حركة اتصالات غير اعتيادية حول الأزمة السورية تدور منذ أيام. إلى الجانب الدبلوماسي وبثّ جو من «المتغيرات»، كانت التسريبات في وسائل الاعلام وغير مكان توحي كأنّ أفكاراً متفقاً عليها تحولّت بنوداً ووضعت على سكة الحلّ، لكن برغم موجة التواصل بين العواصم المختلفة، لا يزال هؤلاء في طور بلورة جدول أعمال الحدّ الأدنى، فمسألة مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد ما زالت العقدة الأولى بينما تعمل موسكو على أنّ «الشعب السوري يقرر مصيره»، أي امكانية اجراء انتخابات مبكّرة يُشارك فيها من يشاء، إلى جانب دفع فصائل مسلحة، محسوبة على «الجيش الحر» إلى الدخول في اللعبة السياسية.
الرياض وواشنطن تقرّان ببعض التقدّم، وأنّ «الخلاف هو على توقيت رحيل الأسد»، فيما كان الرئيس السوري يؤكّد أنّ «الموقف الروسي هو كتابة تاريخ جديد لأن هذه الحرب ستحدد مستقبل المنطقة والعالم، والانتصار ضد الإرهاب سيحمي ليس سوريا فقط بل جميع الدول».
وأكد الأسد، خلال استقباله وفدا روسياً يضم شخصيات برلمانية واجتماعية برئاسة رئيس لجنة شؤون الملكية في مجلس الدوما سيرغي غافريلوف، أن «القضاء على التنظيمات الإرهابية من شأنه أن يؤدي إلى الحل السياسي الذي نسعى إليه في سوريا وروسيا، ويرضي الشعب السوري ويحفظ سيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها».
وفي حديث لوكالة «تاس» الروسية للأنباء، قال ألكسندر يوشينكو، عضو البرلمان وأحد أعضاء الوفد، نقلاً عن الأسد إنه «مستعد لبحث إمكانية إضافة تعديل على الدستور، وإعلان إجراء انتخابات برلمانية، وأنه مستعد كذلك، إذا ما أراد الشعب السوري لخوض الانتخابات الرئاسية».
في المقابل، أعلن وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، عن مشاورات دولية لحل الازمة في سوريا لا يتضمن الرئيس بشار الاسد. واضاف، خلال مؤتمر صحافي مع نظيره المصري سامح شكري في القاهرة، أنّ بلاده تريد سوريا «موحدة متنوعة مستقرة وهناك مشاورات دولية لتطبيق اتفاق جنيف 1»، مشدداً على أن «مكان للأسد في مستقبل سوريا».
من جهته، أكد شكري أنّه «لا خلاف بين القاهرة والرياض بشأن الأزمة السورية»، مشدداً على «استمرار التواصل بين البلدين». وقال: «لا نقبل المساس بالأمن القومي العربي من خارج الاطار العربي»، موضحاً ان الجانبين بحثا تطورات الاوضاع في كل من سوريا واليمن وليبيا وكيفية تعزيز الامن القومي العربي.
وياتي ذلك بعد لقاء رباعي أميركي ــ روسي ــ تركي ــ سعودي، يوم الجمعة، في فيينا، لبحث سبل حل الأزمة السورية، إذ وصف وزير الخارجية الأميركي، جون كيري اللقاء بـ«البناء»، متوقعاً حصول اجتماعات أخرى مماثلة في الأيام المقبلة، في وقت شدد فيه لافروف على ضرورة مشاركة إيران ومصر في هذه الاجتماعات.
وقالت وزارة الخارجية الروسية، أمس، إنّ الوزير سيرغي لافروف ونظيره جون كيري بحثا هاتفياً «آفاق التسوية في سوريا بمشاركة الحكومة والقوى الوطنية المعارضة»، وذلك في اتصال هو الثاني من نوعه في غضون يوم. وعقب تلك المحادثة، اتصل لافروف بالوزيرين الإيراني محمد جواد ظريف والمصري سامح شكري ووضعهما في أجواء مجرياته.
إلى ذلك، أبدى ممثلون عن «الجيش الحر»، امس، استعدادهم لاجراء مفاوضات مع روسيا في القاهرة، مطالبين في الوقت ذاته موسكو بوقف قصفها لمواقع الفصائل التابعة لهم في عدة مناطق بسوريا. وأبدى منسق «مجموعة الإنقاذ الوطني»، فهد المصري، في تعليق لوكالة «نوفوستي»، استعداد «الجيش الحر لإرسال وفد رفيع المستوى عنه إلى هذه المفاوضات»، موضحاً انّه «جرى اقتراح عقد المفاوضات في القاهرة دون تحديد موعد زمني، وذلك بعد اللقاء مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، دون تلقي أي رد»، مشيراً إلى ان «عقد هذا اللقاء في أقرب وقت ممكن يصب في مصلحة روسيا والجيش الحر والشعب السوري».
بدوره، قال المتحدث باسم «الفرقة 13» في «الجيش الحر»، أحمد السعود، إنّ «روسيا ضربت فصائل الجيش الحر، والآن تريد التعاون معنا، وهي متمسكة بالأسد، لم نفهم شيئا من روسيا».
كما رأى القيادي في «الائتلاف» المعارض، سمير نشار، أنّه «بدلاً من أن تتحدث روسيا عن استعدادها لدعم الجيش الحر فلتتوقف عن قصفه»، مشيراً الى أن «80 في المئة من الغارات تستهدف الجيش الحر في حلب والساحل وحمص والغوطة الشرقية لدمشق».