تضاعفت حصيلة الضحايا في مصر مع استمرار الاحتجاجات لليوم الثالث على التوالي إحياءً للذكرى الرابعة لثورة 25 يناير، إذ أعلنت وزارة الصحة سقوط 23 قتيلاً، في الوقت الذي قال فيه مصدر في التحالف الداعم للرئيس المعزول محمد مرسي إن عدد القتلى 25 شخصاً، وهو مرجّح للزيادة. وازداد عدد المصابين أيضاً في المحافظات التي شهدت توتراً كبيراً مثل القاهرة، والجيزة (غرب)، والإسكندرية (شمال)، والبحيرة ودمياط، حيث أصيب فيها أكثر من 97 شخصاً «بينهم 19 من قوات الأمن، و87 من المواطنين»، وفق وزارة الصحة، فيما قالت جماعة الإخوان المسلمين إن عدد المصابين أكثر من مئتين، منهم 81 إصاباتهم خطرة.

ولعل حادثة إلقاء زجاجات حارقة على قطارين للركاب في مدينة شبين الكوم كانت لافتة، إذ سبب الحريق إصابة 27 شخصاً بحروق واختناقات وكسور بسبب التدافع، فضلاً عن الخسائر المادية الكبيرة. وهذه الحادثة جزء من سلسلة تفجيرات وأعمال شغب شملت غالبية المحافظات في الأيام الماضية.
وفي محاولة لتخفيف وقع الاحتقان، أظهرت تحقيقات أجرتها النيابة العامة، في وفاة القيادية اليسارية شيماء الصباغ (قبل أيام)، روايتين مختلفتين للواقعة من شهود الإثبات في القضية، وفق مصدر قضائي قال إنه «تبين أن أصدقاء المجني عليها المشاركين في المسيرة، وعددهم خمسة، قالوا في التحقيقات إن الشرطة هي من أطلقت الخرطوش على الصباغ».
السيسي التقى السبسي في الرياض وأجريا محادثات مباشرة وسريعة

وتابع المصدر: «أصحاب المحال والمارون بمحل الواقعة، قالوا في التحقيقات إن الشرطة لم تطلق الأعيرة النارية على المتظاهرين، وإنها فقط استخدمت الغاز المسيل للدموع». وحول التحقيقات مع القوة الأمنية التي فضّت المسيرة، أضاف: «ضباط وأفراد الشرطة الذين كانوا في موقع الحادث قالوا إنهم لم يستخدموا أي أسلحة نارية ضد المتظاهرين، وإن قنابل الغاز المسيل للدموع هي المستخدمة فقط». لكن النيابة العامة أمرت بانتداب مسؤولي جهاز المساعدات الفنية التابع لوزارة الداخلية من أجل تفريغ محتوى 3 كاميرات مراقبة، تم ضبطها في موقع الحادث، ثم محاولة معرفة ما حدث هناك، ومن هو القاتل.
رغم التحقيق المذكور، فإن قرار مصلحة السجون إخلاء سبيل علاء وجمال، ابني الرئيس الأسبق حسني مبارك، يمكن أن يزيد التوترات لتزامن قرار الإخلاء وتنفيذه مع ذكرى الثورة. وقال مسؤولون أمنيون وطبيون إن علاء وجمال زارا والدهما الذي لا يزال في مستشفى عسكري في جنوبي القاهرة، كذلك فإن مصادر قضائية تقول إن باستطاعة مبارك نفسه ترك المستشفى قريباً انتظاراً لإعادة محاكمته في قضية فساد.
كل ذلك أظهر علامات استياء كبيرة، إذ ألقى مقال في الصفحة الأولى من صحيفة الأهرام، التي تملكها الدولة، اللوم عن مقتلها على الاستخدام المفرط للقوة. وقال المقال، في انتقاد نادر من صحيفة حكومية للرئيس عبد الفتاح السيسي: «حق شيماء في رقابنا جميعاً، وفي مقدمتنا الرئيس المنتخب والمنوط به حماية أرواح أبناء هذا الوطن من إساءة استخدام السلطات».
كذلك هاجمت المنظمات الحقوقية النظام المصري جراء الحادثة، إذ قالت مديرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، ساره ليا ويتسون، إنه «بعد أربع سنوات من الثورة المصرية لا تزال الشرطة تقتل المتظاهرين بانتظام». وأضافت: «بينما كان الرئيس السيسي في دافوس (أمام المنتدى الاقتصادي العالمي) يلمع صورته الدولية، كانت قواته الأمنية تستخدم العنف كالمعتاد ضد المصريين المشاركين في التظاهرات السلمية».
على الصعيد نفسه، حمّل وزير الداخلية، محمد إبراهيم، المسؤولية للإخوان، معلناً في مؤتمر عقده أمس أن أعضاء الجماعة «أطلقوا النار على حشود في المطرية خلال الاحتجاج وقتلوا أناساً، بينهم شرطيان»، مصرحاً بأن قوات الأمن «ألقت القبض على 516 من أعضاء جماعة الإخوان في القاهرة والمدن الأخرى التي نظمت فيها احتجاجات... مصر ملتزمة بمحاربة الإرهاب».
في الجانب السياسي، عقد لقاء سريع بين السيسي والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، لأول مرة، خلال وجود الاثنين في السعودية لتقديم التعازي بوفاة الملك عبدالله. وأيضاً هو أول لقاء على مستوى رفيع بعد فتور العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ أيلول 2013، عندما دعا الرئيس التونسي آنذاك، المنصف المرزوقي، السلطات المصرية إلى الإفراج عن محمد مرسي.