سيناء | كادت فرحة الغزيين تضيع بفتح معبر رفح الجزئي والطارئ، بعدما سمعوا بنبأ تفجير جديد في سيناء أعاد ذاكرتهم إلى الأسبوع الماضي، حينما تقرر تأجيل فتح المعبر بسبب خطف ضابط من أمن المعبر ثم قتله. هذه المخاوف تلاشت بعدما ظهر أن الانفجار استهدف أنبوب غاز بين مصر والأردن، إذ فجرت الخطوط الواصلة إلى المملكة أكثر من عشرين مرة خلال عام واحد، لكن تزامن هذا الحادث مع الفتح الجزئي والمؤقت للمعبر ظل يشغل بال الغزيين، ولا سيما أنه ليس أول عمل أمني يتصادف، بصورة متعمدة أو غير متعمدة، مع كل فتح للمعبر.

برغم ذلك، غادر في اليومين الماضيين نحو 750 مواطنا القطاع، على أن يعاود الجانب المصري إقفال المعبر اليوم (الخميس) مع انتهاء ثالث يوم من الأيام التي منحها لعبور المرضى والطلاب وأصحاب الإقامة القريبة من الانتهاء، ثم ستعود «النغمة الأمنية» لتصم آذان الغزيين من أجل تبرير إغلاق المعبر، فيما تشهد سيناء سلسلة من العمليات المتنوعة ضد الجيش والشرطة.
ولا أحد يمكنه ادعاء أن هناك مجموعات مسلحة أو جهادية (كأنصار بيت المقدس ـ ولاية سيناء) تتعمد تكثيف نشاطها الأمني في الأيام القليلة التي يفتح فيها المعبر للغزيين، ولكن لا شك في أن المحتاجين إلى السفر هم المتضرر الأكبر مما يجري في سيناء.
ومع أن السلطات المصرية أعلنت أنها أغلقت غالبية الأنفاق الحدودية بين سيناء وغزة، فضلا عن شروعها بعملية إخلاء وتدمير لمدينة رفح (المصرية)، فإن هذا لم ينهِ التوتر الأمني في شبه الجزيرة الصحراوية، بل خلق مجموعة من الأزمات المعيشية فيها، إذ تفاقم النقص في أسطوانات غاز الطهو في شمال سيناء خلال الأيام الماضية، الأمر الذي مهد لبيعها في السوق السوداء بأضعاف سعرها، فيما تصطف طوابير طويلة أمام مستودعات الغاز بانتظار الحصول على نصيبها.
وكان مسلحون مجهولون قد فجروا خط الغاز في منطقة غرب العريش نهاية كانون الأول الماضي، ما تسبب في توقف ضخ الغاز عن منطقة الصناعات الثقيلة وسط سيناء، وكذلك محطة الكهرباء البخارية في حي المساعيد وعدة أحياء سكنية. حالة دفعت كثيرين إلى استخدام التسخين على الكهرباء أو الحطب لقضاء حاجاتهم اليومية.
ولم ينجح احتجاج الأهالي بقطع الطرق الدولية في المحافظة للضغط على المسؤولين من أجل توفير الغاز، كما أنهم يتهمون السلطات بالمساهمة في تفاقم الأزمة وترك تجار السوق السوداء يستغلونهم، بل رأوا في إعلان المتحدث باسم القوات المسلحة أن الجيش تمكن من القضاء على الأنفاق الحدودية، سبيلا ليؤكدوا أن أزمة الغاز ليس سببها تهريبه إلى غزة، كما كان يشاع سابقا.
حتى ظاهرة توزيع مديرية التموين أنابيب الغاز على المواطنين عبر السيارات بجوار المساجد، أو الأسواق، بأسعار زهيدة اختفت خلال الشهور الماضية، وهو ما يخلق شعورا لدى السيناويين بأن كابوس التهجير لن يكون في رفح فقط، بل سيشمل سيناء كلها، وفي سبيل ذلك تأتي الضغوط الاقتصادية لتزيد على الواقع الأمني الرديء. كذلك يفيد شهود عيان بأن عددا من أصحاب المستودعات الخاصة بالغاز يشهرون الأسلحة النارية لتخويف المواطنين في الطوابير التي تشهد إشكالات فردية كثيرة.
ويبرر مسؤولون، رفضوا ذكر أسمائهم، الأزمة بموجة البرد، فضلا عن إعطاء الأولوية لأصحاب مزارع الدواجن من أجل التدفئة. وبشأن إصلاح أنبوب الغاز الذي جرى تفجيره، أفاد المسؤولون بأنه جرى تأجيله حتى انقضاء تاريخ 25 يناير (الشهر الجاري) لأسباب أمنية.
أيضا، ترتبط أزمة الغاز بأزمات أخرى كنقص الوقود الخاص بالسيارات، ما أدى إلى الغلاء في أسعار المواصلات، إضافة إلى أنه يستمر منع إدخال كل أنواع الوقود إلى مدينتي رفح والشيخ زويد لليوم الـ85 على التوالي، على افتراض أنها تهرب إلى غزة، برغم إغلاق الأنفاق، وهذا كله يضاعف على الأهالي مصاعب العيش، في ظل تمديد حالة الطوارئ وحظر التجوال الليلي المفروضين عليهم.