يستمر المشهد السياسي في ليبيا الغارقة في الفوضى منذ إطاحة نظام، الرئيس معمر القذافي في 2011 ، ضبابياً برغم بعض الآمال التي أثارها حوار جنيف برعاية الأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، والمقرر استمراره الأسبوع المقبل وسط شدّ وجذب ومواقف متضاربة من هذا الحوار.
وبعد ساعات على إعلان الجيش الليبي في وقت سابق، أمس، وقف إطلاق النار بعد إعلان مماثل، الجمعة، من ميليشيات «فجر ليبيا»، أعلن «المؤتمر الوطني العام» (البرلمان المنتهية ولايته) أنه لن يذهب إلى حوار جنيف، مشترطاً عقد الحوار بين الأطراف المتنازعة في ليبيا على الأراضي الليبية.
وأفادت القيادة العامة للجيش، في بيان، بأننا «نعلن وقف إطلاق النار بدء من منتصف ليلة الأحد الموافق 18 كانون الثاني في البر والبحر والجو على كل الجبهات»، لكنها استثنت من ذلك «عمليات ملاحقة الإرهابيين الذين لا يعترفون بحق الليبيين في بناء دولتهم الوطنية ولا يقرون الأسس الديموقراطية التي تقوم عليها هذه الدولة»، في إشارة إلى التنظيمات الإسلامية المتطرفة على ما يبدو.
وأضافت القيادة في بيانها أنها «مستمرة في عمليات الاستطلاع لمنع تغيير الأوضاع على الجبهات وكذلك لمنع نقل السلاح والذخائر والأفراد براً أو بحراً أو جواً إليها، واعتبار ذلك خرقاً لوقف إطلاق النار يجري استهدافه على الفور»، مؤكدة أنها «أعطت قطاعاتها حق الدفاع عن النفس حال تعرضها لإطلاق النار».
وتعهد الجيش أنه «سواء نجح حوار جنيف أم فشل، فإنه سيواصل حماية الشعب الليبي والسعي لتحقيق تطلعاته في الأمن والاستقرار بعيداً عن أي تجاذبات سياسية».
وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي، العقيد أحمد المسماري، إن «قرار القيادة العامة للجيش الوطني جاء لمواكبة ما يجري في جنيف، احتراماً للمفاوضات القائمة، وخصوصاً مع الأطراف التي لا تتبع الإرهاب، التي أمرت بدورها بوقف إطلاق النار، وقرّرت الانصياع للحوار».
وفيما رحّبت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بإعلانات وقف إطلاق النار الأحادية الجانب، التي صدرت عن الأطراف، داعية جميع الأطراف إلى العمل معها على تحديد عناصر وقف إطلاق النار لضمان الالتزام به، اشترط «المؤتمر الوطني الليبي العام»، أمس، عقد الحوار في الأراضي الليبية للمشاركة فيه، معلناً أنه لن يشارك في حال استمرار جولاته في مقر الأمم المتحدة في جنيف.
وأكد «المؤتمر»، في بيان تلاه المتحدث باسمه عمر حميدان: « تمسكه بضرورة أن يكون الحوار على الأراضي الليبية»، مقترحاً مدينة غات الواقعة في أقصى الجنوب الليبي على الحدود الليبية مع الجزائر والنيجر مكاناً للحوار.
وأشار البيان إلى أن «المؤتمر» فوّض رئيسه نوري بوسهمين «القائد الأعلى للجيش» غير المعترف به "التنسيق مع رئاسة الأركان العامة للجيش الخاضع للمؤتمر والمجلس الأعلى للدفاع (في الحكومة الموازية) وقادة الثوار المنضوين تحت لواء الشرعية بوضع الآليات المناسبة لسير العمليات العسكرية الميدانية بالشكل الذي يهيّّئ الظروف الملائمة لإنجاح هذا الحوار»، على حد وصفه.
وتأتي هذه التطورات على المستوى السياسي والعسكري، غداة استهداف السفارة الجزائرية في طرابلس، السبت، بإلقاء حقيبة متفجرات عليها، ما أدى إلى سقوط ثلاثة جرحى بينهم شرطي، كما ألحقت أضراراً مادية بالمبنى والسيارات القريبة، بحسب ما أفادت به مصادر أمنية وشهود.
وقال مسؤول في جهاز الأمن الدبلوماسي إن «سيارة مرّت بجانب السفارة وألقى من فيها حقيبة المتفجرات على سيارة الشرطة قرب غرفة الحراسة وانفجرت بعد لحظات»، مضيفاً أن «شرطياً في جهاز الأمن الدبلوماسي أصيب بجروح بالغة، فيما تعرّض مواطنان، تزامن مرورهما ساعة الانفجار، لإصابات طفيفة وغادرا المستشفى بعد تلقي العلاج اللازم».
من جهتها، دانت وزارة الخارجية الليبية الانفجار، مؤكدة أنها «تتابع بأسف شديد العمليات الإرهابية التي تتعرّض لها مقار البعثات الدبلوماسية» في طرابلس، كما دان وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، التفجير. وقال للإذاعة الجزائرية: «نحن نساعد من أجل حمل الأشقاء في ليبيا على اللجوء إلى الحوار والمصالحة وصولاً إلى حل شامل»، معرباً عن تأييده «الخطوات المتواضعة التي انطلقت في جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة».
وفي السياق، أفاد مصدر أمني جزائري بأن التفجير الذي استهدف السفارة، جاء رداً على اعتقال مسلّحين ليبيين تابعين لفصائل سلفية «جهادية» مقربة من تنظيم «داعش» منذ أيام.
(رويترز، أ ف ب، الأناضول)