Strong>الحكومة تحاصر سوق السيارات المستعملة لضمان مصالح 15 شركة مسيطرة24 ألف دولار هو الفارق بين الرسم الجمركي المفروض على سيارة prado إنتاج عام 2009 وأخرى من النوع نفسه وتاريخ الإنتاج، لكنها مستعملة، والفارق بالطبع لمصلحة مستوردي السيارات الجديدة الذين لا يتمتعون فقط بحماية لوكالاتهم الحصرية في استيراد السيارات الجديدة، وإنما برسوم جمركية منخفضة تحميهم من المنافسة

رشا أبو زكي
لا يتوقف الدعم الحكومي للوكالات الحصرية التي تتمتع بها حوالى 15 شركة استيراد للسيارات الجديدة في لبنان عند القوانين والتشريعات التي تحصّن عمل هذه الوكالات واستمراريتها، وإنما يضاف الى هذا الدعم حمايات جمركية خاصة، تترجم برسوم جمركية منخفضة نسبة الى تلك المفروضة على السيارات المستعملة المستوردة، وحدود هذه الحماية الجمركية ضخمة فعلاً، وليست مبررة ولا حتى منطقية، إذ إن الرسم المفروض على سيارة جديدة مستوردة من نوع PRADO موديل 2009 هو 11 ألف دولار، فيما يرتفع على السيارة المستعملة من النوع نفسه وموديل 2009 كذلك الى حوالى 35 ألف دولار! فما الحكمة وراء وجود فارق في الرسم الجمركي بين هاتين السيارتين يصل الى 24 ألف دولار؟ مستوردو السيارات المستعملة يؤكدون أن القوانين والتعاميم الرسمية تعزز من امتيازات أصحاب الوكالات الحصرية في استيراد السيارات الجديدة على حساب مستوردي السيارات المستعملة، وذلك للقضاء على أي قدرة تنافسية من الممكن أن يتمتع بها قطاع السيارات المستعملة في مواجهة السيارات الجديدة... أما المسؤولون في الجمارك اللبنانية، فيبررون الفارق الكبير في الرسم الجمركي بين السيارات المستوردة المستعملة والجديدة على أنه نابع من ارتفاع أسعار السيارات المستعملة نسبة الى الجديدة، بسبب وجود تقنيات (options) تتمتع بها السيارات المستعملة وغير موجودة في الجديدة، وبعد هذا التبرير، تأتي الحجة المعلومة وهي، وفق أحد المسؤولين في الجمارك، تشجيع دخول السيارات الجديدة بهدف تجديد أسطول السيارات في لبنان!

مضاربة غير مشروعة

يوجد في لبنان نحو 1000 معرض للسيارات المستعملة، في المقابل تسيطر 15 شركة على استيراد جميع أنواع السيارات الجديدة، وعلى الرغم من أن عدد المعارض يعدّ كبيراً جداً، إلا أن وكالات استيراد السيارات الجديدة تعتبر من أقوى اللوبيات في لبنان بعد المصارف ومستوردي الدواء والنفط! ويقول رئيس نقابة أصحاب المعارض في لبنان وليد فرنسيس إن الرسم المفروض على استيراد سيارة صغيرة مستعملة موديل 2001 إضافة الى الـ TVA يصل الى حوالى 5 آلاف دولار، فيما ينخفض هذا الرسم على السيارة الجديدة المستوردة من النوع نفسه موديل 2009 الى حوالى مليون ليرة. وبينما يبلغ الرسم الجمركي على استيراد رانج روفر موديل 2009 حوالى 10 آلاف دولار، يرتفع هذا الرسم في حال استيراد السيارة نفسها موديل 2008 إلى 24400 دولار! ويلفت الى أن الهيمنة التي تمارسها 15 شركة على قطاع السيارات الجديدة تمتد الى استيراد قطع هذه السيارات، بحيث يتم تسعير هذه القطع وفق مزاجية الشركات وبأسعار تصل الى أضعاف السعر الحقيقي!
عمليات تبييض الأموال عبر تجارة السيارات في نموّ... ولا من يراقب!
ويشرح مصدر في الجمارك أن قانون تسعير الرسم الجمركي يخضع لمبادئ عدّة، ففي قطاع استيراد السيارات المستعملة من الولايات المتحدة الأميركية، يتم تحديد سعر السيارة المستوردة وفق الفاتورة، إضافة الى كتاب «blue book» الذي يحدد أسعار السيارات، أما السيارات المستوردة من أوروبا واليابان والخليج، فيتم تحديد سعرها وفق كتاب «سوبر جيفاغي». وبعد تحديد سعر السيارة، يتم احتساب الرسم الجمركي، الذي يبلغ 5 ملايين ليرة في حال تراوح سعر السيارة بين ليرة و20 مليون ليرة، يضاف إليها 2،5 مليون ليرة ضريبة على القيمة المضافة، أما اذا ارتفع السعر عن 20 مليون ليرة، فيرتفع الرسم وفق القيمة الزائدة 50%. لكن المعادلة تختلف في احتساب الرسم المفروض على السيارة المستوردة الجديدة. إذ يتم احتساب سعر السيارة وفق الفاتورة المثبّتة بشيك أو فتح اعتماد مصرفي أو حوالات مصرفية، ويتم احتساب الرسم الجمركي على أن تكون نسبته 10% من قيمة السيارة التي يبلغ سعرها 20 مليون ليرة (اضافة الى 10% TVA) ليصبح مجموع ما يدفعه المستورد 3 ملايين ليرة، ويرتفع الرسم 50% على الفارق الذي يفيض عن الـ 20 مليون ليرة... إلا أن فرنسيس يشير الى أن القوانين استنسابية ومصممة لمصلحة مستوردي السيارات الجديدة، ما يؤدي الى انتشار الفوضى العارمة في سوق السيارات المستعملة، لا بل يشير الى أن هذه الفوضى «منظّمة»... كيف؟

