في خطوة لافتة في طبيعتها وفي توقيتها، وتعكس حرص حيدر العبادي على الاستجابة لكل المطالب الأميركية وتتقدمها المصالحة مع المعارضة وخاصة البعثية منها، عقد في بيروت خلال نهاية الأسبوع، مؤتمر ضمّ مسؤولين بعثيين سابقين وممثلاً عن رئيس الوزراء، وذلك برعاية الثري العراقي خميس خنجر، المعروف بأنه ممثل كل من السعودية وقطر في بلاد الرافدين، والقناة المالية التي تدعمان من خلالها المجموعات المسلّحة العاملة في هذا البلد، حيث بدا أن حجم الضغوط والرفض لتعيين عماد الخرسان أميناً عاماً لمجلس الوزراء، قد أتت أكلها تريثاً في المضي بهذه الخطوة.
وكانت صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية قد كشف، في وقت سابق من الشهر الحالي، عن محادثات سرية بين حكومة العبادي وشخصيات سنية عراقية ترتبط بمجموعات وعناصر من النظام «البعثي» السابق، في محاولة لضمهم إلى صفوف الجيش، والحصول على دعمهم لقتال تنظيم «داعش»، وذلك بضغط من الحكومة الأميركية وبرعاية منها ومن الأمم المتحدة.
وحضر مؤتمر بيروت ساسة عراقيون ورجال أعمال يقيمون في أربيل وعمّان ودبي والدوحة، يتقدمهم ممثلون عن «التحالف الوطني»، ومن هؤلاء النائب المقرب جداً من العبادي ومحط أسراره، علي العلاق، ورئيس الهيئة السياسية لـ«التيار الصدري» أمير الكناني، وأيضاً ممثلون عن «تحالف القوى»، منهم ظافر العاني وحيدر الملا، وكذلك النائب عن «التحالف المدني الديموقراطي» شروق العبايجي، بحضور قادة في حزب «البعث» المحظور، الذين يسعون إلى إسقاط العملية السياسية في العراق.
وتحدثت أنباء عن مشاركة سياسيين من المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بينهم الشيخ حميد معلّه الساعدي، إضافة إلى الممثل عن «التيار الصدري»، ضياء الأسدي، كما حضر المؤتمر عضو هيئة الدفاع عن صدام حسين محمد الشيخلي، وإعلاميون من قناة «الرافدين» البعثية.
وتحدثت معلومات وسائل الإعلام العراقية عن أن «المؤتمر يسعى إلى التفاوض مع قادة بعثيين، لإنهاء الحرب مع داعش في العراق بأقل الخسائر»، مشيرة إلى أنه أقيم تحت عنوان «عشر سنوات على الدستور العراقي.. رؤية نقدية».
وتثير رعاية الخنجر لهذا المؤتمر تساؤلات كثيرة، وخصوصاً أنه معروف بدعمه للجماعات المسلّحة في العراق، وبتهجمه على فصائل «الحشد الشعبي». وتنقّل الخنجر عبر أسلوبه السياسي النفعي، بين مؤيد للعملية السياسية مطلع عام 2003 وداعم متحمس، إلى معارض شديد لها، وبعدما كان لفترة عرّاب «القائمة العراقية» التي تقوّضت شعبيتها، ساهم في إنشاء «كتلة الكرامة» التي أنفق عليها الملايين ولم تكسب سوى مقعد واحد.
وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر في بيروت، أصدر مجلس القضاء الأعلى في العراق، أمس، مذكرة اعتقال بحق خميس الخنجر، بتهمة «الإرهاب»، فيما قرر مصادرة أمواله المنقولة وغير المنقولة ومنعه من السفر، وذلك وفقاً للمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب».
في غضون ذلك، يبدو أن الضغوط دفعت بالعبادي إلى «التريث في تعيين عماد الخرسان في أمانة مجلس الوزراء»، بحسب ما أفاد موقع «كل العراق». وذكرت مصادر أن «الكتب الرسمية للأمانة ستكون بتوقيع معاون الأمين العام لمجلس الوزراء رحمن عيسى حسن، حتى إشعار آخر».

أعلن قائد «الحشد الشعبي» في الأنبار إنشاء «قوة ضاربة» من أبناء المحافظة

وكان قرار العبادي، الذي أصدره قبل أيام بتعيين عماد الخرسان أميناً عاماً لمجلس الوزراء وتفريغ مهدي العلّاق لإدارة مكتبه، قد أثار اعتراضات من كتل سياسية مختلفة.
كذلك، أفادت مصادر أخرى بتريث الحكومة في تطبيق سلم الرواتب الجديد، وذلك بعدما كان مجلس الوزراء قد قرّر، في 13 من تشرين الأول، تعديل سلّم الرواتب الملحق بقانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام، وتوحيد المخصصات التي يتقاضاها موظفو الدولة كافة وتقليص الفوارق بينهم، على أن يطبق في الأول من تشرين الثاني المقبل.
على المستوى السياسي أيضاً، أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري ضرورة استمرار الدعم الأميركي للعراق. وبعد لقائه في مكتبه السفير الأميركي ستيورات جونز، أفاد بيان صادر عن مكتب الجبوري، بأنه أثنى «على أي دعم يصب في إسناد القوات العراقية بالمعلومات الاستخبارية والإسناد الجوي والتدريب والتسليح وضرورة استمرار هذا الدعم، ولاسيما في محافظتي الأنبار وصلاح الدين».
يأتي ذلك فيما أعلن وزير الدفاع خالد العبيدي، عقب لقائه في مكتبه أمس نظيرته الألمانية اورسلا فوندير، أنها دعت إلى أن «يكون هناك تعاون مشترك في الجوانب العسكرية للقضاء على إرهابيي داعش، لكون هؤلاء الإرهابيين يمثلون خطراً على أوروبا وألمانيا أيضاً».
ميدانياً، أعلن قائد «الحشد الشعبي» في محافظة الأنبار الفريق رشيد فليح، أمس، إنشاء «قوة ضاربة» من أبناء المحافظة، ستوكل إليها «مهمات خاصة»، مشيراً إلى أنها ستكون «فوجاً مرتبطاً بمقر الحشد الشعبي الرئيسي في الأنبار، وتعدّ قوة ضاربة تتجاوز 500 عنصر من أبناء الأنبار». وأوضح فليح أن «هذا الفوج سوف يُنشأ من خلال سحب قوات من جميع الأفواج في الحشد، التي جرى تدريبها وتسليحها وتجهيزها»، لافتاً إلى أن «التحالف الدولي مستمر في تدريب عناصر الحشد الشعبي من عشائر الأنبار، فضلاً عن تقديم التجهيزات العسكرية وبعض الأسلحة».
من ناحية أخرى، أكد فليح أن عدد أبناء المحافظة المنضمين لـ«الحشد» يبلغ 8000 مقاتل، موضحاً أن «هؤلاء موجودون في جميع مناطق الأنبار الخاضعة لسيطرة القوات الأمنية، ومنها حديثة والبغدادي والعامرية والخالدية والحبانية والكرمة».
وفي السياق، أعلن نائب قائد «الحشد الشعبي» في الأنبار اللواء طارق العسل، أمس، بدء إنشاء قوة من 1000 مقاتل من عشائر الرمادي، لافتاً إلى أن هذه القوة «ستشارك في تحرير المدينة ومسك الأرض بعد التحرير».
(الأخبار)