اعتصامات متزامنة للشيوعي وحركة الشعب واللقاء اليساري رشا أبو زكي
«200 عائلة تستأثر بثروات الوطن، ونصف اللبنانيين يعيشون بـ 3 آلاف ليرة يومياً»، تقرأ حنان السيد القادمة من برجا، هذا الشعار الذي رفعه الحزب الشيوعي اللبناني في اعتصامه أمس على طريق خلدة ـــــ بيروت، وتقول «حقنا أن نطالب بلقمة العيش، وأن نعتصم ضد السياسات الاقتصادية والاجتماعية الجائرة»... وفيما أعلن بدء الاعتصام عند الخامسة من بعد الظهر، أشعل المعتصمون أكثر من 20 مشعلاً، وتجمهروا بأعلامهم الحمراء قاطعين الطريق. وأمام السيارات المنتظرة عودة حركة السير إلى طبيعتها، امتدت 4 لافتات تطالب بتأمين التيار الكهربائي وخفض الضريبة على القيمة المضافة ومنع مشاريع الخصخصة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، إضافة الى خفض أسعار المحروقات... اللافتات الأربع كانت موحدة في اعتصامات متزامنة أقامها الحزب في خلدة والحازمية، وفي الكرنتينا حيث شارك في الاعتصام حركة الشعب واللقاء اليساري التشاوري... وأشار عضو المكتب السياسي في الحزب علي غريب إلى أن التحركات الثلاثة هدفها قطع منافذ بيروت من البقاع والشمال والجنوب وجبل لبنان، وهي استكمال لسلسلة تحركات بدأها الحزب بحملة «أين ليرتي»، وسوف تستمر بتحركات أخرى...
وحنان حملت الشعارات مثلها مثل مئات الشبان والشابات المعتصمين، فالتقنين في منطقة برجا وصل الى 17 ساعة يومياً، لا بل لم ينعم سكان المنطقة بالكهرباء حتى في عيد الاستقلال! تأخذ حنان مشعلاً متّقداً بالنار من رفيقها، وتقول «المشعل في مقابل عتمتهم، لقد حوّلوا حياتنا الى اللون الأسود»... علي محمد علي جاء من النبطية للمشاركة في الاعتصام، ويشير الى أن التقنين وصل الى 12 ساعة في النبطية، فيما المياه مقطوعة غالباً، وأن الـ 12 ألف ليرة من صفيحة البنزين التي تتقاضاها الحكومة من فقراء لبنان لسداد الدين العام، أصبحت تضع العائلات أمام مفاضلة: البنزين أو رغيف الخبز! ربيع علامة جاء من عدلون، يستغرب الشاب العشريني سؤاله عن سبب مشاركته في الاعتصام، ويقول «ما من حق مؤمّن للمواطنين، السؤال يجب أن يكون لماذا لا يعتصم اللبنانيون كلهم، ولماذا يتركون الزعماء يتحكمون في رقابهم ورقاب أطفالهم».
تتوقف الساعة قليلاً، تتوسط المشاعل الطريق، ويهتف الشباب «انزل عالشارع يا شعبي»... الطريق أصبحت مقطوعة، والمواطنون في السيارات يقرأون البيان الذي وزّع لشرح أسباب الاعتصام، يومئون برؤوسهم موافقين، ويتابعون سيرهم... تعلو الأغاني الثورية، ومن ثم تنخفض، ليبدأ غريب بإلقاء كلمته، التي شدد فيها على أن المشاعل والشموع التي يحملها المعتصمون هي رسالة إلى الحكام بأن هذا البلد تحوّل الى الظلمة بفضل سياساتهم الاقتصادية والاجتماعية، مشيراً الى أن السلطة السياسية بكل أطرافها جعلت من المواطنين رعايا، وحولت الثقافة والعلم الى مترسة طائفية ومذهبية، وانتزعت مفهوم المواطنية ليحل مكانها التقسيم والتجييش والشرذمة، وشدد على أنه «ليس هناك وزير معارض وآخر موال، كلهم متواطئون ضد مصالح الشعب اللبناني، وضد تأمين أبسط الحقوق، ومنها الكهرباء والمياه والمحروقات والرقابة وغيرها».
في الكرنتينا، الحشد كان أقل، إلا أن الشعارات كانت نفسها، وموقف الاعتراض على السياسات الحكومية كذلك، وقد شارك في الاعتصام الى الشيوعي حركة الشعب واللقاء التشاوري اليساري، هناك، أكد حسين مغنية، الذي شارك في الاعتصام، أن الهجرة أصبحت المنفذ الوحيد لكل شاب «ربما ليؤمن الأموال اللازمة لكي تدفع عائلته في لبنان الضرائب والرسوم المتزايدة على كل سلعة حياتية وضرورية، ولكي يستطيع شراء مولد كهرباء يعوض عن عائلته الانقطاع الدائم للكهرباء، ولكي تتأمن الأموال اللازمة لدفع ثمن المياه التي يتم شراؤها، وثمن المحروقات التي تقي من برد الشتاء»، فيما يقول جاد سليم إنه يعتصم ضد ارتفاع الأسعار وضد التقنين والأوضاع الاقتصادية عموماً، وهذه رسالة صغيرة للحكومة الجديدة لكي تعلم أن الشعب لن يسكت إذا استمرت بالنهج الذي اتبع سابقاً. فيصل صفير، بدوره شارك في الاعتصام، ضد الصعوبات المعيشية التي تعانيها أغلبية الأسر في لبنان، أما الضرائب غير المباشرة المفروضة على الفقراء قسراً، فهي السبب المباشر الذي دفعه الى الشارع للتحرك. ويشير صفير الى أنه «أصعب أمر في لبنان أن نصل الى أهدافنا عبر التحرك، وبالتالي من المفترض أن تتغير نوعية هذه التحركات وآلياتها ليصل الصوت بطريقة أقوى وأفعل».

