بين معيارَي «الفقر المدقع» و«الفقر المطلق» اللذين اتبعتهما الأونروا أساساً لتوزيع المساعدات على أبناء المخيمات، ضاعت الطاسة وعُلّق التوزيع إلى حين، «بعدما قامت القيامة» على الوكالة
عين الحلوة ــ سوزان هاشم
بابتسامة ساخرة لا تخلو من الأسى، تهزأ خزنة يوسف من مخيم عين الحلوة، بالتصنيف الذي اتبعه جهاز الشؤون الاجتماعية في وكالة الأونروا أخيراً، لحالات العسر الشديد في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان. فعلى أساس التصنيف الذي وضعته الأونروا، نالت العائلة مبلغ 100 ألف ليرة فقط، وهي المساعدة التي ستقيها وأطفالها الثلاثة برد الشتاء وعوزه في الغرفة المسماة منزلاً. خزنة يوسف المصنّفة بين جيرانها بأنها الأرملة «المعترة والفقيرة»، فوجئت أخيراً بتصنيفٍ مغاير من الوكالة. فالأخيرة «رقّتها» من الحال المأساوية إلى رتبة «الفقر المتوسط»، أي العادي. فيما صُنّف جارها أبو عامر منصور، الذي يتقاضى راتباً «يُعَدّ جيداً في المخيم»، كما تقول يوسف، ضمن حالات الفقر المطلق، أي المعدم. بناءً على ذلك، منحت الأونروا عائلة منصور مبلغ 960 ألف ليرة. يعترف الرجل بعدم أحقيته في هذه المساعدة، فيما الأونروا لا تعترف. وفي هذا الإطار، يقول: «أنا مش فقير، ما عارف على أي أساس عم يصنفوا هالناس»، معلقاً على التمييز بين حالات العسر الشديد «بغير المفهوم، وإن تعددت التصنيفات فالفقر واحدٌ في المخيم».
مثالان وغيرهما الكثير لم يقنعا الأونروا بخطئها في توزيع المساعدات المالية التي قدمتها المفوضية الأوروبية وسلطنة عمان. فالوكالة، بحسب بيانٍ لها، تشير إلى أن تصنيفها للعائلات استند إلى نتائج الإحصاءات التي قامت بها. وعلى هذا الأساس، منحت «بناءً على هذا التصنيف مبلغ 25 ألف ليرة لبنانية للفرد في العائلة ذات الفقر المدقع أو ما يسمى الفقر العادي، أما بالنسبة إلى الأسر المصنّفة ذات الفقر المطلق، فيعطى الفرد في الأسرة التي لا يتعدى عدد أفرادها اثنين مبلغ 198 ألف ليرة ، و162 ألف ليرة للفرد في الأسرة التي تتعدى اثنين». لم تعجب هذه التصنيفات أبناء المخيمات، وهنا يشير أمين سر لجنة حق العودة في عين الحلوة، فؤاد عثمان، إلى أن «هذا التصنيف لم يخضع لأية معايير موضوعية، فالتوزيع لم يكن حسب الأولويات والحاجات، بل على أساس المحسوبيات والمصالح». أكثر من ذلك، يلفت عثمان إلى أن «العصيان المدني الذي أعلنه الأهالي مبرّر خلال عملية توزيع المساعدات»، مشيراً إلى أن تصنيف الأونروا «يستند إلى نتائج الدراسة لمشروع شبكة الأمان للعائلات ذات الفقر المطلق، وهي الإحصاءات التي ستعتمدها الأونروا مطلع الجاري لتوزيع المساعدات». على هذا الأساس، تسهم هذه الدراسة في شطب 30% من العائلات الفقيرة «لأنها ليست من العائلات المطلقة الفقر بحسب الأونروا». هذه الأسباب كلها، بحسب عثمان، دفعت بأبناء المخيمات إلى إعلان العصيان وبالأونروا إلى تعليق عملية التوزيع والاعتذار من الأهالي عما حصل، واعدة بإعادة دراسة الأمور.
مقابل هذه الفئة التي أعلنت العصيان المدني، تبقى هناك فئة أخرى غير آبهة بما يجري، فهذه لن تستفيد من أي مساعدة تطال المخيم، ما دامت غير مصنفة تحت أي معيار. وقد تكون هذه حال أم محمد حداد وغيرها من فاقدي الأوراق الثبوتية، التي تتلقف المساعدات بعيونها من دون أن تصل إلى يديها، ما يضاعف حسرتها. فحالة هؤلاء لا تمكنّهم من الحصول على بطاقة شؤون، وتالياً الحصول على التقديمات، لسبب بسيط، هو أنهم غير معترف بهم في سجلات الأونروا. لذلك لا يبقى أمام هؤلاء سوى الالتزام بـ«رحمة الله بركي بيفرجها».


الأونروا تعد بآلية جديدة

يعترف مصدر في الأونروا لـ«الأخبار»، بالخطأ الفادح الذي ارتكبته الوكالة في تحديد آلية توزيع المساعدات المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي وسلطنة عمان. وتبدأ هذه الأخطاء بـ«التسرع الذي رافق عملية التوزيع بسبب عدم التخطيط لها والنقص في المبالغ التي يفترض دفعها للأسر». وقد أدى ذلك، بحسب المصدر، «إلى الوقوع في المطبات». وأشار إلى أنّ «الوكالة وعدت اللاجئين بإعادة استكمال توزيع المساعدات المالية، مطلع العام الجاري، بعد التشاور مع اللجان الشعبية للوصول إلى حلول عادلة.