30% من السيارات «ملحّمة»!

لا يزال اللبنانيون يتذكرون الحادث الذي أودى بحياة النائب علي الخليل بسبب انشطار سيارته إلى نصفين على أثر اصطدام، وقد تبين نتيجة التحقيقات أن سيارة الخليل مستوردة كسيارة مستعملة وقد أخضعت في بلد المصدر لعملية تلحيم غير سليمة... إلا أن سيارة الراحل ليست الوحيدة، إذ إن السيارة مكوّنة من هيكل أساسي (أو شيسّي)، وهيكل مركّب (أبواب، مرايا...)، وإذا كانت السيارة مضروبة في هيكلها الأساسي فإنه لا مجال لإصلاحها إلا عبر نزع الجزء المضروب وتركيب آخر من خلال التلحيم، وحتى لو كان هذا الجزء هو نصف السيارة! وفيما كان استيراد السيارات المضروبة منظّماً في لبنان عبر إيراد عبارة «مصدومة» في بيانات السيارة، ما يجعل المستهلك على اطلاع على وضع السيارة قبل شرائها، تم تعديل هذا البند الجمركي منذ سنوات، بحيث جرى إلغاء إلزامية إيراد هذه العبارة، ليصل عدد السيارات المضروبة في الهيكل الأساسي المستخدمة في لبنان حالياً، وفق فرنسيس، الى 30% من السيارات! ويشدد فرنسيس على أن الغاء هذا البند جاء من ضمن عملية منظمة لضرب صورة قطاع السيارات المستعملة.
من جهة أخرى، فإن هذا الواقع شرّع أبواب تبييض الأموال عبر استيراد السيارات المستعملة من قبل بعض «الطارئين على المهنة»، كما يصفهم فرنسيس، ويشرح أنه يوجد في قانون استيراد السيارات ما يسمى «الاستيراد الخاص» الذي لا يخضع لأي نوع من أنواع الرقابة، إذ يقوم أحد التجار مثلاً في الولايات المتحدة الأميركية بأعمال غير شرعية، فيعطي مليون دولار مثلاً لتاجر سيارات لبناني يشتري بها حوالى 20 سيارة، ويسجلها على اسمه وأسماء أفراد عائلته والجيران، ويدخلها الى لبنان ليعيد الى التاجر الأميركي 900 ألف دولار بدلاً من مليون دولار، ويطرح السيارات للبيع محققاً ربحاً أولياً بقيمة 100 ألف دولار، وعندها يدخل في مجال المضاربة غير المشروعة.


8 سنوات

يجيز القانون رقم 150 الصادر في عام 1992 استيراد السيارت المستعملة على أن لا يتعدى عمرها 8 سنوات، وبالتالي في عام 2010 سيمنع استيراد السيارات موديل 2001، ليصبح الحد الأدنى لتاريخ إنتاج السيارة هو 2002


بين استيراد... واستيراد