منذ بدء العدوان السعودي على اليمن في 26 آذار الماضي، حيّد «أنصار الشريعة»، (تنظيم القاعدة في جزيرة العرب)، نفسه عن إعلان موقفٍ من العملية العسكرية. لم يصدر أيّ قرار حاسم. لا موقف يؤيد أو يعارض «عاصفة الحزم» السعودية، بل تضامن ضمني، عند البعض، وتسليم بأن «الله قد ابتلى الظالمين ببعضهم»، بحسب مصدر مسؤول في «أنصار الشريعة».
ورغم الصمت «القاعدي» تجاه الحرب الدائرة، إلا أن «تمدد» تنظيم «داعش» واقتطاعه جزءاً من نفوذ «أنصار الشريعة» استنفر أنصار «القاعدة» الأم، فيما بدّل أنصار أبو بكر البغدادي «بوصلة جهادهم»، و«نفّروا أخوة جهاد الأمس».
ويرى أحد أوجه «القاعدة اليمنية» أن الشقاق الشعبي و«الجهادي» على أرض اليمن لم يكن حين «تمدد داعش». بل عند تفجير «داعش مسجداً لجماعة الإخوان المسلمين»، (مسجد المؤيد في صنعاء مطلع الشهر الماضي). وبرّر التنظيم عمليته بوجود مصلين «حوثيين»، إلا أن الإحصاءات الرسمية ذكرت أن الضحايا معظمهم كانوا من «أهل السنة» باستثناء 4 «حوثيين».
ويلتمس «القاعدي»، من منظوره، أن المزاج «السني» في صنعاء كان مؤيداً لتنظيم البغدادي الوليد حديثاً في اليمن. فقد استهدف وبتكرار «أنصار الله»، واستطاع أن يخلق بذلك «تعاطفاً شعبيّاً سنيّاً». إلا أن مسجد المؤيد كان فيصلاً، فصار «لعنهم صباحاً ومساء».
ويقسّم المصدر أهالي صنعاء إلى فئات ثلاث قد تختلف في ما بينها، إلا أنها تجمع على أن «الدعم والتأييد هما لمن يثخن الحوثي»، نافياً ما يتردّد عن «تعاطف سنّي مع الحوثيين». أما نقاط الاختلاف، فتتجلى في أن القسم الأول، الأقلّ عدداً، يؤيد السعودية في «حزمها وأملها». والثاني، وعدده أكبر قليلاً، «متضرر من العدوان السعودي، ويتعاطفون مع القاعدة أكثر من داعش». أما الجزء الثالث، فهم «الأكثر، من السابقين»، لا يفرقون بين «القاعدة وداعش، ويلعنون الاثنين». فهَمُّ «الناس في صنعاء ضرب عدوهم الحوثي». ويضيف المصدر في حديثه لـ«الأخبار» أنه «ليس معلوماً من استهدف الحوثي أكثر وأثخنه، أهو الجيش السعودي أم القاعدة... الله أعلم»، إلا أن الأهم هو «قتل الحوثيين...».
وعلى الرغم من أن هذا هو الأهم، بالنسبة إلى قطبي «الجهاد»، «القاعدة» و«داعش»، والمتفقان على أن الحرب على «الحوثيين دينية عقائدية، وليست سياسية». إلا أن الأخير قد دخل «بالأمس»، على خطوط الصراع في الساحة اليمنية.
ويمكن أن نلخّص تدخله في المحطات الآتية:
- الأولى، عند تفجير التنظيم مساجد المسلمين بمختلف انتماءتهم المذهبية والفكرية.
- الثاني، حين نشر «داعش» تسجيلاً مصوراً لإعدام عدد من جنود الجيش اليمني، ومعلناً حربه عليه وعلى «اللجان الشعبية».
-الثالث، وهو تفجير «داعش»، في اليومين الماضيين، الذي استهدف حكومة عبد ربه هادي منصور وقوات العدوان في عدن، إضافة إلى تجمّع «حوثي» في صنعاء.

أكثرية أهل صنعاء لا تفرق بين «القاعدة» و«داعش» وتلعن الاثنين

وأنتج الدخول «الداعشي» على خط المواجهة حالة من التشكيك عند مؤيديه. ويعكس ذلك مقالاً كتبه أحدهم. وانتشر في الأيام الماضية مقال بين «الجهاديين» يتساءل عن تفجيرات «الولاية في أرض اليمن». فهل هي «سياسة دول البغدادي؟ أم حيلته لعجزه» عن تحقيق أي تقدم ميداني منذ إعلانه.
ونُسبَ المقال إلى أحد مؤيدي «داعش»، وحرص على إظهاره بشكل «نقد داخلي» لسياسة التنظيم في فرع اليمن. إذ يرى الكاتب أن «داعش» تميّز في اليمن «ليس بالاقتحامات أو هدم الأسوار، بل بتفجير المساجد (السنية) وتسميتها حسينيات، هو أبرز فعل للفرع منذ نشأته!».
وينقل الكاتب أن مزاج أهل صنعاء «مستاء وينكر... ولكن يفضل الصمت والتجاوز!!». ليعاود «نقده» ويتساءل: «من يقود الفرع ويأمر بالعمليات؟». فهو «ليس مطلعاً على خصوصية الوضع اليمني واختلافه عن غيره». ويظهر الكاتب خشيته من «تصوّر القيادة (قيادة داعش) أن صنعاء بعد دخول الحوثي أصبحت قطعة من كربلاء أو النجف، وأن كل مساجدها أصبحت حسينيات»، غير أن الكاتب ينكر ذلك. ويؤكّد بشكل ضمني إلى أن «الحوثيين» حافظوا على تركيبة المجتمع في العاصمة اليمنية، ولم يعبثوا في مكوناته.
ويضيف أن «مساجد صنعاء زيدية أو التي استولى عليها الحوثي أخيراً... لم تصل إلى مستوى الحسينيات». وبمقاربته المقدّمة، يصل الكاتب إلى هذا التساؤل: «هل مسجد المؤيد حسينية؟ وهل مسجد الكبسي حسينية أيضاً؟». ويشرّع التنظيم «استهداف الحسينيات» بحسب الكاتب، ولكن على قيادته أن تراقب وتحاسب «من يقف وراء كل عملية في فرع اليمن... وتعزل من يتهاون في الدماء».
ويعيد الكاتب «تصويب بوصلة الاستهدافات»، حيث يجب أن «يكون استهدافاً للنقاط والتجمعات الحوثية، كذلك الأرتال العسكرية، وحتى التظاهرات التي ينظمونها»، ليخلص إلى أن «الفرع عاجز عن خوض معركة حقيقية ضد الحوثي، ويلجأ إلى استهداف المساجد ليثبّت وجوده في وسائل الإعلام؟!». لينتهي بتساؤله الأول «حيلة العاجز أم سياسة التنظيم؟»، متمنياً في منشوره «أن تكون الأولى لا الثانية».