قمّة الغذاء لم تقدّم للجياع سوى الفتات: الشركات تأكل كلّ شيء
انتهت قمّة الغذاء التي نظّمتها الأمم المتّحدة في روما بتقديم «الفتات» لجياع العالم، على حدّ تعبير منظّمة «Oxfam». وتزداد خطورة هذا الواقع في ظلّ أزمة أسعار جديدة في سوق المواد الغذائيّة تحدق بالفقراء. فقد حذّر مقرّر المنظّمة الدوليّة الخاص للحق في الغذاء، أوليفييه دي شوتر، في حديث إلى وكالة «رويترز»، من أنّ حدوث أزمة جديدة في أسعار الغذاء بات مجرد مسألة وقت، منتقداً زعماء العالم لعدم التصدي للعاملين الرئيسيين وراء ارتفاع الأسعار في 2008 وهما المضاربة والوقود الحيوي.
وتناول دي شوتر دور الصناديق الاستثماريّة، وقال إنّها ضخت استثمارات كبيرة في الأسواق الزراعية الآجلة في أواخر عام 2007 وتبع ذلك موجة من مراهنات المضاربين على استمرار ارتفاع أسعار الغذاء. وساهم ذلك في دفع أسعار الأغذية إلى مستويات قياسيّة حتى انفجرت فقاعة المضاربات.
وتابع أن زيادة الإنتاج واستخدام الوقود الحيوي المستخرج من سلع زراعية كان لهما أيضاً دور مهم في رفع أسعار الغذاء والأراضي.
وشهد العالم خلال العام الماضي، موجة حادّة من ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة، حيث وصلت نسبة الارتفاع في بعض الحالات إلى 100%. وأدّت تلك الموجة إلى سلسلة من التظاهرات والاضطرابات الأهليّة وحتّى السياسيّة.
وقال دي شوتر إنّ هناك «إشارات فعليّة» إلى حدوث أزمة قريبة «بسبب تذبذب أسعار النفط وارتباطها ارتباطاً كبيراً بأسعار السلع الزراعية. فبمجرد أن يقع منتج كبير في ضائقة ستبدأ المضاربة».
وفي ما يتعلّق بإعلان روما، قال المفوض الأممي إنّه جاء «ضعيفاً» في ما يتعلّق بموضوعي المضاربة والوقود الحيوي. وذكّر بأن توفير احتياطي من السلع وتخصيص حصص لإنتاج الوقود الحيوي هي تدابير قد تضع سقفاً للأسعار.
وانتقد دي شوتر أيضاً شركات المنتجات الغذائية والزراعية الكبيرة، قائلاً إنها تعمل «من دون أي نوع من الرقابة، وعادة بمستويات عالية جداً من التركيز، ما يمثل قصوراً كبيراً في السوق».
وفي هذا الإطار أضاف: «يواجه صغار المنتجين ممن يريدون دخول سلسلة الإمداد العالمية عدداً محدوداً من اللاعبين الذين يهيمنون على السوق ولديهم القدرة على تحديد الأسعار».
وأوضح أن هؤلاء المنتجين الصغار «ليس لديهم خيار سوى العمل من خلال مشترين كبار للسلع وشركات معالجة الأغذية الكبرى وشركات التجزئة الكبيرة للوصول إلى هذه السوق المرتفعة القيمة. وهم في موقف تفاوضي ضعيف جداً، وقدرتهم على الحصول على سعر عادل لمنتجاتهم محدودة جداً».
وبالعودة إلى نتائج قمّة الغذاء، فعلى الرغم من أنّها تبنّت في النهاية تحوّلاً في استراتيجيّتها باتجاه جعل البلدان النامية والفقيرة أكثر اعتماداً على نفسها زراعياً، غير أنّ عوامل كثيرة مثل التغيّرات المناخيّة والجفاف والفيضانات، إضافة إلى الأزمة الماليّة العالميّة، تبقى تمثّل حوافز لزيادة حصّة المساعدات الزراعيّة عالمياً. فقد وصلت تلك المساعدات في السنوات الأخيرة إلى مستويات منخفضة جداً، وتطالب منظّمة الغذاء والزراعة العالميّة (FAO) بأن تُرفع إلى 44 مليار دولار سنوياً خلال العقود المقبلة لحلّ أزمة المليار جائع عالمياً.
غير أنّ المجتمعين في العاصمة الإيطاليّة رفضوا طلب المنظّمة بضغط من البلدان الصناعيّة التي لم يحضر من زعمائها سوى رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني.
(الأخبار)