ربما لم يكشف رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو جديداً عندما أعلن أمام لجنة الخارجية والأمن، أمس، أن على إسرائيل «في هذا الوقت السيطرة على كل الارض (في الضفة الغربية) وذلك في المدى المنظور». قرن نتنياهو عبارته بتكرار تمسكه برفض الدولة الثنائية القومية. بإعلانه هذا، وتقصّده تسريب الأمر في وسائل الإعلام، يكون نتنياهو قد وجّه رسالة في اتجاهين، الأول داخلي والثاني تجاه السلطة الفلسطينية التي لا تزال تراهن وتعمل على خيار تسوية نهائية مع اسرائيل.
داخلياً، طمأن رئيس حكومة العدو معسكر اليمين المتطرف إلى أن حكومته لن تنسحب من الضفة في المدى المنظور، معتبراً أن الانسحاب في هذه المرحلة التاريخية ينطوي على مخاطر استراتيجية نتيجة الصراعات المحيطة وعدم ضمان استقرار الانظمة المؤيدة للغرب، مع ما قد يترتب على ذلك من سيناريوات تهدد الامن القومي الاسرائيلي.
كذلك أكد نتنياهو ما كشفته تقارير إعلامية إسرائيلية عن نيته سحب الإقامة من المقدسيين القاطنين في الأحياء التي بقيت خارج جدار الفصل العنصري، إضافة الى زيارة هذه الأحياء العربية في القدس المحتلة للاطلاع على مجريات الأمور عن قرب، عارضاً على أعضاء المجلس الوزاري المصغر مشاركته في الزيارة لاتخاذ قرار بشأن إقامة المقدسيين. وقدم أمام أعضاء اللجنة أسلوباً إسرائيلياً جديداً لمواجهة الشبان الفلسطينيين، بقوله إن لجنة حكومية تقنية تدرس تطوير تطبيق للهواتف النقالة يمكّن كل مواطن من الاتصال على الفور بقوى الأمن والإنقاذ الإسرائيلية في حالة وقوع حادث «إرهابي».

أطلق صاروخان من غزة في اتجاه موقع ناحل عوز العسكري وقد ردّت إسرائيل بغارتين

هكذا، يأتي تأكيد نتنياهو موقفه، بدراسة سحب الاقامة الدائمة من سكان أحياء القدس الشرقية الواقعة وراء الجدار الفاصل، بمثابة تلويح بإحدى الاوراق الدراماتيكية لمواجهة الهبة الفلسطينية. ومع أن الكشف عن ذلك أتى بالتزامن مع الاعلان عن تسوية تهدف الى احتواء غضب الشارع الفلسطيني، إلا أن إعلانه نيته سحب الجنسية الزرقاء رسالة الى الداخل، وجزء من الرسائل الردعية إزاء الشارع الفلسطيني.
في ما يتعلق بالبعد الداخلي، يعاني رئيس حكومة العدو من تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي لمصلحة وزير الخارجية السابق واليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان، باعتباره الاكفأ على مواجهة التحديات الامنية لإسرائيل. ويريد نتنياهو من تسريبه موقفه الى الاعلام، وتأكيده أمام لجنة الخارجية والامن، القول إن لديه خيارات دراماتيكية في مواجهة الفلسطينيين ومستعد للمبادرة اليها، أملاً بتعزيز رصيده في الشارع الاسرائيلي، على قاعدة أن من يدعو الى المزيد من قمع الجمهور الفلسطيني يحصل على أرقام أعلى في الاستطلاعات.
أما فلسطينياً، فيخشى نتنياهو عدم نجاح التسوية التي أعلن عنها في تهدئة الشارع الفلسطيني، كما تؤكد الاجهزة الامنية أنه حتى لو عاد الهدوء فإن إمكانية تجدد مثل هذه النشاطات ممكنة في أي مرحلة. ويريد نتنياهو بتلويحه بأحد أشكال العقاب الجماعي، ردع الفلسطينيين بعدما فشلت كل الاجراءات السابقة في تحقيق هذه النتيجة.
وكانت صحيفة «هآرتس» قد نشرت على صفحتها الاولى أن نتنياهو طرح خلال إحدى جلسات المجلس الوزاري المصغر، التي انعقدت قبل حوالى أسبوعين، فحص إمكانية سحب الاقامة من سكان الأحياء الفلسطينية في القدس الشرقية الواقعة وراء الجدار الفاصل. ونقلت القناة الثانية عن مصادر في مكتب نتنياهو أنه أمر بإجراء نقاش منظم حول هذه القضية، مبرراً خطوته بأن سكان تلك الاحياء لا يقومون بواجباتهم بينما يتمتعون بالحقوق التي تمنحها لهم دولة إسرائيل، ومشيراً الى عدم تطبيق القانون في هذه الأحياء.
وكشف مصدر شارك في الجلسة أنه «لا يوجد إجراء كهذا يتم من خلاله سحب الاقامة أو المواطنة بشكل جارف من آلاف الناس»، فيما وصف وزراء آخرون شاركوا في الجلسة هذه الخطوة بأنها «ذات أبعاد سياسية دراماتيكية».
وتعليقاً على ما تم تداوله عن نية إسرائيل سحب الجنسية من المقدسيين، شدد المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان دوغريك، أمس، على «ضرورة امتناع إسرائيل عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، من شأنها أن تؤدي إلى زيادة حدة التوتر».
على صعيد آخر، قدمت مدينة الخليل أمس 3 شهداء في 6 ساعات، وهم رائد جردات، وسعد الأطرش، وإياد جردات. فقد نفذ الشهيد رائد جردات عملية طعن انتقاماً للشهيدة دانيا ارشيد التي اغتيلت بالقرب من الحرم الابراهيمي وهي في طريقها الى جامعتها. وفي وقت لاحق، أطلقت شرطة العدو النار على الشهيد سعد الأطرش في الخليل، ومساءً أعلن استشهاد إياد جردات بعد إصابته برصاصة في رأسه. على صعيد آخر، وعملاً بالاتفاق الشفهي بين الاردن وإسرائيل، حاولت دائرة الاوقاف الاسلامية تركيب كاميرات مراقبة في المسجد الاقصى، إلا أن شرطة العدو، وبحسب بيان للأوقاف، «منعت وضع كاميرات مراقبة في المسجد بالرغم من إعلان إسرائيل موافقتها على هذه الخطوة».
الى ذلك، أطلق صاروخان من قطاع غزة في اتجاه موقع ناحل عوز العسكري، وقد ردّت إسرائيل بشنّها غارتين على برج الإرسال شرق المغازي، وبرج الإرسال في أرض المطار شرق رفح.