انتهت العاصفة الثلجية "زينة" التي ضربت لبنان والمنطقة منذ نحو اسبوعين، ولا تزال تداعياتها تلقي بظلاها على اللاجئين الفلسطينيين في مخيم الجليل بمدينة بعلبك، هذا المخيم الذي يقطنه أكثر من ستمئة وخمسين عائلة فلسطينية، إضافة الى مئات العائلات النازحة من سوريا وذلك على مساحة جغرافية لا تزيد عن كيلو متر واحد، وسط ظروف معيشية صعبة تزداد قساوتها مع حلول فصل الشتاء ككل عام، خصوصاً مع تجاهل المعنيين لأوضاعهم المعيشية الصعبة.الحاجة ندى محمد، لاجئة فلسطينية تسكن في أحد مباني مخيم الجليل، يتألف منزلها من غرفتين ومطبخ ومرحاض، لما رأتنا، اندفعت بلهفة شديدة لتشرح لنا حال منزلها المهدد بالانهيار، حيث جميع الجدران فيه متصدعة ومهترئة فضلاً عن سقوط اجزاء من السقف الذي أكل عليه الدهر وشرب، الحاجة ندى شكت لنا ما ألم بها بفعل المنخفض الجوي الذي نال المخيم منه حصة كبيرة، إذ أوضحت أن تراكم الثلوج فوق سطح المنزل أدى الى تسرب المياه الى داخل غرف المنزل ما أتلف أثاث منزلها وجعلها مشردة هي وأفراد عائلتها.

ثمانية آلاف لاجئ فلسطيني على الأقل يعيشون في مخيم الجليل تزداد معاناتهم يوماً بعد آخر، وبالأصل تعتبر مدينة بعلبك منطقة منكوبة لما تسببه العواصف والرياح من مشاكل اجتماعية واقتصادية، حيث يقضى سكان المخيم أشهراً عدة من دون الذهاب الى اعمالهم لقطف لقمة عيش ابنائهم، وذلك نتيجة قطع الطرقات بعد تراكم الثلوج وتراجع نسب فرص الحصول على مهنة ما.

ولعل ابرز ما سببته العاصفة في مخيم الجليل تجمد المياه داخل الانابيب وبالتالي انقطاعها عن جميع المنازل، إضافة الى انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة وسط نقص حاد في وسائل التدفئة الضرورية في معظم البيوت، ما فاقم معاناة اللاجئين لا سيما أن درجة الحرارة تصل في كثير من الأحيان الى ما دون عشرة تحت الصفر.
ما زاد الطين بلّة، تجاهل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا لمشاكل وهموم أهالي المخيم، الذين يعانون الأمرين خصوصاً هذه الأيام، ويقول لا سيما أن الوكالة لم تقم بترميم المنازل المتصدعة حتى الآن رغم معاينتها للعائلات المتضررة، كما وقلصت الوكالة من خدماتها الاغاثية والتربوية والتموينية، وهو ما جعل اللاجئين بحاجة ماسة إلى التفاف المعنيين حول معاناتهم وتشكيل خلية أزمة تدرس أوضاعهم، وتعمل على إغاثة العائلات وتوفير ادنى احتياجاتهم الاساسية والتي يفتقدونها.
ويتخوف سكان مخيم الجليل من انهيار بعض المنازل المتصدعة غير الصالحة للسكن، أو من تطاير لوائح الزينكو التي يتخذها اللاجئون أسقفاً لمنازلهم، كما ويتخوفون من طوفان المياه بعد ذوبان الثلوج وعدم قدرة البنية التحتية على استيعاب المياه، اضافة الى نقص في المواد الأساسية كمواد التغذية والمازوت.
هكذا، يمضي الناس شتاءهم بين عنف العناصر، وعنف تجاهل مآسيهم، فلا يبقي لهم الا الدعاء والمرارة.