صنعاء | أكثر من علامة استفهام أحاطت بانتشار الأسواق السوداء لبيع المشتقات النفطية في اليمن، في الآونة الأخيرة. فتلك الأسواق اتسع نطاقها ولم تعد محصورة بشارع دون آخر ولم يعد بيعها يقتصر على التجزئة فقط، بل بات الكم والنوع حديث الباعة.
منافذ التهريب
على الرغم من اعتياد المواطن اليمني شراء نوع واحد من البنزين فقط، كشف البنزين المعروض في السوق عن تعدد مصادر التموين. فهناك أنواع لم تكن مألوفة كلون البنزين الوردي واللون المائل إلى الأخضر واللون الأبيض، ومعظم تلك الأنواع التي تباع على نطاق واسع، سعودية، كما يؤكد الباعة. وبينما تحتجز قوات «التحالف» قبالة السواحل اليمنية 370 ألف طن من الوقود منذ أشهر، تسمح بدخول المشتقات النفطية من المنافذ البرية والبحرية. ففي العاصمة صنعاء، معظم المشتقات النفطية المعروضة في السوق السوداء مصدرها مأرب والوديعة، وأخيراً يتم شراء كميات كبيرة من الشحر في حضرموت، وعلى الرغم من وجود مصافي صافر الحكومية التي تنتج في اليوم الواحد 8 آلاف برميل في مأرب، لا يباع النفط اليمني في الأسواق السوداء، بل إن أنواعاً متعددة من النفط السعودي تدخل من الأراضي السعودية إلى اليمن عبر التهريب أو بطرق رسمية كهبات للمجموعات المسلحة الموالية للعدوان.

تهريب عكسي

وبالرغم من نشاط مافيا تهريب المشتقات النفطية من اليمن إلى دول القرن الأفريقي خلال السنوات الماضية، إلا أن العام الحالي ومع استمرار الحصار، غيّر مهرّبو النفط وجهتهم من المياه الإقليمية اليمنية إلى السواحل اليمنية في ذباب والمخاء ورأس عيسى والخوخة وبتواطؤ من قوات «التحالف» الموجودة بالقرب من الشواطئ اليمنية عبر قوارب أو ما يسمى «سنابق» صغيرة.

اتهمت الأمم المتحدة «التحالف» بعدم الإيفاء بالتعهدات حول السماح باستيراد الوقود


ويتم التهريب عبر طرق رسمية تتمثل بإدخال ناقلات نفط تابعة لتجار نفط حصلوا على تراخيص رسمية أخيراً لاستيراد المشتقات النفطية وتمويل المصانع بالديزل، إلا أن شركة النفط أكدت أن التجار الذين منحوا تراخيص ثبتت مساهمتهم في انتشار الأسواق السوداء، ووجهت الشركة كل الموانئ النفطية في البلاد بعدم استقبال أي شحنات نفطية تابعة لأولئك التجار.
إلا أن إجراءات الشركة لم توقف استغلال تجار النفط، بل استمر نشاطهم وهو ما دفع الشركة في منتصف آب الماضي إلى إعلان براءتها من السوق السوداء، وأكدت أن بعض التجار يقفون وراء تلك الأسواق ويتم إدخالها عبر منشآت تابعة للتجار في رأس عيسى وفي المخاء. مصادر مؤكدة أفادت بامتلاك أحد التجار المؤيدين للعدوان منشآت خاصة في ميناء رأس عيسى النفطي الواقع في الحديدة، وأن تلك المنشأة حصل عليها من شركة النفط اليمنية قبل عامين وفق صفقة غامضة لاستثمارها لمدة 25 عاماً، ويستغل تلك المنشآت لأغراضه الخاصة.

اتهام رسمي

رئيس «الرقابة الثورية» علي العماد اتهم السعودية وحلفاءها بالوقوف وراء السوق السوداء لخلق تذمر لدى المجتمع ضد حركة «أنصار الله». وأشار في حوار صحافي أجرته معة صحيفة «نبض المسار» الأسبوعية إلى أن مليون ليتر مما يتدفق إلى السوق السوداء هي عبارة عن بترول تسلمه السعودية للقيادات الموالية لها في محافظة مأرب. وأكد أن أغلب البترول الموجود في تلك الأسواق ليس مهرّباً عبر الموانئ، بل هو بترول سعودي قادم لتمويل المرتزقة. وكشف العماد عن قيام السعودية بدفع البترول للموالين لها بدلاً من الأموال ليبيعوه في السوق السوداء، مشيراً إلى أن «العدو يسعى إلى استنزاف السيولة المالية بالريال اليمني وسحبها من السوق عوضاً عن دفع المال نقداً بالريال السعودي الذي كان يؤول مصيره في البنوك الحكومية».

هادي يخادع الأمم المتحدة

الرئيس الفار عبد ربه منصور هادي الذي اعترف بوقوفه وراء الحصار في رسالة بعثها إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مطلع الشهر الجاري أشار فيها إلى اتخاذه إجراءات تقضي بالسماح بدخول إمدادات النفط والغذاء إلى الموانئ المحلية. إلا أن المتحدث باسم الأمم المتحدة، فرحان حق، اتهم «التحالف» بعدم الإيفاء بالتعهدات التي قطعها بالسماح باستيراد الوقود والغذاء عبر الموانئ اليمنية، إلا أنه رغم ذلك لم تصل أي واردات تجارية ووقود.
وكانت البحرية الأميركية قد أكدت في تقرير صادر عنها أخيراً، تعمد «التحالف» بقيادة السعودية إعاقة وصول المساعدات جراء الإنذار الذي وجهته إلى السفن التجارية الموجودة قبالة ميناء الحديدة تطالب تلك السفن بالبقاء بعيداً عن الميناء لكون المنطقة محظورة.
وفي مخادعة للأمم المتحدة، سمح لسفينتين تابعتين لرجال أعمال بالدخول إلى ميناء الحديدة ولم يسمح لناقلات شركة النفط بالدخول، وهو ما اعتبره مراقبون التفافاً على الأمم المتحدة وتعزيزاً للأسواق السوداء لكون تلك السفن سيؤول مصيرها إلى الأسواق السوداء.