ردت الأمانة العامة للأمم المتحدة على الطلب الفلسطيني للانضمام إلى نظام روما الأساسي، الذي يخولها رفع دعاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، بالموافقة، على أن يدخل الطلب حيز التنفيذ في الأول من نيسان المقبل، بعدما جرى تقديم الطلب مطلع هذا الشهر.يأتي هذا الإعلان عقب تصريح «الجنايات الدولية» بقبول الحكومة الفلسطينية اختصاص المحكمة النظر في أحداث الحرب التي شنت على غزة صيف 2014.

في السياق، قال رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إنه يتعرض لضغوط كثيرة وتهديدات بعد قرار السلطة الانضمام إلى المحكمة الجنائية، مضيفا أن الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي «جاء بعد اليأس من مساعي التوصل إلى حل». وتساءل عباس، خلال مشاركة في عشاء أعياد الميلاد وفق التقويم الشرقي أول من أمس، قائلا: «قررنا أن نشكو همنا لأكبر محكمة في العالم، فانطلقت الضغوط ولا تزال التهديدات»، كما أعرب عن أسفه لفشل مجلس الأمن في «إحقاق الحق».
وأعلن مصدر دبلوماسي فلسطيني أن عباس سيزور العاصمة التركية أنقرة، الإثنين المقبل، حيث يبحث مع المسؤولين هناك، الأوضاع الراهنة بعد رفض مجلس الأمن الدولي تمرير مشروع قرار إنهاء الاحتلال الإسرائيلي. وسيلتقي رئيس السلطة خلال زيارته التي لم يحدد مدتها، نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، وعددا من المسؤولين الأتراك. كذلك سيكون من ضمن جدول الزيارة بحث سبل إعادة إعمار قطاع غزة، فضلاً عما يجري في القدس المحتلة.
وزيارة عباس المرتقبة إلى أنقرة تعقب زيارة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، الذي شارك بصفته ضيفاً في المؤتمر الخامس لحزب «العدالة والتنمية» التركي الحاكم، في ولاية قونيا (وسط)، أواخر الشهر الماضي.
من جانب آخر، انتقدت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي قرار الحكومة الإسرائيلية تجميد تحويل عائدات الضرائب للسلطة، في خطوة عقابية على انضمام الأخيرة إلى المحكمة الجنائية. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، جنيفر ساكي، إن بلادها أبلغت السلطات الإسرائيلية أنها «غير راضية عن تجميد عائدات الضرائب الفلسطينية لكونها تُعد حركة تزيد التوتر»، لكن بساكي أكدت أن واشنطن ترى أن الانضمام إلى الجنائية الدولية «خطوة غير منتجة ولا تحقق شيئًا في سبيل دولة (فلسطينية) مستقلة وذات سيادة».
أما منسقة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، فقالت إنه ينبغي عدم تعريض «ما أنجزه الفلسطينيون من بناء لمؤسسات وبنية تحتية للخطر، عبر عدم وفاء إسرائيل بتحويل عائدات الضرائب للجانب الفلسطيني».
طالبت حكومة التوافق بتفعيل شبكة الأمان العربية لتعويض العجز المالي


وتعليقا على تأثيرات تجميد الضرائب، قال وزير التخطيط السابق في الحكومة الفلسطينية، سمير عبد الله، إن «إسرائيل باستطاعتها أن تحجب ما نسبته 85٪ من إجمالي الإيرادات المحلية الفلسطينية، كعقاب لحكومة التوافق والقيادة الفلسطينية، وذلك عبر إجراءين». وأوضح عبد الله أن الاحتلال نفذ مطلع الأسبوع الجاري «حجباً لأحد أهم مصادر الدخل الفلسطينية، هو إيرادات المقاصة التي تمثل نسبتها السنوية 74% من إجمالي الإيرادات المحلية».
ووفق أحدث بيانات الميزانية الفلسطينية، عن شهر تشرين الثاني الماضي، فإن إيرادات المقاصة بلغت خلال الشهور الأحد عشر الأولى من العام الماضي، نحو 1.865 مليار دولار أميركي، بمتوسط شهري بلغ 169.5 مليون دولار، وذلك من إجمالي إيرادات البلاد البالغة نحو 2.494 مليار دولار خلال المدة نفسها.
كذلك ذكر الوزير السابق أن «الحكومة الإسرائيلية بإمكانها الضغط أكثر على الحكومة، بالتضييق على حركة الصادرات، ما سيخفض نسبة إيرادات ضريبة الدخل والقيمة المضافة الفلسطينية، وفي النتيجة تراجع الإيرادات المحلية بنسب تراوح بين 10٪ إلى 12٪». وبلغ إجمالي إيرادات ضريبة الدخل خلال المدة نفسها نحو 185 مليون دولار أميركي، فيما بلغ إجمالي إيرادات ضريبة القيمة المضافة، نحو 243 مليون دولار أميركي، وفق بيانات ميزانية وزارة المالية.
هذا يعني بلغة السياسة أن على الحكومة الفلسطينية أن تتحرك سريعا قبل وقوعها في أزمة مالية، وخاصة أنها على أبواب إعلان موازنة 2015، ما قد يعني نسبة عجز كبيرة. وكل ما فعلته حكومة التوافق حتى الآن، هو دعوة الدول والجامعة العربية إلى ضرورة تفعيل شبكة الأمان العربية لمواجهة الضغوط الإسرائيلية المالية، وهي الشبكة التي أقرتها القمة العربية في الكويت عام 2010 بقيمة 100 مليون دولار مقابل أي عقوبات إسرائيلية.
في غضون ذلك، ذكرت الحكومة السويدية أن وزيرة الخارجية، مارغوت فالستروم، أرجأت إلى «أجل غير مسمى» زيارة كانت تنوي تنفيذها إلى إسرائيل والضفة المحتلة الأسبوع المقبل. وبينما لم يعلن المتحدث باسم السويد سبب الزيارة وتأجيلها، ذكرت وسائل إعلام عبرية أن هدف الزيارة كان تكريم ذكرى راول فالنبرغ، الدبلوماسي السويدي الذي أنقذ عشرات الآلاف من اليهود في بودابست من النازيين عبر منحهم وثائق سويدية في 1944 و1945، لكنها قالت إن وزير خارجية الاحتلال، افيغدور ليبرمان، لا يرغب في لقاء الوزيرة التي اعترفت بلادها بفلسطين أخيرا.