strong>سلامة: خفض الدَّين ليس أولوية بفضل التضخم العالمي الآتيبات واضحاً أن المصارف تعيش أزمة السيولة الفائضة، لكن الخروج من هذا الواقع ليس أمراً سهلاً أو وصفة جاهزة، فالحل الذي اقترحه حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بتحرير كلّي لتوظيفات المصارف في الخارج وتمديد حوافز الإقراض... سيصطدم بمنافسة رؤوس أموال عربية ضخمة تبحث عن فرص لتوظّف فيها أيضاً

محمد وهبة
طرح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، أمس، في مؤتمر اتحاد المصارف العربية، التوجّهات الأساسيّة لعام 2010، وقال «إن هذه التوجّهات ستضاف الى النموذج الذي نعمل عليه من دون وجود أي نيّة للتغيّر مستقبلاً»، ما يعني أن السلطة النقدية تمارس نوعاً من الإنكار لمسؤوليتها في تراكم الودائع بطريقة غير مدروسة...
فالمؤشرات في لبنان تبدو «مقلقة»، إذ إن أصول القطاع المصرفي تتجاوز نسبة 300% من الناتج المحلّي الإجمالي، وتمثّل توظيفاتها في الدين العام أكثر من 56% من أصولها.
وكان لافتاً في كلمة سلامة المكتوبة، التي ألقاها في مؤتمر «الاستثمار العربي البيني في ظل نظام اقتصادي عالمي مستجد» المنعقد في فندق فينيسيا، رهانه على تحويل المخاطر التضخمية الى فرص تستفيد منها المصارف، وقال «إنه في ظل المخاطر التضخمية المتوقعة واحتمال ارتفاع أسعار الأصول والذهب، فالأولوية للبنان تكمن في مكافحة العجز في الموازنة لتحرير موارد إضافية للتنمية، لا في خفض الدين العام الذي تراجع حجمه نسبة الى حجم الاقتصاد والكتلة النقدية، الذي سوف تتراجع قيمته الفعلية بسبب التضخم العالمي الآتي، وتتراجع مخاطره نتيجة التحسن المتوقع بقيمة موجودات الدولة والبنك المركزي».
وعرض سلامة توجهات مصرف لبنان لعام 2010، كالآتي:
ـــــ مواصلة حضّ المصارف على التوسع خارج لبنان، والعمل على تحرير كلّي لتوظيفات المصارف في الخارج.
ـــــ حثّ المصارف على التسليف بالليرة اللبنانية وطرح إمكان تمديد آجال الاستفادة من الحوافز على المجلس المركزي لمصرف لبنان.
ـــــ العمل على تطوير أنظمة الدفع والتواصل الآلي والإلكتروني بين المصارف ومصرف لبنان، وسوف تنشأ قريباً في مصرف لبنان مديرية متخصصة بأنظمة الدفع.
ودعا سلامة إلى «تمديد آجال شهادات الإيداع المصدرة من قبل مصرف لبنان بالليرة اللبنانية، وإطلاق شهادات إيداع لسبع أو عشر سنوات عند الحاجة إليها بهدف ضبط السيولة، ما يؤدي إلى الحفاظ على نسبة تضخم بنحو 3% في 2009.

أي حلّ عملي؟

على الرغم من أن كلام سلامة، في المؤتمر، يحمل إقراراً ضمنياً بوجود أزمة في القطاع المصرفي تأكل من أرباح المصارف، إلا أنه لا يوضح ما إذا كانت هذه الخطوات تعدّ حلّاً عملياً من المصارف اللبنانية في ظل السياسة النقدية ـــــ المالية الحاليّة.
إذ يشكّك بعض الخبراء المصرفيين بنجاعة مثل هذا الحلّ، ويعتقدون أن منطقة الخليج «حُبلى» برؤوس الأموال التي تبحث عن استثمارات، فضلاً عن علمهم بأن قدرة الاقتصاد اللبناني على استيعاب رؤوس الأموال، هي محدودة.
المصارف العربية تدير أكثر من 2.2 تريليون دولار، وتستند إلى قاعدة ودائع تفوق تريليون دولار
وفي هذا الإطار، يقول سليمان حامد المزروعي من «بنك الإمارات ـــــ دبي الوطني»، إن سياسة جذب الودائع تبقى مستمرّة «حتى يتعزز الاقتصاد الوطني»، لكن في الحالة اللبنانية، «يبدو أن السيولة أصبحت فائضة بشكل هائل، وهناك حاجة إلى تحريرها عبر زيادة الاستثمار خارج لبنان، على الرغم من أن هذا الأمر يعرضها لمخاطر أعلى، ما يفرض الحذر والانتقائية في نوعية الاستثمارات وفي أي بلد ستكون».
ويقارن المزروعي السيولة الفائضة في لبنان بالموجودة لدى المصارف العربية، فيلحظ بأنها ليست كمية هائلة مقارنة مع الموجود في المصارف الخليجية، إذ إن أصول بنك الإمارات ـــــ دبي الوطني تبلغ 300 مليار درهم، أي ما يوازي 82 مليار دولار، «وهذا مصرفٌ واحدٌ فقط، وإذا جمعنا أصول القطاع في الإمارات وحدها فسيكون لدينا مبالغ هائلة! وبالتالي، فإن حجم الفائض في لبنان لا يمكن توظيفه في مشاريع عربية ضخمة، وذلك على الرغم من أن الكلفة التي تترتب على الاحتفاظ بهذا الفائض ستأكل من أرباح المصارف حتماً».
لكن الأمر بالنسبة إلى الأمين العام لاتحاد المصارف الكويتية، نبيل الصقعبي، يعتمد «على المقومات والظروف المحلية اللبنانية، ويتعلق أيضاً بأي سيولة يمكنها أن تخرج من لبنان بحثاً عن فرص استثمارية في غير دول عربية. فهي ستواجه عائقاً تواجهه كل رؤوس الأموال البينية، وهو عائق يتصل بالتشريعات في بعض البلدان، فيما المكان المناسب حالياً لأي رؤوس أموال هو في السودان ومصر، أما الاستثمار في قطاع العقارات فهو يجب أن يكون في دول الخليج».
ويخالف كلام الصقعبي، توجهات سلامة، إذ يشير إلى أنه في حالة لبنان، «يجب أن تتوجه رؤوس الأموال من القطاع المصرفي إلى مشاريع محلية في البنية التحتية... إلا أن دخولها كإيداعات فقط يمثل عبئاً على المصارف ليس منه أي فائدة».

منافسة عربية

إذاً، باتت توجهات سلامة مجرّد مواقف غير عملية تحدّ من جدواها المنافسة في المنطقة العربية ودرجة المخاطر العالية على الاستثمارات، ما يجعلها نقاطاً مشكوكاً بقابليتها للتنفيذ. ومن أبرز ما يستدل به لتوصيف واقع واتجاهات توظيف رؤوس الأموال العربية، هو ما أعلنه رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية، عدنان يوسف، في المؤتمر أمس، إذ أوضح أن المصارف العربية تدير أكثر من 2.2 تريليون دولار، وتستند إلى قاعدة ودائع تفوق تريليون دولار، وتعمل بقاعدة رأسمالية تزيد على 200 مليار دولار ويبلغ معدل نمو ودائعها وعملياتها التشغيلية 8%.
وفي المقابل، فإن الدول العربية باتت تحصل على حصة ضئيلة جداً من الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ إن حصّة الدول العربية من الاستثمار العالمي تقل عن 90 مليار دولار، أي ما يقل عن 6% من الاستثمار العالمي، فيما الديون المتعثّرة للمصارف العربية لا تمثّل سوى 1% من قيمة المحافظ التمويلية منذ بداية الأزمة المالية العالمية.


66 في المئة

هي نسبة دولرة الودائع في القطاع المصرفي حالياً، بعدما كانت 73% منذ سنة، لكن تدفّق الودائع إلى لبنان للاستفادة من الفائدة على الليرة اللبنانيّة أدّى إلى تراجعها، فباتت قيمة الودائع بالدولار توازي 60.8 مليار مليار دولار، والودائع بالليرة توازي 31.2 مليار دولار


تبادل المعلومات الرقابيةواتفق الطرفان على تعزيز المساعدة المشتركة وتبادل المعلومات لتمكين الطرفين من تنفيذ مهامهما المتعلّقة بسوق الأوراق والمؤسسات المالية، والتفاهم في مجالات التشريع لأنشطة المؤسسات المالية العاملة في الأسواق المالية، وتبادل المعلومات الرقابية المتعلقة بها.