بينما لا تزال الأنباء والتصريحات المرتبطة بـ«التحالف الرباعي» بين العراق وسوريا وروسيا وإيران، تخيّم على الأجواء السياسية العراقية، شدد رئيس الحكومة حيدر العبادي على ضرورة استكمال الإصلاحات، رامياً المسؤولية على الحكومات السابقة في «المعضلة» التي يواجهها العراق، في وقت كشف فيه تقرير نشرته صحيفة «ذي اندبندنت» البريطانية، عن محادثات سرية بين حكومة العبادي وشخصيات سنية عراقية ترتبط بميليشيات وعناصر من النظام «البعثي» السابق، في محاولة لضمهم إلى صفوف الجيش، والحصول على دعمهم لقتال تنظيم «داعش»، وذلك بضغط من الحكومة الأميركية وبرعاية منها ومن الأمم المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجولة الأولى من المحادثات جرت في العاصمة القطرية الدوحة، بداية الشهر الماضي، ثم تلتها بعد أسبوعين جولة ثانية في تنزانيا. وتقرّر عقد 3 جولات أخرى في الرياض وباريس والدوحة. وأوضحت أنها اطلعت على صور من الاجتماع في تنزانيا، حيث ظهر ممثلون عن حكومات غربية وأفريقية إلى جانب مسؤولين من الحكومة العراقية.
ونقل التقرير عن مشاركين في المحادثات، أنه جرى تحقيق تقدّم، مع إظهار المسؤولين السابقين في النظام البعثي، للمرة الأولى، تنازلاً في أن يحوز إقليم كردستان استقلاله التام، في العراق المستقبلي.

العبادي: الاتفاق الرباعي لا يتيح للدول نشر قواتها على الأراضي العراقية

وتشارك في الاجتماعات تسعة فصائل سنية عراقية، من بينهم ممثلون عن «الجيش الإسلامي في العراق» وكتائب الطريقة النقشبندية، وكلاهما ظهر في عام 2003 لمحاربة قوات الاحتلال، في أعقاب الغزو الأميركي. كذلك خاضت هذه المجموعات حرباً ضد الجيش العراقي جنباً إلى جنب مع «داعش»، العام الماضي.
كذلك، يشارك في المحادثات ضباط بعثيون سابقون من نظام صدام حسين، كانوا قد طُردوا من الحكومة، خلال فترة الاحتلال، وهم الآن يشكّلون عصب ما يسمى «المجلس العسكري»، فضلاً عن مشاركة عدد من القادة والسياسيين وممثلين عن العشائر السنية.
تقرير «ذي اندبندنت» يوضح أن التقدم الثاني في المحادثات، هو تأكيد جميع المشاركين التزام الدستور العراقي، الذي اعتمد عام 2005، والذي اعترف بالشيعة كأكبر مجموعة عرقية في البلاد، ولكنه أعطى وزناً سياسياً متساوياً بين الشيعة والسنة والأكراد. كذلك بُحث خلال جولتي المحادثات كيفية مكافحة تنظيم «داعش»، وفي هذا المجال، طالب ممثلو السنة بعدم مشاركة الحشد الشعبي في تحرير المناطق السنية في الموصل.
ويوضح التقرير أنه يؤمل أن تؤدي الاجتماعات إلى دور للسنة في الحكومة، بعد سنوات على استبعادهم من العملية السياسية.
في هذه الأثناء، أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أن الاتفاق الرباعي العسكري والاستخباري، بين بلده وروسيا وإيران وسوريا، لا يتيح لتلك الدول نشر قواتها على الأراضي العراقية. وأوضح العبادي، خلال افتتاحه مستشفىً جديداً في مدينة كربلاء، أن «الكثير من دول العالم تقف معنا في هذه الحرب ضد داعش»، مضيفاً أنه «لا يمكن أن أمنع أي دولة تريد مساعدتنا في هذه الحرب».
وبشأن غرفة العمليات التي اتُّفق على إنشائها في بغداد للتنسيق بين الجيوش العراقية والروسية والإيرانية والسورية في مواجهة تنظيم «داعش»، أشار العبادي إلى أن هذه الفكرة قد طرحت قبل ثلاثة أشهر، لكن حتى الآن لم تُنَفَّذ.
وفق العبادي، لا يوجد تعارض بين هذا الاتفاق و«التحالف الدولي» ضد «داعش»، الذي يضم نحو 60 دولة، ذلك أنه شدد على أن «الاتفاق الرباعي لا يعني مطلقاً وجود قوات أجنبية من دولة على الأراضي العراقية، لأن هذا سيُعَدّ خرقاً للسيادة العراقية». غير أنه قلّل من قيمة الضربات الجوية، من دون وجود مقاتلين عراقيين على الأرض، وقال إن «التحالف الدولي لم يقدم لنا الدعم المتوقع، لكننا نقبل كل ما يقدم لنا في الحرب ضد الإرهاب، ومن خلال ضربات التحالف الجوية، نحمي مقاتلينا على الأرض».
من ناحية أخرى، أشار العبادي إلى وجود ترهل في مؤسسات الدولة وهدر للمال العام، خلال السنوات الماضية، «بسبب سوء الإدارة والإهمال، وهي ظواهر تشكل أسوأ أنواع الفساد، الذي تعرّض له العراق»، موضحاً أن «بعض الفاسدين يأخذون نسباً من قيمة المشاريع المنفذة، وهو فساد آخر». وأقر العبادي بأن العراق يواجه، حالياً معضلة لأن «الحكومات السابقة أنفقت أموالاً طائلة لا مردود لها».
وكان الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري قد صرح أول من أمس، بأن «التحالف الدولي يعمل على احتواء داعش في العراق، وليس القضاء عليه، لمنع عودة مقاتليه إلى أوروبا وتهديد أمنها»، مؤكداً «أننا لا نرى الجدية الحقيقية المطلوبة لمقاتلة داعش». وفيما أكد العامري احترامه لـ«قرار الحكومة العراقية بشأن التحالف الدولي والسماح له بتنفيذ الضربات الجوية»، فقد لفت إلى أنّ «لدينا ثلاثة خطوط حمراء، وهي عدم السماح بإقامة أي قاعدة أميركية في العراق، ورفض وجود قوات برية، وعدم تسليح أي طرف من الأطراف خارج إطار الدولة».
في مقابل ذلك، اتهم النائب السابق لرئيس الجمهورية نوري المالكي، ضمناً، العبادي بمحاولته إعادة البلاد تحت الوصاية الأجنبية. وكتب المالكي على صفحته على موقع «تويتر»: «جاهدنا لكي يصبح القرار السياسي العراقي وطنياً بحتاً، مصدره الشعب، لكن هناك من يريد إعادة العراق إلى عصر الوصاية الأجنبية حفاظاً على مكانه».
كذلك، عبّر نائب مسؤول العلاقات الخارجية في حكومة إقليم كردستان، ديندار زيباري، في بيان، عن أن هناك تهميشاً من قبل الحكومة الاتحادية، من خلال عدم تنفيذ فقرات مواد الدستور العراقي الخاصة بمشاركة الإقاليم في صياغة السياسة الخارجية.
(الأخبار)