طرطوس | تحوّل ملعب الصالة الرياضية في طرطوس إلى أشهر مركز للإيواء. نازحون من الريف الحلبي وبعض قرى إدلب ملأوا الملعب وقاعاته. الغرف المخصصة لتبديل الثياب والمستودعات، قُسّمت إلى غرف صغيرة بألواح خشبية، لا تتجاوز مساحتها مترين مربعين، وتتسع لعائلات يصل عدد أفرادها وسطياً إلى سبعة أشخاص. وعلى صغرها لم تسلم تلك المساحات من ظاهرة «أبو عنتر كبير القاووش»، إذ توزع الغرف «بحسب معارفك وإمكاناتك المادية»، لا بحسب عدد أفراد العائلة وإمكان استيعاب الغرفة.
مصدر في «الهلال الأحمر السوري» قال لـ«الأخبار» "إنّ عدد مراكز الإيواء بلغ 22 مركزاً موزّعاً على المدينة ومحيطها، تشرف مديرية الشؤون الاجتماعية عليها على نحو مباشر. وتضم هذه المراكز 1500 أسرة».
عائلة أبو كامل إحدى هذه الأسر. الرجب نزح من حيّ الشعار في مدينة حلب، تاركاً خلفه جنى عمره: «بناية ومعرضا للمفروشات في خان الجمرك».
«اعتدنا أن تكون رحلتنا إلى في الصيف انطلاقاً من حلب مرورا بإدلب، حيث نبيت في حارم ونتناول طعام الغداء في كسب لنصل إلى طرطوس، أما اليوم، فباتت رحلتنا شتوية قاسية بطعم المرارة»، يقول لـ«الأخبار».
يشكر الرجل ربّه لكون وضعه «أرحم من غيرنا، نحن تحت سقف من حجر ولسنا تحت خيمة»، برغم خيبته في التحول من «تاجر وصاحب رزق إلى بائع بسطة».
ويضيف أبو كامل: هددوني أنا وعائلتي وخطفوا ولدي العسكري، دفعت لهم أكثر من خمسة ملايين ليرة سورية مقابل عدم قتله (...) لدي ولدان عسكريان ولم يعد بإمكاني البقاء في المنطقة فخرجنا بملابسنا والقليل من المال، بداية استأجرنا بيتا بخمسة وعشرين ألف ليرة، لم يعد بإمكاني أن أدفع اليوم، المصروف بات كبيرا فانتقلنا إلى الملعب لنعيش على السلة الغذائية المخصصة لنا ولا تكفينا».
أمّا جاره في «قاعة الجودو»، فيمارس وجعه على طريقته. اسمه أحمد، وكان يعمل فني طباعة.
بدأت رحلته الماراتونية بالنزوح من تل علم في حلب إلى دير الزور فلبنان ليجتاز المعابر الحدودية، وعربة رحلته كرسي متحرك... كانت طرطوس آخر محطاته.
صاحب الشلل الرباعي لم يكن لمكان إقامته الجديد أي دور في مساعدته على تحسين حالته الصحية، بعدما كان ضحية قذيفة هاون هشّمت جسده.
يروى أحمد لـ«الأخبار» أن «جُلّ ما أحصل عليه من مساعدات هو سلة غذائية تحوي مواد عدة، تبيع زوجتي نصف هذه المواد وتعمل في المنازل لتأمين ثمن الدواء. خضعت لجلستي معالجة فيزيائية ولم يعد بإمكاني أن أدفع للعلاج والدواء معاً».
في سوق الخضر في منطقة الرمل الشعبية في المدينة تحضر العديد من البسطات والمحالّ المخصصة لبيع مواد المعونات الغذائية دون أن تنزع عنها الملصقات التي تؤكد أنها غير مخصصة للبيع. هذه المنتجات تحظى بإقبال شديد لأنها تكسر أسعار السوق بفوارق ملحوظة.