خلافات حادّة تعصف بين الأحزاب السياسية الكردية السورية منذ اتفاق «دهوك» الذي حصل بين «المجلس الوطني الكردي» و«حركة المجتمع الديمقراطي» (الإدارة الذاتية) في 23 من تشرين الأول الفائت، والذي نصّ على تشكيل مرجعية سياسية كردية بين الطرفين لإدارة «المناطق الكردية» عبر 30 عضواً، 12 منهم «مجلس وطني» و12 «حركة مجتمع ديمقراطي»، المقرّب من حزب «الاتحاد الديمقراطي»، و6 من الأحزاب والشخصيات خارج إطار الطرفين.
ومحور هذه الخلافات الاتفاق على الشخصيات الثلاثين الذين سيشكلون قوام المرجعية، ما يهدد بإعلان فشل «اتفاق دهوك»، ويجعل من الموقف الكردي ضعيفاً أمام الأميركيين والأوروبيين الذين نصحوهم عبر زيارات الوفود لهم بتوحيد الصفّ والرؤى ونبذ الخلافات والتشجيع، على أن تكون حكومة شمال العراق المرجع في حل أي خلاف. ولعل وتيرة الخلافات الأعمق كانت بين أحزاب «المجلس الوطني الكردي» الذي أصدر قراراً بفصل ثلاثة أحزاب هي الحزب الديمقراطي (البارتي)، وحزب الوفاق، وحزب «الوحدة الديمقراطي» من المجلس، معللاً قراره بأن «الأحزاب الثلاثة لم تلتزم قرار المجلس الوطني في اختيار ممثلي المرجعية السياسية». وبحسب البيان الصادر عن المجلس، فإنّ ما جرى كان لأسباب تنظيمية ومخالفات صريحة لقرارات المجلس الوطني التي أضرت به وبعلاقاته الداخلية وبصدقيته، وكذلك المرجعية الكردية السياسية». وأوضح البيان أنه «بدلاً من تحمل ممثلي تلك الأحزاب في المجلس لمسؤولياتهم الوطنية والحزبية أمام أعضاء أحزابهم تهربوا باتجاه تحميل المجلس وأعضائه بشكل شخصي مسؤولية ما حصل».
«البارتي»: القرار باطل تنظيمياً لأنه لم يتخذ بأغلبية 50%


سكرتير حزب «البارتي» نصرالدين إبراهيم، أكد لـ«الأخبار» أنّ «القرار باطل تنظيمياً لأنه لم يتخذ بأغلبية 50% من الأعضاء زائد واحد، فلم يصوّت له سوى 31 عضواً من أصل 65 هم أعضاء المجلس الفعليين واتخذ غيابياً دون حضور أحد من ممثلي أحزابنا». وبيّن إبراهيم أنّ «القرار يهدف إلى تعطيل اتفاق دهوك ورغبة الأطراف المهيمنة على المجلس في الاستحواذ على قراراته ومقدراته وإضعاف دوره». ورأى «أنهم يريدون استبعادنا ووضع ثلاثة ممثلين لثلاثة أحزاب أخرى تناسب تطلعاتهم». سكرتير حزب «الاتحاد الليبرالي الكردي» (أحد أحزاب «حركة المجتمع الديمقراطي»)، فرهاد تيلو، علّق على قرارات المجلس فأكد لـ«الأخبار» أن «القرار سياسي بحت ويعكس مزاجية وديكتاتورية المجلس الوطني التي فاقت ديكتاتورية أنظمة كثيرة». ورأى تيلو أنّ «المجلس الوطني لم يرتق إلى مستوى ما يجري في المنطقة، وأنهم ليسوا سوى أحزاب اتفقت في ما بينها على أجندات خاصة»، فيما رأى الكاتب والباحث الكردي فريد سعدون أنّ «المجلس الوطني كان معطلاً أصلاً وأن الخلافات موجودة دائماً بين أحزابه». ولفت في تصريح لـ«الأخبار» إلى أنّ «المرجعية المزمع انتخابها ستكون ذاتها الهيئة الكردية العليا المعطلة حالياً ولكن بلباس واسم جديد وأن صاحب القرار الحقيقي والمؤثر سيبقى حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)». وفي ضوء هذه الخلافات لا يبدو اختيار أعضاء «المرجعية السياسية الكردية» قريباً (كان من المقرر اختيارهم مطلع شهر كانون الأول) خاصة في ظل خلافات أعضاء «المجلس الوطني» على اختيار ممثليهم واستمرار اتهامات أحزاب أخرى «الإدارة الذاتية» التي قوامها ومحركها الأساس «حركة المجتمع الديمقراطي» بالتفرد بإدارة المنطقة من خلال القوانين والقرارات التي تصدر عنها، ما يهدد بفشل اتفاق دهوك ويغلق الباب في وجه أي محاولة لتوحيد القرار للكرد السوريين.