رام الله | مئات الشبان نزلوا إلى الشوارع يرتدون العلم الفلسطيني وساروا في تظاهرات غاضبة، تماماً كغضب الشهيدين مهند حلبي وفادي علون. أمطروا بالحجارة قطعان المستوطنين في معظم نقاط التماس في الضفة المحتلة والقدس. وجديدهم هذه المرة أنهم جعلوا من أجسادهم (لجان الحماية الشعبية) أسواراً واقية تحمي بيوت الشهداء والمواطنين من الهدم أو الاعتداءات.
ومنع الحراك الشعبي الشبابي، أمس، وقوع جرائم كانت ستعيد وجع حادثة عائلة دوابشة. ففي منطقة البالوع شمال رام الله، وتحديداً بالقرب من حاجز «دي سي او» على بعد بضعة كيلومترات من مستوطنة «بيت إيل»، نجت عائلة الهريني من موت محدق بعد هجوم المستوطنين بحماية جنود العدو الإسرائيلي على منزلهم المجاور للحاجز خلال ساعات الليل الأولى.
«أكثر من 300 مستوطن اقتحموا ساحة المنزل، كسروا نوافذه بالعصي والحجارة والألعاب النارية واشتبكوا مع بعض أفراد العائلة بالأيدي»، يقول المحامي وصاحب المنزل محمد الهريني. يضيف: «حاول جنود الاحتلال إخراجنا من المنزل ليتسنى للمستوطنين ارتكاب جريمة دوابشة ثانية هنا، لكننا رفضنا، ولولا مساندة الناشطين الشبان الذين تجمعوا أمام المنزل لما خرجنا سالمين».
ما إن اطلقت عائلة الهريني مناشدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والهاتف طلباً للمساندة، حتى توجّه عشرات الشبان إلى المنطقة المحيطة بالمنزل وتمكنوا من إنقاذ العائلة بعد اشتباكات دامت لساعات مع مستوطني «بيت ايل» والجنود المتمركزين على الحاجز، تماماً كما كانوا سداً منيعاً أمام محاولة هدم بيتَي الشهيدين حلبي وعلون.
أحد الشبان الذين صدوا الاقتحام، قال مشيراً إلى صدره: «هاي صدورنا... سور بنحمي فيه النساء والأطفال والشيوخ والرجال، كل الأمهات الفلسطينيات أمهاتنا وكل الأخوات أخواتنا وكل الأطفال أطفالنا، وإن ما خربت ما بتعمر».
الحالة الجنونية التي أصابت المستوطنين بعد إعلان مقتل اثنين أحدهما حاخام على يد حلبي، زادت عربدتهم واعتداءاتهم التي طاولت الفلسطينين في نقاط التماس والمناطق المحيطة بالمستوطنات، بالإضافة إلى الشوارع الرئيسية وحول الحواجز، وقد امتدت من شمال الضفة إلى جنوبها.
أما مجموعات التصدي، فكانت لا تقل مثلاً عن 300 شاب وشابة من مناطق وقرى مختلفة تجمهروا في محيط منزل الشهيد الحلبي ليلاً، وأغلقوا الطريق بالإطارات المشتعلة والحجارة. وبرغم وصول العدو إلى البيت واقتحامه فجراً، وإطلاق النار وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع بكثافة على المحتشدين داخله، إلا أنه لم يستطع هدمه، فعاث فيه تخريباً.
في الوقت نفسه، أصاب الجنون الإسرائيلي طواقم «جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني» التي ذكرت أن كوادرها وسياراتها تعرضت لأربعة عشر اعتداءً خلال 72 ساعة الماضية، معتبرةً ذلك تصعيداً خطيراً بحق الجمعية والخدمات الإنسانية التي تقدمها.