ضدّ الخصخصة وباريس 3 وضد العتمة والضرائب غير المباشرة
وقال كامل صفا (حركة الشعب) إنه آن الأوان لإطلاق حركة مطلبية وطنية تحفظ الحد الأدنى من مصالح الغالبية الساحقة للبنانيين، و«آن الأوان لنقف ضد من يتقاسمون عائدات الدولة وينهبون المال العام الذي جمعوه من عرق جبيننا». وأعلن رفض كل الوعود الكاذبة التي تتكرر مع كل بيان وزاري، مشدداً على ضرورة تأمين الكهرباء وخفض أسعار المحروقات وتصحيح الأجور وتأمين الدواء...
المشهد ذاته يتكرر في الحازمية، البيانات حاضرة بين أيدي المارة، والشموع تضيء الطرقات وتنقل رسالة واضحة «نريد الكهرباء»، أحمد ترو الذي شارك في الاعتصام «لأن مصالح الشعب أصبحت في طاحونة الانقسامات المذهبية»، أشار الى أن من المستغرب أن تقتصر الاعتصامات التي تحمل هموم الشعب على الحزبيين، فيما يغيب عن الشارع المتضررون من السياسات الاقتصادية المتبعة، ويشدد على أن القوى اليسارية ستبقى مصرّة على خطابها المنحاز للطبقات الفقيرة الى أن تجعلهم يعون الأزمة التي يعيشونها، ومسببي هذه الأزمة...
فيما انتقد سعد المصري في كلمته الطريقة التي تألفت بها الحكومة لكونها راعت كل شيء باستثناء الوضع الاقتصادي الاجتماعي للناس، لافتاً الى أن ما يلقّب بـ«المعارضة» والموالاة اتفقتا على مجمل الخطى المستقبلية مثل الخصخصة وباريس 3، على الرغم من أن جزءاً منهم اعترف بفشل باريس 1 و2! ورأى أن الطبقة السياسية مجتمعة تتقاسم المغانم والحصص، وتسعى إلى تأبيد من دون الالتفات إلى القضايا المعيشية والاجتماعية الملحة.


500 ألف ليرة

هو الحد الأدنى الرسمي للأجور، الذي ارتفع منذ عام فقط، بعدما كان 300 ألف ليرة، فيما الدراسات تشير إلى أن الحد الأدنى يجب أن يتناسب مع الغلاء والتضخم الحاصل ويجب أن لا يقل عن 960 ألف ليرة، فيما تشير دراسات أخرى الى وجوب أن يناهز المليون و200 ألف ليرة.


... وعادت الطبقة البورجوازية!