عمان | «إبقاء البوابة الايرانية مفتوحةً»، هو أول ما يتبادر للأذهان بعد قراءة خبر وكالة أنباء «فارس» الإيرانية عن زيارة مقرر لجنة الطاقة النيابية في غرفة التشريع الأولى، محمد عشا الدوايمة، إلى طهران، قبل أيام. في خبر الوكالة، ورد أن «لدى إيران والأردن طاقات كثيرة في مختلف مجالات التعاون بما فيها التعاون الاقتصادي والنفطي والتعاون في قطاع الطاقة»، ما جعل كثيرين يتساءلون عن سبب رفض المملكة المتكرّر للمساعدات الإيرانية، وخصوصاً في مجال المشتقات النفطية التي هي بأمسّ الحاجة إليها، في وقتٍ يتفاوض فيه مجلس النواب والأحزاب السياسية لقبول استيراد الغاز الإسرائيلي!

وفيما طغى رفع أسعار الكهرباء على جميع جلسات مجلس النواب، وجعله «يتناسى» قضية الغاز الإسرائيلي، يرجّح محلّلون أن الحكومة ستمرر اتفاقيتها مع الاحتلال في ظلّ انشغال النواب في قضايا تمسّ مصالحهم بصورةٍ مباشرة، كرفع أسعار الكهرباء.
وقد شهدت العلاقات الإيرانية الأردنية تحسّناً ملموساً في الآونة الأخيرة، وخصوصاً أن وزيري الأوقاف الحالي والسابق، زارا العاصمة الإيرانية طهران، وأكدا من هناك أهمية «الوحدة السنية الشيعية»، لكن الأمر الأبرز والأكثر أهمية يبقى في تصريحات الأمير حسن، الذي قال إن «الهلال الشيعي جزء من البدر الإسلامي»، مشدداً على أهمية إحياء نبض التعاون السياسي والاقتصادي بين الأردن ودول أخرى «من دون أن نلجأ للهيمنة الثقافية»، فضلا عن سماح السلطات الأردنية للإيرانيين بزيارة الأماكن الدينية من دون تأشيرات، ما يشير بوضوح إلى «غزل» متبادل بين البلدين.
وفي حديثٍ لـ«الأخبار»، يوضح رئيس لجنة الطاقة النيابية، الدوايمة، أن زيارته طهران «لم تقتصر على غايات استثمارية»، بل تعدّت ذلك إلى الحديث عن مجال الطاقة الذي يعاني الأردن نقصا حادا فيه، قائلاً إن الجهات الإيرانية وعدداً من النواب أكدوا أنهم على «أتمّ استعدادهم» لتزويد الدولة الأردنية بكل المشتقات النفطية، إلى أجل غير مسمّى، مقابل التبادل التجاري مع الأردن ببعض البضائع لا غير.
وأكد الدوايمة أن إيران «ليس لديها أي غايات أخرى أو ثمن سياسي كما يدّعي البعض، كتشييع الدولة وجعل عمان مرهونة بسياسات طهران التي يعدها كثيرون مغلوطة ومرتبطة بالدين السياسي».
الجدير بالذكر، أن السفير الإيراني السابق لدى عمان، كان قد عرض على الجهات الأردنية، توريد جميع المشتقات النفطية اللازمة للأردن، على مدى عدد غير محدد من السنوات، لكن العرض قوبل بالرفض، من دون تبرير الأسباب.
الدوايمة قال إنه ينوي الحديث عن هذه القضية تحت قبة البرلمان في الأيام المقبلة، مؤكداً إصراره في الضغط على الحكومة لقبول العروض الإيرانية. وتساءل عن سبب رفض عمان، «رغم أن إيران دولة إسلامية وقدمت العون لكثير من الدول وعلى رأسها فلسطين»، مستنكراً «تجميل» الحكومة ممثَلةً بوزير الطاقة، محمد حامد، لقضية الغاز الإسرائيلي، وتبديل تسميته باسم «غاز غزة» في تصريحاته الأخيرة، برغم أن «الجميع يعلمون عدم امتلاك قطاع غزة أي ثروات نفطية».
كذلك، طالب الدوايمة بطرح الثقة بالحكومة والعمل على إقالتها من منصبها في أقرب وقت ممكن، واصفاً إياها بـ«المخزية»، لأنها تضع النواب دائماً في مواقف محرجة، وخصوصاً أنه «ليس هناك مبرر لرهن الاقتصاد الأردني بالإسرائيلي على مدى 15 عاما»، مشيراً إلى أن ذلك يضرّ بالاقتصاد الأردني الحرّ ويربطه بالاحتلال ويضرّ بالمصلحة الوطنية، «لن نضع الأردن في خانة الاحتلال».
وحذّر مقرر لجنة الطاقة النيابية، من تعنّت الحكومة في هذه القضية، مستهجناً إصرارها على استيراد الغاز الإسرائيلي، برغم إمكان استيراده من دول أخرى عدة، كالجزائر وقطر والعراق أو إيران، ومؤكداً في الوقت نفسه أن كل هذه الخيارات قائمة ومن الممكن استخدامها.
إلى ذلك، وجه الدوايمة رسالةً عن ضرورة وقف ما سماها «الهجمات الإعلامية» التي تشنّها وسائل إعلامية عدة للتجييش ضد إيران «لإظهار صورة غير حقيقية عن هذه الدولة الاسلامية المناصرة للقضية الفلسطينية والعديد من القضايا المصيرية».