نيويورك | عبّر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، في جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي شارك فيها من القدس عبر شاشة، عن تشاؤمه الشديد حيال الوضع في فلسطين.وقال دبلوماسي بريطاني رفض الكشف عن إسمه ان «الأعضاء الخمسة عشر صدموا من لهجة التشاؤم التي تحدث بها الأمين العام، الذي طالب بإدانة العنف».

بدوره قال مندوب روسيا فيتالي تشوركين ان «الوضع معقد ويقتضي عقد إجتماع للجنة الرباعية في الأيام القليلة المقبلة». وعلمت «الأخبار» أن بان دعا إلى إحياء حوار يؤمن ظروفا تؤدي إلى تطبيق حل دولتين. وقال إن معالجة الوضع في الحرم الشريف والمسجد الأقصى تعدّ خطوة ضرورية عاجلة من أجل «منع الأوضاع من الإنجراف نحو صراع ديني». ودعا إلى لجم العنف والتحريض الخطابي من الجهتين.
ولمّحت فرنسا خلال جلسة الجمعة الماضي الى أنها أعدت بيانا رئاسيا يدعو إلى إبقاء الوضع على حاله في المسجد الأقصى بالإضافة الى نشر مراقبين دوليين قرب الأماكن المقدسة. ودعا الفرنسيون إلى توزيع تقرير يتعلق بحماية المدنيين ويشدد على واجبات إسرائيل تحت معاهدات جنيف. لكن رغم صياغة البيان، الا ان المشروع لم يوزع على الأعضاء حتى الآن. وبعد تشاور باريس مع الدول الدائمة العضوية، عارضت الولايات المتحدة والأردن القرار كل لأسباب مختلفة. فالى الان، ترفض واشنطن أي حضور دولي في الأراضي المحتلة، وربما قد يتغير هذا الموقف بعد لقاء وزيري خارجية اميركا وروسيا جون كيري وسيرغي لافروف الجمعة المقبل او نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية. اما الأردن فأعلن عن رفضه القاطع لأي تغيير في صيغة وصايته على المسجد الأقصى، واعتبرت مندوبة المملكة في الامم المتحدة دينا قعوار ان اي تغيير يعتبر خطا أحمر.

دعا كيري الطرفين
الفلسطيني والإسرائيلي إلى الابتعاد عن «حافة الهاوية»


اما المجموعة العربية فلا تملك أي حل في الوقت الراهن لما يجري في فلسطين. إذ كانت المجموعة، برئاسة دولة الكويت، تنوي طرح مشروع قرار أمام مجلس الأمن يدعو إلى نشر قوات دولية مراقبة في شرق القدس ويطلب من القوات الإسرائيلية الإنسحاب من نقاط الصدام. لكن طرح المبادرة الفرنسية قوض المشروع الذي بات بحكم الميّت.
ووزع رئيس مجلس الأمن الدولي الليلة الماضية على أعضاء المجلس رسالة من الأمين العام تتضمن دراسة حول السوابق التاريخية التي ادارت فيها عصبة الأمم ثم الأمم المتحدة الأراضي المحتلة. وطلب بان مراجعتها للبناء على هذه السوابق، في ظل التعنت السائد.
في غضون ذلك، وبعد جلسة استمرت اربع ساعات مع رئيس حكومة العدو بينيامين نتنياهو، أعرب كيري من برلين أمس، عن تفاؤل حذر من دون أن يوضح تفاصيل ما جرى، لكنه قال «بات بالامكان طرح شيء على الطاولة خلال الايام المقبلة». وشدد على أن «وقف التصعيد وتهدئة الأوضاع ضرورة قصوى الآن». واضاف أنه ينبغي ايجاد طريقة جديدة تضمن التهدئة لأطول فترة ممكنة. ودعا كيري الطرفين الى الابتعاد عن «حافة الهاوية». وأعرب عن امله في ان تؤدي اجتماعاته مع نتنياهو وعباس والملك الاردني عبد الله الثاني نهاية الاسبوع الجاري، الى تهدئة الوضع. واضاف: «اتطلع بفارغ الصبر الى لقاء الملك عبد الله والرئيس عباس وآمل ان نتمكن من اغتنام الفرصة والتراجع عن حافة الهاوية».
مع ذلك، تشير مواقف نتنياهو بعد اللقاء الى ملامح تفاهم بينهما. وقال رئيس حكومة العدو إن «موجة الهجمات تنبع بشكل مباشر من التحريض. وللأسف تحريض (رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس) ابو مازن ايضا، واعتقد أنه آن الاوان كي يقول المجتمع الدولي للرئيس عباس بوضوح: توقف عن نشر الأكاذيب في ما يتعلق بإسرائيل، الأكاذيب التي تتحدث عن أن إسرائيل تسعى إلى تغيير الوضع في الحرم القدسي، وتخطط إلى هدم الأقصى، وتعدم الفلسطينيين. هذا افتراء». وبعدما اعرب عن التزامه بـ «الوضع الراهن»، اضاف نتنياهو أن اسرائيل «تحافظ على الاماكن المقدسة، وهي تعمل من أجل حماية مواطنيها، كما كانت أي دولة ديمقراطية ستفعل في وجه اعتداءات دامية وغير منقطعة».
من جهتها قالت منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، إنها بحثت مع نتنياهو خطوات عملية لتهدئة التوتر بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وقالت انها «نقلت إليه رسالة مفادها ضرورة أن نستكشف معا سبلا لوقف العنف وتهدئة الوضع، وإظهار الزعامة والتحلي بضبط النفس وأيضا بشأن لغة الخطاب». وقالت: «ناقشنا سبلا عملية لتهدئة الوضع على الأرض وضمان عدم تغيير الوضع القائم في الأماكن المقدسة».
وفي أول رد فعل إسرائيلي على التزام نتنياهو بما وصفه بـ «الوضع الراهن» في ما يتعلق بالمسجد الأقصى، هدد «حزب البيت اليهودي»، على لسان عضو الكنيست يانون مغال، انه «في حال قدم نتنياهو اقتراحا يمس بحرية العبادة لليهود في الحرم، لا نستطيع التعايش مع قرار كهذا في الائتلاف الحكومي». وذكر موقع «واللا» العبري أن نتنياهو قدم اقتراحا للاردنيين والفلسطينيين، يتضمن تخفيف عدد الزوار اليهود وغير المسلمين الى الحرم القدسي، من اجل تهدئة الاوضاع. ولكن، رغم محاولة «بيبي» تهدئة الأوضاع في الضفة، ورغم الحساسية الدولية في هذه الفترة تجاه قضايا الاستيطان، لبى نتنياهو مطالب المستوطنين بالمصادقة على منح تصاريح لبيوت تم بناؤها بغير إذن في مستوطنة ايتمار، بالإضافة الى سماحه ببناء مدارس ورياض اطفال واماكن عامة. وكانت خطة تطوير المدينة أحد اهم اهداف المستوطنين لدى اقامتهم خيمة الاحتجاج التي نصبوها امام منزل نتنياهو. مع ذلك، عقب المجلس الاستيطاني على قرار الحكومة بالقول أنه لا يرتقي لمستوى توقعات المستوطنة، وقال ان «البيوت المبنية في فترة تجميد الإستيطان صودق عليها، أي أن نتنياهو لم يأت بجديد، ومنع البناء أزمة حقيقية سببتها الحكومة الحالية».