّي الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز مقاليد السلطة في المملكة فاتحة خير بتحول جذري في السياسة المتبعة في الشرق الأوسط تعود لمصلحة الجماعة، ما يوفر لهم مساحة من التحرك.فبعد فترة المواجهة بين النظام السعودي في آخر سنتين من عمر عبدالله والدور الذي لعبته الرياض في إطاحة حكم «الإخوان» في مصر، وما لحقهما من أزمة بين السعودية وقطر على خلفية دعم الدوحة لـ«الإخوان» واحتضانها لقيادات من الجماعة الهاربين من مصر وما تبعها من ضغط من الرياض على الدوحة لحظر عمل «الإخوان» والطلب بطرد قياداتها خارج الأراضي القطرية، يتطلع قياديو «الإخوان» إلى الملك السعودي الجديد نظرة «محبة» و«تصالحية» لفتح صفحة جديدة في العلاقة بين الطرفين.

الرجاء «الإخواني» يعود سببه إلى ما ينقل عن الملك سلمان من أنه أكثر تعاطفاً مع أصحاب التيار الديني المحافظ من سلفه الملك عبدالله، كذلك فإن هناك شواهد على أنه أقل عداءً للجماعة. غير أن محللين ودبلوماسيين في الرياض يقولون إن أي تغيير في السياسة السعودية تجاه «الإخوان» سيكون على الأرجح عند أدنى حدّ ممكن.
أعضاء من «الإخوان» في الدوحة بدأوا بالفعل يختبرون مدى استعداد الملك سلمان وفريقه الأمني للتساهل إزاء تجديد نشاط الجماعة في الدوحة، بعد أن مارست الرياض ضغوطاً على قطر.
وأوضح عضو مصري في «الإخوان» يعيش في قطر، طلب عدم نشر اسمه، لوكالة «رويترز» أن «هناك شعوراً متنامياً بالأمل الآن. فالأمور تتغير من حولنا مع وصول قيادات جديدة إلى السلطة، وحان الوقت كي يكون لنا صوت من جديد ونوضح للعالم من نحن فعلاً».
بدوره، أوضح المحلل الأمني الذي تربطه صلات بوزارة الداخلية السعودية، مصطفى العاني، أن «الموقف العام قد يكون أكثر استرخاءً»، مضيفاً أنه «من حيث السياسة العملية لا أعتقد أن السعوديين سيلقون بثقلهم وراء حملة تضييق أواتخاذ إجراءات».
وتدرك السعودية أن أي تغيير في سياستها تجاه «الإخوان»، سواء في قطر أو في غيرها، سيكون له تداعيات وتأثيرات على علاقة الرياض مع مصر التي يعتبرها الملك سلمان حليفاً أساسياً في مجال الأمن مثلما كان يراها الملك عبدالله.
دبلوماسي عربي في الرياض رأى أن الملك السعودي الجديد «لن يرهن العلاقات مع قطر بقضية الإخوان المسلمين»، وبرأي الدبلوماسي فإن سلمان لن يغير في السياسة السعودية تجاه «الإخوان» داخل المملكة أو في مصر.
ولم يوضح سلمان حتى الآن الأولويات الرئيسية لسياساته الخارجية، غير أنه في تعديل أجراه الأسبوع الماضي أنشأ لجنة عليا جديدة للقضايا الأمنية والسياسية يرأسها وليّ وليّ العهد، وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف.
ولفت مصطفى العاني إلى أن وليّ وليّ العهد، رغم رأيه في أن «الإخوان» يشكلون خطراً على المنطقة، يرى أن خطرهم ليس وشيكاً أو كبيراً ولا يشكل أولويةًَ مقارنة بقضايا إيران و«داعش»، ويسهل على الأقل التعامل معهم.
ويمكن اعتبار عودة ظهور الداعية يوسف القرضاوي للهجوم على حكم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووصف الرئيس المعزول محمد مرسي بأنه رئيس مصر الشرعي بعد توقف عن إلقاء الخطب النارية ضد النظام المصري بضغط سعودي على قطر، أحد المؤشرات على أن أعضاء «الإخوان المسلمين» في قطر ربما يشعرون أنهم تحت ضغوط أقل.
وقال محلل سياسي قطري، طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع، لوكالة «رويترز» إنه «ليس على الملك الجديد (السعودي) أن يرفع «الإخوان» من قائمة الإرهاب، لكن بوسعه أن يختار تجاهل القرار الذي اتخذ فقط لإرضاء القيادة المصرية».
ويبدو أن الأسرة الحاكمة في قطر تأمل أن ينحاز الملك السعودي الجديد إلى الدوحة بدلاً من الإمارات ومصر.
وقال مصدر قطري وثيق الصلة بالحكومة «على النقيض من مصر والإمارات، تتفهم القيادة السعودية أنه لا يمكنك عزل «الإخوان». فالايديولوجية لا يمكن إزالتها بالقوة. ولهذا من المهم التواصل».
من جهته، لفت المحلل الخليجي، علي حسين بكير، إلى أن التحديات التي يواجهها الملك سلمان في الخارج، وتتمثل في احتواء العنف في اليمن وسوريا ومحاربة تنظيم «داعش»، تعني أن قطر قد تصبح حليفاً مفيداً للسعودية من خلال علاقاتها الوثيقة بالإسلاميين.
وأضاف «لا أعتقد تحت حكم الملك سلمان أن قطر ستقع في خلاف مع السعودية مرة أخرى، خاصة الآن، لأن قطر شريك سياسي مفيد في المنطقة».
(رويترز)