منحت عطلة عيد الفصح اليهودي الحكومة الإسرائيلية فرصة مناسبة لترحيل ردّها المتوقّع على المطالب الأميركية إلى ما بعد العطلة، مع تواصل القلق الإسرائيلي من تداعيات الأزمة
مهدي السيّد
واصل مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية الإعراب عن قلقهم من احتمال تصاعد الأزمة مع الإدارة الأميركية على خلفية رفض الاستجابة لمطالب وضعها الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بشأن تجميد الاستيطان وتنفيذ خطوات لدفع العملية السياسية مع الفلسطينيين، في وقت رسمت فيه تقارير إعلامية إسرائيلية ملامح الصفقة الأميركية المقترحة على إسرائيل، تقوم على معادلة تجميد الاستيطان في القدس الشرقية لمدة أربعة أشهر، في مقابل عودة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لإجراء محادثات مباشرة.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس عن المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية قولهم إنه على الرغم من «التصريحات الأكثر اعتدالاً» التي أطلقها مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة، فإن التوتر في العلاقات بين الدولتين مستمر وإن الجانبين في الطريق إلى «جولة أخرى مقلقة أكثر» في الأزمة الحاصلة بينهما.
ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصادر سياسية اسرائيلية تقديرها بحدوث «ارتطام سياسي» جديد مع واشنطن جراء الرفض الإسرائيلي للمطالب الأميركية، وخصوصاً تجميد الاستيطان في القدس المحتلة لفترة محددة.
ومن المقرر أن يجدد المجلس الوزاري السباعي بحث رده على المطالب الأميركية خلال الأسبوع المقبل بعد انتهاء عطلة الفصح، حيث يتوقع أن يصل إلى إسرائيل المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل للحصول على الرد الإسرائيلي.
وعلى الرغم من إشارة إذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أقوال «معتدلة» للمتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس، لفتت إلى أن المسؤولين الإسرائيليين لا يلاحظون وجود أي ليونة في مواقف الإدارة الأميركية التي تتوقع الحصول على أجوبة رسمية وخطية على المطالب التي طرحهتا على الحكومة الإسرائيلية.
في هذه الأثناء، كشفت صحيفة «هآرتس» عن ملامح الصفقة الأميركية ـــــ الإسرائيلية للخروج من الأزمة بما يحفظ ماء وجه الإدارة الأميركية ويحقق لها إنجازاً سياسياً يمكنها استثماره من خلال إعادة أبو مازن إلى طاولة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل بغطاء من الجامعة العربية.
وبحسب صحيفة «هآرتس»، تطلب الولايات المتحدة من إسرائيل تجميد البناء في شرق القدس المحتلة لأربعة أشهر. ومقابل ذلك، ستضغط الإدارة الأميركية على رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن لإجراء محادثات مباشرة مع نتنياهو.
ونقلت «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن الإدارة الأميركية تطالب إسرائيل بتجميد البناء حتى في الأحياء اليهودية في شرق المدينة المحتلة، مثل نفيه يعقوب، والتلة الفرنسية، ورمات شلومو. وتكون مدة التجميد أربعة أشهر، لكون هذه هي الفترة الزمنية التي خصصتها الجامعة العربية لإدارة «محادثات التقارب» بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن الإدارة معنية باستغلال الأزمة مع إسرائيل لتغيير شروط بدء المفاوضات بين إسرائيل والسلطة بحيث تجرى محادثات مباشرة بدلاً من «محادثات التقارب».
ويعتقد الأميركيون أنه إذا وافق نتنياهو على تجميد البناء لأربعة أشهر، فسيكون ممكناً إجراء محادثات مباشرة.
وتطرقت «هآرتس» إلى الرد الإسرائيلي المتوقع على الاقتراح الأميركي، فأشارت إلى أنه في جولتي المداولات التي أجرتها «السباعية» في الموضوع، كان هناك توافق في الآراء بين كل أعضاء السباعية على ألا توافق إسرائيل على الإعلان عن تجميد للبناء في القدس. ومع ذلك، فإن إحدى الإمكانيات التي طرحت هي الوصول الى تفاهم هادئ مع الإدارة الأميركية في موضوع البناء في هذه المدينة.
وبحسب الفكرة التي طرحت في النقاش، توضح إسرائيل للولايات المتحدة بأنه «في الأشهر الأربعة القريبة، لن يخطط على أي حال لبناء مكثف في أحياء في شرق القدس، إذ عملياً يمكن اعتبار ذلك استجابة للطلب الأميركي والفلسطيني».
على صعيد آخر، أفادت صحيفة «الغارديان» البريطانية، أمس، بأن لجنة الشؤون العامة الأميركية ـــــ الإسرائيلية (إيباك) تضغط على الكونغرس لتليين موقف الرئيس باراك أوباما حيال نتنياهو، وحثت في رسالة إلى البيت الأبيض على تعزيز العلاقة مع الدولة العبرية.
وقالت الصحيفة إن «إيباك» أقنعت أكثر من ثلاثة أرباع أعضاء مجلس النواب الأميركي بتوقيع رسالة تدعو إلى وضع حد لتوجيه انتقادات علنية إلى إسرائيل من قبل إدارة أوباما، وتحثّ الولايات المتحدة على تقوية روابطها بإسرائيل.
إلى ذلك، حذرت المرشحة السابقة لمنصب نائب الرئيس الأميركي عن الحزب الجمهوري سارا بالين من أن سياسة أوباما في الشرق الأوسط قد تؤدي إلى حصول «هولوكوست» ثانية.
وذكرت شبكة «سي أن أن» الإخبارية الأميركية أن بالين نشرت على صفحتها على موقع «فايسبوك» الاجتماعي رسالة بعنوان «السلام غير ممكن إذا هربت إيران من عقوبات حقيقية»، متهمة أوباما بالتخلي عن السعي إلى فرض عقوبات «تعجيزية» على طهران ومعاملة نتنياهو كـ«ضيف غير مرغوب فيه» خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن.