إن استخلاصات العبر الإسرائيلية بعد لبنان 2006 وغزة 2008 لن تفيدها في حال اندلاع مواجهة مستقبلية مع إيران 2010، في ظل بروز أبحاث إسرائيلية ترى أنّ مواجهة بين الدولة العبرية والجمهورية الإسلامية «ستستمر طويلاً» وحسمها سيكون «صعباً»
فراس خطيب
في حزيران عام 1981، أقلعت ثماني طائرات إسرائيلية من طراز «إف 16» وقصفت مفاعل تموز العراقي. ألقت الطائرات أطناناً من المتفجرات على الموقع وعادت إلى قواعدها من دون تكبّد أي خسائر. لم يكن الطيّارون الإسرائيليون بحاجة إلى «محاولة التأقلم» على «أكل التمور»، كما طلب منهم قائد هيئة الأركان في حينه رفائيل إيتان، آخذاً في الاعتبار إمكان وقوعهم بالأسر. وتحوّل قصف المفاعل النووي العراقي إلى «نموذج» تاريخي «يتغنى به» الإسرائيليّون.
لكن ما حدث قبل 28 عاماً من الصعب تكراره اليوم مع إيران، في ظل المناخ السياسي القائم، لأنّ «الحرب» على الملف النووي للجمهورية الإسلاميّة تتداخل فيها متغيرات كثيرة تختلف كلياً عمّا اعتادته الدولة العبرية، التي حافظت (باتفاق مع الأميركيين) على التقدم بـ«خطوة» على أي لاعب في الشرق الأوسط.
لقد فرض المعترك السياسي في السنوات الماضية قواعد لعبة إقليمية ودولية جديدة لم ترغب تل أبيب بتغييرها منذ الرابع من حزيران عام 1967. وتعزّزت القواعد الجديدة بعد لبنان 2006، وغزّة 2008. ووفقاً لتحليلات أمنية إسرائيلية، إنّ تأجيل المسألة الإيرانية سيجعل طهران «قريبة من القنبلة النووية»، ويجمع المراقبون على أنّ إسرائيل ترى أنّ عام 2010 هو عام الحسم. حسم متوقف ـــــ بالنسبة إلى إسرائيل ـــــ على أداء دولي صارم تجاه إيران للحؤول دون تنفيذ مشروعها النووي، أو موقف دولي مؤيد لضربة عسكرية، ولا سيما أن الدولة العبرية تفضّل تنفيذ أجندتها بأدوات أميركية.
لكن ماذا ستكون الوضعية إذا اتجهت الدولة العبرية (في حال امتلاكها القدرة) منفردة نحو ضرب المفاعلات الإيرانية؟ ثمة حال من التخبط الداخلي في إسرائيل في الإجابة عن هذا السؤال، وخصوصاً أن إيران 2010 لا تشبه العراق 1981.
للإضاءة على حال التخبط الإسرائيلي، لا بدّ من الإشارة إلى بحث أجراه الباحث الإسرائيلي في المنظومة الأمنية، موشيه فيرد، ونشرت صحيفة «هآرتس» جزءاً من استخلاصاته. يؤكد البحث أن حرباً بين إسرائيل وإيران «من الممكن أن تتواصل لوقت طويل»، مشدداً على أن «الاستعداد الإيراني لدفع ضحايا كثيرين»، سيؤدي إلى حرب «من الصعب إنهاؤها».
ويزيد فيرد أن حرباً إيرانية ـــــ إسرائيلية ستُقاس بـ«سنوات لا بأشهر». وبحسب البحث، فإنّ الأمر نابع أساساً من «الرؤية الشيعية ـــــ الخمينية التي بموجبها يجب القتال والتضحية من أجل العدل وتصحيح الظلم تجاه الإسلام والمسلمين»، مشيراً إلى أنّ «الإيرانيين سيواصلون هذه الحرب حتى إنجاز أهدافهم، رغم الثمن الكبير الذي سيجبَرون على دفعه خلالها».
ويدعي فيرد أنَّ خشية المسؤولين الإيرانيين من «سقوط النظام الإسلامي»، من شأنه أن يدفعهم نحو وقف إطلاق النار، إلا أنه ينوّه بأن إسرائيل «ستجد صعوبة في تهديد صمود النظام في طهران». ويضيف أنه «في ظل غياب مخرج مقبول على الجانبين، من شأن الحرب أن تدوم وقتاً طويلاً جداً»، مذكراً بالحرب الإيرانية ـــــ العراقية التي دامت 8 سنوات.
ويؤكد الباحث الإسرائيلي أن هذا يلزم إسرائيل بإيجاد استعدادات سياسية وعسكرية ملائمة من خلال خلق شروط لإنهائها بسرعة، نافياً أن تتمركز الحرب في تبادل إطلاق صواريخ أرض ـــــ أرض. ورأى أنّ «من المعقول أن تواصل إيران الحرب من خلال مبعوثيها: سوريا، وحزب الله وحماس، وحتى محاولة دفع قوة خاصة إلى أرض سوريا ضمن اتفاقية الدفاع بين طهران ودمشق».