القاهرة | لم يكن قرار وزارة الأوقاف المصرية بغلق مسجد الحسين بوسط القاهرة خلال هذه الأيام مفاجئا، فقد اعتادت الوزارة ذلك منذ فترة طويلة، لكن بيانها الرسمي حمل جديدا هذه المرة «منعا للأباطيل الشيعية التي تحدث يوم عاشوراء، وما يمكن أن يحدث من طقوس شيعية لا أصل لها في الإسلام، وما يمكن أن ينتج عن ذلك من مشكلات». وأكدت الوزارة، فى بيانها، أنها «ستتخذ كافة الإجراءات القانونية تجاه أي تجاوز يحدث في هذا الشأن».
وهذه هي المرة الأولى التي يقول فيها بيان للأوقاف تصريحا ضد الشيعة مباشرا بهذا الشكل «منعا للأباطيل الشيعية»، حيث كانت البيانات في السنوات السابقة لا تتعدى القول: «لمنع إقامة احتفالات للشيعة، والمسجد للصلاة فقط».
عشية ذكرى «عاشوراء»، ولمدة ثلاثة أيام بدأت قبل يومين وتنتهي غدا، تقرر إغلاق المسجد الذي يضم ضريح الحسين بن علي بن أبي طالب. وفيما اتخذ القرار وصدر من وزارة الأوقاف المصرية إلا أن مصدراً أمنياً قال لـ»الأخبار» إن «معلومات وردت للأجهزة الأمنية بأن شيعة مصريين كانوا سيقيمون طقوسا لهم اليوم (الجمعة) أمام المسجد، وبعد أن جرى ابلاغ وزارة الأوقاف بذلك وتخوف الأمن من استفزاز الشيعة لمشاعر المسلمين السنة، اتخذ القرار».

دوما ما ترفض وزارة الأوقاف وأجهزة الأمن أي طلب للشيعة بإقامة شعائرهم في أي مسجد

وأضاف المصدر أن «الخدمات الأمنية بوزارة الداخلية أشرفت على تنفيذ القرار بإغلاق ضريح المسجد حتى غدا السبت».
وقام الأمن بالفعل بمنع دخول أي مظاهر للاحتفال إلى المنطقة التي يقع فيها المسجد، رغم أنه يتوسط حيا سياحيا ويقع بالقرب منه سوق خان الخليلي، الذي يقصده مئات المصريين والأجانب. كما أن في مصر أكثر من مقام وضريح لآل البيت (ضريح السيدة زينب، وضريح السيدة نفيسة بنت الحسن، والسيدة سكينة، والسيدة عائشة). وتشرف وزارة الأوقاف على هذه الأماكن، حيث يتخذ المسلمون في مصر هذه الأضرحة أماكن يتبركون بها.
ودوما ما ترفض وزارة الأوقاف وأجهزة الأمن أي طلب للشيعة بإقامة شعائرهم في أي مسجد، وخصوصا «الحسين». وتعد هذه المرة الثانية، التي يغلق فيها المسجد في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي. سبق أن جرى ذلك العام الماضي، وفيما يرى البعض أن ما حصل عبارة عن موافقة من النظام على توجهات السلفيين الرافضين تماما لأي احتفالات شيعية بل وكل الاحتفالات الأخرى التي يمكن أن تجري حول الأضرحة والمساجد، يرى آخرون أن إغلاق المسجد وقت عاشوراء أصبح عادة لأي نظام مصري؛ فقد أغلق المسجد أيضا عام 2013 أمام الشيعة، وهي السنة التي حكم فيها «الإخوان» الدولة، والسنة نفسها التي شهدت قيام مئات من أهالي عزبة أبومسلم بمركز أبو النمرس جنوب القاهرة، بقتل أربعة من الشيعة وقت احتفالهم بليلة النصف من شعبان ضربا حتى الموت، أبرزهم كان الشيخ حسن شحاتة، أحد زعماء الشيعة فى مصر. وقد لاقت عملية القتل تلك قبولا لدى السلفيين وقتها، ولم يُحكم على القتلة إلا في حزيران الماضي، حين قضت محكمة جنايات الجيزة بمعاقبة 23 شخصاً من المتهمين بالسجن المشدد، لمدة 14 سنة، مع تبرئة 8 متهمين آخرين.
القرار الرسمي جاء غداة اعلان «ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت» -الرافض لاحتفالات الشيعة- عن تنظيم فعاليات ترصد أنشطة الشيعة أمام مسجد الحسين. وقال ناصر رضوان، مؤسس الائتلاف، إنهم «سيقومون بإبلاغ الأمن بكافة الأفعال التي يقوم بها الشيعة ضد الصحابة، لمنع أي تجاوزات ضد أهل السنة في يوم عاشوراء».
إمام مسجد الحسين وخطيبه، أسامة الحديدي، قال لـ«الأخبار»، إن «وزارة الأوقاف اتجهت لإغلاق المسجد رغم عدم وجود أي مظاهر شيعية للاحتفال درءا للشبهات والفتنة». وأضاف «نحن في غنى عن أي احتكاك، يكلف البلد الكثير. ومن أجل مصلحة الوطن ولم الشمل قررت الوزراة هذا، والمسجد مفتوح للصلاة أمام الجميع». وعن الخدمات الأمنية أمام المسجد، قال الحديدي «لم يتغير أفراد الأمن، ولم تتم زيادة عددهم، لأنهم قادرون على القيام بالمهمة».
المخاوف الشيعية من تصرفات السلفيين تجاههم تجددت في تصريحات القيادي الشيعي أحمد راسم النفيس، الذي قال إنهم «لم يعلنوا ما سيفعلون للاحتفال بيوم عاشوراء تجنبا لهجوم السلفيين عليهم، وحتى لا يتمكن السلفيون من الإضرار بهم».