يحيى دبوقكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، عن وجود خلافات حادة وغير معلنة بين جهازي «الموساد» وشعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش (أمان)، مشيرة إلى أن المسألة الأكثر إثارة للخلاف القائم بين الجهازين تتعلق بحجم التهديد الإيراني، والمرحلة التي قطعتها طهران في مشروعها النووي وسبل مواجهته وبشأن من يتولى قيادة هذه المواجهة، وخصوصاً الحصول على الموازنات المالية المخصصة لذلك.
ولفت مراسل الصحيفة للشؤون الاستخبارية والأمنية، رونين برغمان، إلى أن احتدام الخلاف يأتي في وقت توافرت فيه معلومات مقلقة لإسرائيل، منها علني نشرته صحيفة «التايم» اللندنية، عن مسودة اتفاق يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم ويرفع العقوبات عنها، وآخر سري نقله مصدر استخباري غربي لـ«يديعوت» يفيد بأن الوحدة التي تعنى بتركيب جهاز القنبلة «مجموعة السلاح»، والتي تعمل ضمن وزارة الدفاع الإيرانية، حققت تقدماً.
وتوقعت الصحيفة أن تؤدي هذه المعلومات إلى مفاقمة الصراع الخفيّ بين «الموساد» و«أمان» القائم في الأشهر الأخيرة، من ضمن سلسلة مواجهات خاضها الطرفان منذ سنوات، ولم تبدأ في عهد رئيس «الموساد» مئير دغان، الذي سبق أن رفض الالتزام بقائمة المهام التي تلقاها من شعبة الاستخبارات وعارض رأي الأخيرة في قضية استعداد الرئيس السوري بشار الأسد للسلام. إلا أن مركز المواجهة كان على المسألة الإيرانية.
لكن مسؤولي شعبة الاستخبارات يعتقدون، بحسب «يديعوت»، بأن سبب عداء دغان لهم يعود إلى أنه لم يمر في مسار التأهيل العام لـ«سييرت متكال»، ولا تلك التابعة لشعبة الاستخبارات. ويضيفون أن دغان، «كونه رجل العلاقات العامة، يبثّ في آذان السياسيين المنفعلين أسراراً عن أهمية ما يقوم به، ويبقي الإحساس لديهم بأن إسرائيل بوسعها أن توقف نهائياً المشروع النووي الإيراني، وأنه عندما وصلت المعلومات المقلقة عن التقدم الهائل الذي حققه الإيرانيون، كان هناك بعض السياسيين الذين فوجئوا بالأمر جداً».
وفيما يقرّ رجال الاستخبارات بأن دغان «رئيس موساد ممتاز، تمكّن من إلحاق أضرار كبيرة بالإرهاب وحقق نجاحات إسرائيلية في عرقلة المشروع النووي الإيراني، إلا أنهم يضيفون بأن هناك حدوداً لقدرة الاستخبارات، وهو ما جعلنا نصل إلى هذه النقطة».
وذكرت الصحيفة أنه قبل نحو ثلاثة أشهر، عندما ألقى دغان قنبلته أمام لجنة الخارجية والأمن بالقول إن إيران ستملك القدرة على إطلاق صواريخ نووية على إسرائيل في عام 2014، وقوبل في حينه بالانتقاد الحاد، قلّة فقط فهموا أن هذا الكلام كان طرف الجبل الجليدي في صراع دغان لإبقاء المسؤولية العامة عن المشروع النووي الإيراني لديه، وهي المسؤولية التي تنطوي على قوة هائلة وموازنات من دون حدود».
لكن مصدراً في شعبة الاستخبارات يقول إنه «حتى وفق تقدير الموساد، قبل أن يعدله دغان انطلاقاً من تطلعاته التنظيمية، من شأن إيران أن تصل إلى القنبلة النووية في الفترة الواقعة بين 2010 و 2011. وأنه في اللحظة التي تصل فيها إيران إلى القنبلة، لن يكون بوسع الموساد إعادة عقارب الساعة إلى الوراء. وبتعبير آخر، في الوضع الناشئ، فإن إمكانات الموساد تكون قد استنفدت نفسها جيداً وليس لإسرائيل وقت لتضيّعه. وعليه ينبغي الآن سحب المسؤولية من الموساد».
وأكد مصدر في الاستخبارات «أنهم قبل نحو ثلاثة أشهر، ذهلوا عندما سمعوا رجال الموساد يغيّرون فجأة تقويمهم للوضع دفعة واحدة، وبدلاً من الحديث عن 2010 ــ 2011 بدأوا يتحدثون عن 2014». وأضاف المصدر أن الهدف من هذا التقدير كان الإيحاء بأنه «لا يزال هناك المزيد من الوقت لعمل الموساد»، ولهذه الغاية قدم دغان تقديره أمام لجنة الخارجية والأمن، وأدى إلى إصابة الحضور بالصدمة».