مع ارتفاع عدد الإصابات بوباء «إيه إتش1 أن1» في مدارس الأونروا والمخيمات، ارتفعت نسبة الغياب في صفوف الطلاب أيضاً تبعاً لذعر الأهالي، ما دفع مديري المدارس واللجان الشعبية إلى السعي لطمأنة هؤلاء، حتى بالاتصال بهم شخصياً، ما جعل هذه النسبة تنخفض تدريجاً
قاسم س. قاسم
«صاروا يتصلوا ليطّمنوا على ولادنا، والله شي منيح»، يقول والد أحد الطلاب الفلسطينيين المسجّل في واحدة من مدارس الأونروا في مخيم برج البراجنة بعد تلقيه اتصالاً من مدير المدرسة لمعرفة سبب غياب ابنه عنها. الاتصال الذي تلقاه الرجل «مش لسواد عيوننا» كما يقول، فمديرو المدارس التابعة للأونروا أصبحوا مجبَرين، حسب ما قال، على الاتصال بالأهالي بإيعاز من إدارة الأونروا نفسها، للاطلاع منهم على سبب غياب كل طالب، وخصوصاً بعدما ارتفع عدد المصابين بوباء «إيه إتش1 أن1» في مدارس منظمة غوث وتشغيل اللاجئين (في بيروت وحدها) خلال 15 يوماً فقط إلى 28 حالة. الانتشار السريع نسبياً للوباء، قوبل بإجراءات صارمة من إدارة الأونروا التي عملت على إرسال جميع الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس الشهير إلى عياداتها في مرحلة أولى للتشخيص، ثم إلى مستشفى بيروت الحكومي للتثبت من نوع الإصابة، حيث يتوافر فحص «بي سي آر» الخاص بفيروس أنفلونزا الخنازير. ومنذ بداية العام الدراسي ولغاية الرابع والعشرين من الشهر الماضي «حوِّلت مئة وأربع حالات إلى مستشفى بيروت الحكومي» بحسب مصدر في الأونروا رفض البوح باسمه. وأضاف أن «أربعاً وستين حالة هي بانتظار حصولها على نتائج الفحوص، بينما جاءت نتيجة فحوص تسعة أشخاص سلبية، وهم مصابون بالأنفلونزا العادية، لتتأكد من جهة أخرى إصابة واحد وثلاثين شخصاً بالوباء». ويقول المصدر ذاته لـ«الأخبار» إنّ «مئة وثلاثة مرضى عولجوا في منازلهم، بينما عولجت حالة واحدة في المستشفى». أما خريطة توزّع الإصابات جغرافياً بين المخيمات، فهي على النحو الآتي: «ثمانٍ وعشرون حالة موزعة على مدارس الأونروا في بيروت، وثلاث حالات في مخيمات صيدا». هكذا، مع ارتفاع عدد المصابين بوباء «إيه إتش1 أن1»، تحركت اللجان الشعبية في مخيمات بيروت لمتابعة الموضوع، وخصوصاً بعدما «تأكد وجود إصابات في مخيم شاتيلا» كما يقول مسؤول في اللجنة الشعبية لهذا المخيم. هكذا، زار مسؤولو الفصائل واللجان الشعبية مديري المدارس للاطلاع منهم على عدد الطلاب الغائبين عن الصفوف ولمعرفة سبب غيابهم، فأكد هؤلاء لمسؤولي اللجان أن نسبة التغيّب عن الصفوف، وإن كان أصلها مرض التلامذة المعنيين بالأصل، ارتفعت بتأثير نشر الصحف لخبر وصول وباء أنفلونزا الخنازير إلى المخيم («الأنفلونزا تضرب مدارس الأونروا» الأخبار عدد 16تشرين الثاني) ليصل عدد المتغيبين في مدرسة البيرة مثلاً في برج البراجنة التي تضم 515 طالباً إلى اثنين وثلاثين حالة غياب، بسبب تخوف الأهالي من إصابة أبنائهم بالوباء. ومع ارتفاع عدد المتغيبين في المدرسة على نحو مقلق، عمد المدير «إلى الاتصال بأهل التلامذة الغائبين وطمأنتهم لتعود وتنخفض نسبة الغياب لديه مجدداً»، كما يقول مسؤول في اللجنة الشعبية في مخيم البرج. وبعد الطمأنات التي نالها الأهالي، يظهر سجلّ الغياب لمدارس الأونروا عودة الأمور إلى طبيعتها. ففي مدرسة حيفا التي تضم ستمئة طالب وثمانية عشر صفاً، بلغ عدد الغائبين فيها ما بين ثلاثة وخمسة تلاميذ في اليوم الواحد. أما في مدرسة اليرموك التي تضم مئتين واثنين وخمسين طالباً، فإن عدد المتغيبين وصل إلى خمسة طلاب. وكذلك بالنسبة إلى مدرسة طولكرم التي تضم مئتين وستة وستين طالباً، حيث وصل عدد الغائبين فيها إلى اثني عشر طالباً فقط. هكذا، لطمأنة الأهالي، اعتمد مسؤولو اللجان الشعبية في المخيمات الشفافية، فأخذوا يعطون أرقاماً بأعداد الذين نُقِلوا إلى عيادات الأونروا لتشخيص إصاباتهم. وفي مدرسة البيرة أُخذ اثنا عشر طالباً إلى الفحص الطبي، فتبين أنهم غير مصابين بالوباء. أما في مدرسة القدس فلم يحدد الطبيب أية حالة تستدعي النقل إلى مستشفى بيروت الحكومي، فقد «كان المتغيبون يعانون أمراضاً طبيعية»، كما يقول مسؤول في اللجنة الشعبية في مخيم البرج. أما في مدرسة حيفا، فقد أخذ طالبان فترة راحة وعادا بعد ثلاثة أيام إلى المدرسة مع تقرير طبي يفيد بعدم إصابتهما بالفيروس، بل بأنفلونزا عادية. ويؤكد مصدر في مدرسة حيفا، رفض هو الآخر التصريح باسمه، أن نتيجة فحص المعلمة الفلسطينية التي قيل إنها مسؤولة عن انتشار الوباء في المدرسة لأنها كانت مصابة بالأنفلونزا وجاءت إلى عملها كالمعتاد، «جاءت سلبية، أي إنها غير مصابة بفيروس «إيه إتش1 أن 1»، ما يعني أنها غير مسؤولة عن انتشاره في الصفوف» كما كان قد أُشيع في المخيم.