ردّت اسرائيل أمس على التلويح الفلسطيني بإعلان أحادي الجانب لدولة في الأراضي المحتلة عام 1967، بهجوم شمل كل المستويات. ووصل الردّ على «الوقاحة» الفلسطينية، إلى حد التلويح بضمّ الضفة
علي حيدر
استنفر حكّام إسرائيل، أمس، كامل قواهم للردّ على التلويح الفلسطيني بإعلان دولتهم أحادياً. وأوّل المتحمّسين للرد على سلطة رام الله كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي دعا، في كلمة ألقاها مساء أمس في مؤتمر «سبان» في القدس المحتلة، إلى «عدم كسر قواعد اللعبة، وعدم إعلان الاستقلال الفلسطيني من جانب واحد، والعودة فوراً إلى طاولة المفاوضات».
وحذّر نتنياهو السلطة الفلسطينية من الإقدام على خطوات أحادية بإعلان دولة فلسطينية من جانب واحد، قائلاً «لا بديل من المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية»، وإن «أي طريق أحادي يخرق الاتفاقات القائمة بيننا سيؤدي فقط إلى خطوات أحادية من قبل إسرائيل».
وأوضح نتنياهو أن «الطريق لتحقيق السلام هو عبر حل المشاكل على طاولة المفاوضات»، مضيفاً أننا «مستعدون لاتخاذ خطوات عملية ضمن إطار المفاوضات من أجل تحقيق هذا السلام، سلام حقيقي، يؤدي إلى نهاية النزاع بيننا وبين جيراننا، وبالطبع مع المحافظة على أمن إسرائيل».
ولفت نتنياهو إلى أنه «عندما يوجد اقتصاد فلسطيني، وعندما يوجد نموّ ينتج آلاف أماكن العمل، فإن هذا يساعد على تجفيف مستنقعات الفقر واليأس، وسيبلور أيضاً قوى داخلية تعارض الإرهاب، وللمناسبة هذا يحدث الآن إلى حدّ كبير».
ودعا نتنياهو الفلسطينيين إلى البدء بالمفاوضات بروح إيجابية، وأكد أن إسرائيل «لا تضع شروطاً مسبقة أمام الفلسطينيين من أجل الدخول في المحادثات»، مضيفاً «لقد قمنا، ومستعدون للقيام، بخطوات من أجل المساعدة على تدشين المسار السياسي». وخاطب الفلسطينيين بالقول «إذا بدأنا بالمحادثات، نستطيع أن نفاجئ العالم».
بدوره، رأى وزير الدفاع إيهود باراك، خلال جلسة للحكومة الإسرائيلية، أنه رغم كون الدولة العبرية «قوية ورادعة، ولديها اهتمام استراتيجي بالتوصل إلى اتفاق عبر المفاوضات، إلا أنه ينبغي دائماً النظر إلى البدائل». كذلك حذّر من أن يؤدي استمرار الجمود في العملية السياسية، إلى «تزايد التأييد الدولي لإعلان أحادي الجانب لدولة فلسطينية»، مشيراً إلى «تزايد المطالبة تدريجاً بإقامة دولة ثنائية القومية».
ولفت باراك إلى أن «كلا التهديدين لن يتحقّقا غداً صباحاً، لكن يحظر علينا أن نوهم أنفسنا حيال وزنهما». ورأى وزير الدفاع أن في أسباب ضعف التأييد الدولي لإسرائيل، وظاهرة تقرير غولدستون، «هناك حقيقة مفادها أن إسرائيل تسيطر منذ 42 عاماً على شعب آخر، وينبغي علينا أن ننهي هذا الأمر».
غير أنّ باراك سجّل موقفه الرافض إزاء إعلان فلسطيني من طرف واحد، عندما جزم بأن «التجربة تثبت أن تحديد الحدود من خلال الاتفاق أفضل من الخطوات الأحادية الجانب»، لافتاً إلى أنّ «من يتجه نحو خطوة أحادية الجانب، يخاطر بفقدان عناصر التعاون الضرورية وبمخاطر أخرى أيضاً».
من جهته، حذّر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان من أنّ إقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية «لن ينهي النزاع، بل سينقله إلى داخل الخط الأخضر» المحتل. ونبّه إلى أنّه إذا تحقق هذا الاحتمال، فسيدور الصراع مع «عرب إسرائيل الذين سيطالبون بإقامة حكم ذاتي في الجليل والنقب، وهو ما سيؤدي إلى نشوء ارتباط بينهم وبين السلطة الفلسطينية» الوليدة.
وفي السياق، أوضح الرئيس شمعون بيريز، في دردشة مع الصحافيين المرافقين له في جولته الأميركية اللاتينية، أنّ «من غير الممكن إقامة دولة فلسطينية من دون اتفاق سلام».
ورفض وزير المواصلات عن حزب «الليكود»، يسرائيل كاتس، التحذيرات إزاء جمود العملية السياسية التفاوضية، ملوّحاً بأن «الخطوات الأحادية قد تكون في كلا الاتجاهين، وبإمكاننا نحن أيضاً، إذا ما أعلن الفلسطينيون دولة، أن نعلن من جانب واحد أن الكتل الاستيطانية جزء من إسرائيل».
وفي محاولة لزيادة الشقاق بين فصائل المعسكر الفلسطيني، لفت كاتس إلى أن الجمهور «يدرك أن المشكلة هي بين (الرئيس محمود عباس) أبو مازن وحركة حماس لا معنا». وذكّر بأنه «في كل مرة كانوا يهدّدوننا بالدولة الثنائية القومية، لم يكن ينتج من ذلك شيئاً».
ولم يترك وزير الداخلية إيلي يشاي هذا السجال من دون مساهمته، فوصف تلويح الفلسطينيين بخطوة أحادية الجانب بـ«الوقاحة»، مطالباً بأن يكون ردّ الفعل الإسرائيلي عليها من خلال «إعلان ضمّ الضفة الغربية إلى إسرائيل».
أما رئيس الكنيست رؤوبين ريفلين، فشدّد على أن ثمة إجماعاً في دولة الاحتلال على أن الدولة الفلسطينية «لن تكون ذات سيادة كاملة، بل ستكون ذات حكم ذاتي، كما اقترح في حينه رئيس الوزراء الراحل مناحيم بيغن».
بدوره، أكد رئيس الوزراء السابق، إيهود أولمرت، وجوب استئناف التفاوض مع الفلسطينيين من حيث توقّف، على قاعدة أنه «إذا لم يقبل الفلسطينيون اقتراحي لتسوية الصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني، فلن تكون هناك جدوى من استئناف المفاوضات ومواصلة عملية السلام».
يُذكَر أنّ اقتراح أولمرت يقضي بالانسحاب من 93 في المئة من مساحة الضفة الغربية، وضمّ الكتل الاستيطانية إلى إسرائيل، وتعويض الفلسطينيين بأراضٍ في الجنوب الإسرائيلي توازي مساحتها 5.5 في المئة من مساحة الضفة، والانسحاب من الأحياء الفلسطينية في أطراف القدس الشرقية.