القاهرة | استطاع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، احتواء الخلافات المتصاعدة بين القاهرة وأديس أبابا على خلفية تعرقل التقارير الفنية الخاصة بسد النهضة، وذلك خلال لقاء في نيويورك مساء أول من أمس، ضم السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي، هيلا ماريام ديسالين، الذي جدد تمسك بلاده بـ«عدم الإضرار بمصالح مصر المائية»، والتزامها اتفاق المبادئ الذي وُقِّع في الخرطوم في آذار الماضي.
وفق الرئاسة المصرية، أكد ديسالين أن التأخيرات التي عرقلت عمل اللجنة الفنية كانت بسبب التعديل في حكومة بلاده، محدداً الخامس من الشهر المقبل موعداً جديداً لعقد اجتماع اللجنة الثلاثية الفنية، لصياغة اتفاقات جديدة ملزمة. والتاريخ المحدد يلي مباشرة موعد تسلم الحكومة الجديدة في إثيوبيا مقاليد السلطة، في وقت تواصل فيه أديس أبابا استكمال بناء السد، وسط ترقب مصري لمعدلات التنفيذ، عبر صور الأقمار الصناعية ولجنة متابعة تضم مسؤولين في وزارة الري المصرية.
وجدد ديسالين تأكيده أن سد النهضة يهدف إلى «تحقيق نهضة في بلاده والتخلص من الفقر وتوليد طاقة كهربائية»، مشيراً إلى أن نجاح مشروع السد «سيجعل منه رمزاً لتعاون دول حوض النيل بالمشروعات التنموية»، فيما أكد السيسي استعداد القاهرة للمشاركة في أي مشروعات تنموية ترغب أديس أبابا في إقامتها.
وشملت لقاءات السيسي لقاءً مهماً مع الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، حيث شكر الرئيس المصري نظيره الفرنسي على تيسير إتمام صفقة شراء مصر لحاملتي طائرات الهليكوبتر من طراز «ميسترال»، فيما أبدى الرئيس الفرنسي اعتزامه تشجيع الشركات الفرنسية على مزيد من العمل والاستثمار فى مصر.
وقال المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، علاء يوسف، إن الرئيس عرض بعض ملامح البرنامج الاقتصادي لمصر وما يتضمنه من مشروعات تنموية يجري تنفيذها، وما تتيحه من فرص استثمارية في مصر، في مقدمتها مشروع تنمية قناة السويس، الذي يشمل إنشاء وتطوير عدة موانئ وإقامة منطقتين صناعيتين في شرق بورسعيد والعين السخنة، مشيراً إلى أن الاستثمار في هذا المشروع يوفر فرصاً واعدة للإنتاج والتصدير من مصر إلى الأسواق العربية والأفريقية.
وأضاف يوسف أن السيسي أعلن عزم مصر على إنشاء العديد من المدن الجديدة، إلى جانب العاصمة الإدارية الجديدة، كمدينة العلمين ومدينة الجلالة، مشيراً إلى رغبة مصر في إمداد هذه المدن بالطاقة المتجددة، واهتمامها بتنفيذ هذه المشروعات بالتعاون مع الشركات الفرنسية والأوروبية.
وناقش السيسي وهولاند أهمية الحل السياسي للأزمة السورية، بما يوفر أرضية مشتركة للسوريين جميعاً لبناء سوريا الديمقراطية وذات السيادة على كامل أراضيها، وبما يحافظ على كيان الدولة ومؤسساتها، ويحترم تنوع مكوناتها ويصون انتماءها القومي، مشدداً على ضرورة تدارك أزمة اللاجئين والحيلولة دون تفاقمها، حيث يتعين البدء في جهود إعادة الإعمار عقب التوصل إلى تسوية سياسية، بما يسمح بعودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم ويشجعهم على الاستقرار فيه.
وفي الشأن الليبي، أكد الرئيس الفرنسي أهمية العمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية شرعية، بما ييسر التعاون مع الجانب الليبي والعمل على توفير احتياجاته في شتى المجالات. فيما أكد السيسي دعم مصر لجهود مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، برناردينو ليون، لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، بالتوازي مع دعمها المؤسسات الشرعية الليبية وجهود مكافحة التطرف والإرهاب، والحيلولة دون تدفق المال والسلاح إلى الجماعات الإرهابية في ليبيا، وضمان عدم تحقيقها لأي مكاسب جراء تردي الأوضاع الأمنية.
وحذّر السيسي من مغبة إضاعة الوقت حتى انتهاء ولاية البرلمان الليبي في تشرين الأول المقبل، مشيراً إلى أهمية تمديد ولاية البرلمان، إلى حين إجراء انتخابات جديدة نزيهة وشفافة، فضلاً عن أهمية دعم الجيش الوطني الليبي، ورفع حظر توريد السلاح المفروض عليه، ليتمكن من الاضطلاع بمسؤولياته في حفظ الأمن والدفاع عن الدولة.
وعلمت "الأخبار" من مصدر رئاسي مصري أن صفقات عسكرية جديدة جرت مناقشتها بين السيسي وهولاند، دون إعلان الأمر، حتى توقيع العقود خلال الفترة المقبلة، فيما سيجتمع وزيرا دفاع البلدين قريباً لمناقشة هذه الصفقات وآليات سداد تكلفتها.
وناقش السيسي مع رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، سبل تعزيز العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات، معرباً عن الأمل في أن تساعد الإصلاحات التي اتخذتها الحكومة على إعادة اللُّحمة بين أبناء الشعب العراقي، والمضي قدماً على طريق المصالحة الوطنية واستعادة أمن البلاد واستقرارها. كذلك شهد اللقاء استعراضاً لتطورات الأوضاع الإقليمية في عدد من دول المنطقة، ولا سيما في ما يتعلق بمكافحة تنظيم "داعش"، حيث شدد السيسي على دعم مصر للمؤسسات الشرعية للدولة العراقية، بما يُسهم في جهودها لمكافحة الإرهاب، ويضمن تحقيق الأمن والاستقرار ووحدة العراق وسلامته وسيادته على كامل أراضيه.
وكانت الأزمة السورية والحرب على "داعش" محور لقاء السيسي مع الملك الأردني، عبد الله الثاني، بالإضافة إلى الاعتداءات "الإسرائيلية" الأخيرة على المسجد الأقصى، وسبل حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في الشرق الأوسط.