strong>قتيل وعشرات الجرحى في مواجهات رفح... وعبّاس يدافع عن الجدارأزمة جديدة تضاف إلى مجموعة الأزمات بين حركة «حماس» ومصر، تجلت في مقتل جندي مصري في مواجهات مع متظاهرين فلسطينيين عند رفح، حاولت الحركة الإسلامية امتصاصها، ووصفها بـ«سحابة صيف عابرة». مشكلة تزامنت مع توجيه النائب البريطاني جورج غالاوي، من غزّة، انتقاداً شديد اللهجة إلى القاهرة

غزة ــ قيس صفدي
دخلت حركة «حماس» في أزمة جديدة مع مصر ستزيد من تعقيد العلاقة المتوتّرة أصلاً بين الطرفين، عقب مقتل جندي مصري وإصابة تسعة آخرين، وجرح نحو 35 متظاهراً فلسطينياً، في صدامات عنيفة على جانبي الحدود الفلسطينية ـــــ المصرية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
أزمة دفعت عضو المكتب السياسي لـ«حماس» محمود الزهار إلى «تأكيد وجود اتصالات بين الحركة ومصر من أجل احتواء الأزمة». وقال، للصحافيين لدى استقباله قافلة «شريان الحياة 3» في غزة مساء أول من أمس، إن «حماس معنية تماماً بانتهاء الأزمة التي نشبت مع مصر بأيّ صورة من الصور»، مشيراً إلى أن «اتصالات تجرى بين قيادة الحركة الإسلامية والقيادة المصرية لتوضيح الحقائق والمواقف». وأضاف إن «الوضع ساخن ويحتاج إلى شيء من الوقت للتغلب عليه، وهناك توتر شديد إلّا أننا نحاول جاهدين أن نفكّك الأزمة».
وكانت وزارة الداخلية التابعة للحكومة المقالة قد أعلنت في وقت سابق أنها «ستجري تحقيقاً في الصدامات على الحدود»، داعيةً السلطات المصرية إلى «فتح تحقيق مماثل لتجنّب تكرار ما حدث». وفي تفاصيل الصدامات، قتل الجندي المصري أحمد شعبان (21 عاماً) وأصيب تسعة من زملائه، فيما جرح نحو 35 فلسطينياً، في مواجهات عنيفة اندلعت على جانبي الحدود على هامش تظاهرة دعت إليها «حماس» احتجاجاً على اعتداء الأمن المصري على قافلة «شريان الحياة» في ميناء العريش، ومصادرة جزء من مساعدات القافلة.
وقالت مصادر أمنية مصرية إن «شعبان قتل إثر إصابته بعيار ناري أطلقه مسلح فلسطيني، فيما أصيب تسعة آخرون جراء إلقاء الحجارة من جانب عشرات المتظاهرين الفلسطينيّين».
وقال متظاهر شارك في المواجهة، لـ«الأخبار»، إن «شعبان كان يطلق النار على المتظاهرين من برج مراقبة تحصّن داخله في الجانب المصري من الحدود»، موضحاً أن «مسلحاً فلسطينياً استهدفه انتقاماً للجرحى في صفوف المتظاهرين». في المقابل، أعلنت مصادر طبية في غزة «إصابة 35 متظاهراً برصاص قوات الأمن المصرية، بينهم خمسة في حال الخطر، منهم حالتا موت سريري».
وردد المتظاهرون هتافات ضد النظام المصري، الذي اتهموه «بالوقوف وراء حصار غزة، وعرقلة قوافل المتضامنين»، فيما تسلق متظاهرون يرفعون رايات «حماس» الخضراء الجدار الحدودي قبيل اندلاع المواجهات. واستغرقت قوات الأمن الوطني والشرطة التابعة لحكومة الحركة الإسلامية وقتاً قبل السيطرة على المتظاهرين وتفريقهم مستخدمة الهراوات. وفي السياق، رأى رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، أن ما حدث على الحدود «سحابة صيف عابرة في سماء الشعبين الشقيقين الذين تربطهما العقيدة والعروبة»، متقدماً بالتعازي إلى القيادة المصرية بوفاة الجندي شعبان. وأكد أن «الدماء المصرية والفلسطينية غالية علينا جميعاً»، داعياً إلى «ضرورة ضبط النفس والتحلي بكل المعاني الأخوية والاستراتيجية التي تربط مصر وفلسطين».
وكان أمين سر كتلة «حماس» البرلمانية النائب مشير المصري قد قال في كلمة غاضبة أمام المتظاهرين قبيل اندلاع المواجهات: «جئنا اليوم لنعلي الصرخات ونقول: لا الرصاص المصهور ولا الجدار المصبوب يمكن أن يفرض على شعبنا تراجعاً أو تقهقراً أو استسلاماً أو رفعاً للرايات البيضاء». دولياً، أعرب المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مارتن نيزركي، عن قلقه «بسبب حوادث العنف على الحدود مع غزة»، داعياً إلى «الهدوء واحترام السيادة المصرية».
في هذا الوقت، سمحت السلطات المصرية لقافلة «شريان الحياة 3» بدخول القطاع من خلال معبر رفح الحدودي. واحتشد مئات الفلسطينيين إلى جانب ممثلين عن الحكومة و«حماس» أمام معبر رفح وعلى جانبي الطرق المؤدية إليه في استقبال القافلة التي يقودها النائب البريطاني جورج غالاوي، الذي حظي بترحيب خاص، وحمله فلسطينيون على الأكتاف.
وقال غالاوي، في مؤتمر صحافي عقده في معبر رفح مساء أول من أمس، «جئنا من 17 دولة، وسافرنا أكثر من شهر لنكون معكم في فلسطين. نحن فخورون بوجودنا معكم». وشن هجوماً لاذعاً على النظام المصري، مشدداً على أن «الشعب المصري يستحق الكثير بعد تضحياته وتحريره لسيناء وقناة السويس، فهو بذلك يستحق قيادةً أكثر حكمة». إلى ذلك، جدّد رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، دفاعه عن الجدار المصري. وقال خلال زيارته إلى الكويت أول من أمس إن «قيام مصر ببناء جدار مع غزة هو حق مشروع لها». وتساءل عن أسباب حفر الأنفاق، داعياً إلى «ضرورة العودة إلى الجذور حتى تنتهي هذه المشكلة التي سبّبت الحصار على قطاع غزة».