على الرغم من دخول محادثات الكويت يومها الخامس، لا تزال لقاءات الوفدين الممثلين لطرفي الصراع حبيسة خلافات أساسية حول النقطتين المعروفتين: الوقف التام لخروقات التحالف السعودي، ومضمون جدول الأعمال. ودخلت قضية خلافية جديدة يوم أمس على مسار المحادثات، تتعلق بالعمليات التي شنّتها قوات «التحالف» بقيادة إماراتية في الجنوب ضد تنظيم «القاعدة»، وخصوصاً في مدينة المكلا.
وطالب الوفد الذي يمثل حكومة الرئيس المستقيل عبد ربه منصور هادي وفد حركة «أنصار الله» و«المؤتمر الشعبي العام» بموقف من الحملة على «القاعدة»، الأمر الذي فاقم الإرباك الذي تشهده الجلسات واستدعى تأجيلها بضع ساعات. الطلب الجديد وضعته «أنصار الله» في خانة المزايدة، ولا سيما أن فريق الرياض نفسه رفض، في جولتي المحادثات السابقة في سويسرا، إدراج أي إشارة إلى تنظيمي «القاعدة» و«داعش» في جدول الأعمال، في تمسّك بحصر الأزمة بين التحالف السعودي وقوات الجيش و«أنصار الله».
الحملة الإماراتية المدعومة أميركياً لم يعلن أحد استثناءها من الأعمال العسكرية، التي من المفترض أن تتوقف بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وهي وسّعت نطاقها وكثفت من وتيرتها أمس، من دون أخذ التهدئة الشاملة بالحسبان ولا سير مفاوضات الكويت.
وبعد دعوة «وفد الرياض» إلى اتخاذ موقف من هذه الحملة، تأجلت الجلسة المسائية من الساعة الرابعة حتى السابعة. وقال المستشار الاعلامي لوزير الخارجية في حكومة هادي مانع المطري إن «هناك خلافاً في وجهات النظر بين الأطراف المتفاوضة حول العمليات العسكرية التي تجري في مدينة حضرموت ضد عناصر تنظيم القاعدة، إذ يعتبرها ممثّلو المؤتمر الشعبي العام وحركة أنصار الله جزءاً من خروق هدنة وقف إطلاق النار».
اتفق الوفدان على متابعة وتنسيق عمل لجنة التهدئة

وعلّق المتحدث باسم «أنصار الله» محمد عبد السلام على هذا الطلب، مذكّراً بأن الفريق المؤيد للعدوان هو من يرفض منذ بداية المشاورات السياسية أن نضع من أولويات المرحلة الاتفاق على مواجهة تحدّي «القاعدة» و«داعش» وتمددهما في البلاد، ويتهرب من ذلك حتى الآن. وتابع عبد السلام في حديثٍ صحافي، من العاصمة الكويتية، أن أي موقف آخر «نعتبره موقفاً للمزايدة وتضييعاً للهدف الرئيسي للمشاورات وهو تثبيت ووقف الأعمال العسكرية». ورأى أنه ما من حرب على «القاعدة» أو «داعش»، مضيفاً: «هم (التحالف) من دعموهما بمختلف أنواع الأسلحة والمال والغطاء السياسي».
وخلال اليومين الماضيين، جدّد «وفد الرياض» رفض مطلب «وفد صنعاء» تثبيت وقف إطلاق النار قبل الخوض في القضايا السياسية وفي المضمون الخلافي لجدول الأعمال. وأكد عبد السلام أنه حتى مساء أمس، لم يتطرق الوفدان إلى موضوع جدول الأعمال.
وفيما استمرت انتهاكات التهدئة الهشّة التي دخلت حيّز التنفيذ في العاشر من نيسان الجاري، كان عبد السلام قد قال عبر صفحته على موقع «فايسبوك» إن استمرار الغارات الجوية يؤكد أن الإعلان عن وقف الأعمال العسكرية «مجرد كلام عارٍ من الصحة، وأن مسار المشاورات في ظل العدوان لن يختلف عن الجولات السابقة». وأضاف «إذا لم يتم الالتزام بالبند الأول الخاص بتثبيت وقف الأعمال العسكرية الذي قدمته الأمم المتحدة ووافق عليه الجميع فغيره بالأولى».
وحاول «وفد الرياض»، لا سيما في جلسات اليوم الثالث، الخوض في جدول الأعمال الذي لا يزال موضع خلاف، الأمر الذي قوبل برفض من «وفد صنعاء» الذي جدد التشديد على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار أولاً بشكل نهائي.
ومع انتهاء الجلسة الثالثة يوم السبت، اتفق الوفدان على تكليف مندوبين من كلا الطرفين للتواصل والعمل مع غرفة عمليات لجنة التهدئة والتواصل لوقف تام لإطلاق النار وتسهيل عمل اللجان المحلية. وكان المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ قد أجرى اتصالات للضغط وتحقيق تثبيت التهدئة.
وعقد ولد الشيخ لقاءات ثنائية مع رؤساء الوفود. وأشار عقبها إلى أن أجواء المشاورات واعدة، وأن هناك أرضية مشتركة صلبة سوف يتم البناء عليها بهدف تقوية نقاط التقاء وجهات النظر والتوصل إلى حلول تفاهمية. وتابع ولد الشيخ أن على الجميع أن يدرك أن العملية التفاوضية حساسة وتستغرق وقتاً لكونها تهدف إلى التوصل إلى اتفاق ملزم على كل القضايا الخلافية حتى يكون الحل شاملاً وكاملاً. ورأى أن اتفاق الأطراف على تعيين عضوين رفيعي المستوى لمتابعة أعمال لجنة التهدئة والتنسيق بهدف تمتين وقف الأعمال القتالية «نتيجة مشجعة لليوم».