«هآرتس»: أوباما يتجه إلى فرض تسوية خلال عامينمهدي السيّد
يستأنف منتدى السباعية الوزاري في إسرائيل غداً جلسة مداولاته الثالثة منذ عودة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو من زيارته إلى الولايات المتحدة، وعلى جدول أعماله التوصل إلى تسوية بين المطالب الأميركية والمواقف الإسرائيلية.
وينعقد هذا الاجتماع في ظل استمرار الأزمة مع الإدارة الأميركية، ظهرت آخر معالمها في التسريبات الصحافية التي أشارت إلى أن إدارة باراك أوباما تدرس الامتناع عن التصويت على قرار محتمل سيتخذه مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية، في وقت تحدثت فيه تقارير إعلامية إسرائيلية عن تخوّف المستوى السياسي الإسرائيلي من سعي الإدارة الأميركية إلى فرض تسوية للصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني في غضون عامين. تزامن ذلك مع تقديرات دبلوماسية إسرائيلية تحذر من مغبّة تأثّر الاتحاد الأوروبي بالأزمة، وانعكاس ذلك مزيداً من التأييد الأوروبي للمواقف الفلسطينية، في مقابل تراجع إضافي في مكانة إسرائيل العالمية.
وذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن منتدى السباعية سينعقد غداً، حيث يتوقع أن تُجمل المداولات فيه من خلال وثيقة تفاهمات تُسلّم إلى الأميركيين وتتضمن الخطوات التي ستكون إسرائيل مستعدة للقيام بها تجاه الفلسطينيين. ويتوقع أن تعالج هذه الوثيقة، خصوصاً، قضايا جوهرية مثل مسألتي القدس والحدود، إضافة إلى خطوات محددة، بعضها في القدس المحتلة.
وكانت تقارير صحافية قد تحدثت عن تخوّفات في أوساط المستوى السياسي في إسرائيل من أن الولايات المتحدة تسعى إلى عزل إسرائيل في أوروبا والعمل على فرض تسوية سلمية بين إسرائيل والفلسطينيين.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر سياسية رسمية في الحكومة الإسرائيلية تقديرها أن الهدف من وراء طرح الرئيس الأميركي باراك أوباما مطالب أمام نتنياهو، خلال لقائهما في البيت الأبيض يوم الثلاثاء الماضي، هو عزم الإدارة الأميركية على فرض تسوية دائمة على إسرائيل والفلسطينيين في غضون أقل من عامين.
وبحسب «هآرتس»، تقدّر المصادر السياسية الإسرائيلية أن «مطالب أوباما ما هي إلا طرف جبل الجليد، يختبئ وراءها تحول دراماتيكي في السياسة الأميركية تجاه إسرائيل».
وذكرت «هآرتس» أنّ بين المطالب العشرة التي طرحها أوباما أمام نتنياهو، أربعة تتعلق بالقدس الشرقية، وهي فتح مقر الغرفة التجارية الفلسطينية، ووقف هدم البيوت في الأحياء الفلسطينية، ووقف مخططات البناء في المستوطنات في القدس الشرقية، والامتناع عن تنفيذ أعمال بناء في مستوطنة «رمات شلومو» في القدس الشرقية.
ووفقاً لـ«هآرتس»، فإن مطلباً آخر طرحه أوباما يقضي ببحث قضايا الحل الدائم للصراع الإسرائيلي ـــــ الفلسطيني خلال المفاوضات غير المباشرة، وهو ما يعدّ في نظر الإسرائيليين مطلباً خطيراً بادّعاء أنه يمثّل تجاوزاً للمفاوضات المباشرة، وإنشاء إطار تُفرض بواسطته تسوية دائمة على الجانبين يبلورها الأميركيون أنفسهم.
وأشارت «هآرتس» إلى أن «الحكومة الإسرائيلية تنظر بخطورة وتوجّس إلى نمط الأداء الدبلوماسي الأميركي الجديد تجاه إسرائيل، وخصوصاً في ما يتعلق بتوجه مسؤولين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية إلى دول أوروبية حليفة لإسرائيل، وأولاها ألمانيا، في محاولة لعزل إسرائيل وممارسة ضغوط سياسية كبيرة عليها».
في هذه الأثناء، تتعاظم التقديرات بأن الأزمة مع الولايات المتحدة قد تجرف أيضاً دول أوروبا. وتشير تقديرات مسؤولين رفيعي المستوى في وزارة الخارجية الإسرائيلية إلى أنه «يتوقع نشوء أزمة شديدة في العلاقات بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي»، مشيرين إلى أن «الأزمة مع أوروبا ستكون أشد».
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «تقديرات في هذا الخصوص قيلت خلال محادثة جماعية أجراها المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية يوسي غال يوم الخميس الماضي مع سبعة سفراء لإسرائيل في عواصم مركزية في العالم، هي واشنطن ولندن وموسكو وباريس وبرلين وروما، وسفير إسرائيل لدى الاتحاد الأوروبي. وصف هؤلاء مشاعرهم بكلمة اكتئاب، في ضوء الأزمة مع الإدارة الأميركية».
وبحسب «هآرتس»، عرض سفير إسرائيل في واشنطن، مايكل أورن، خلال المحادثة، «بنحو عام جداً زيارة نتنياهو إلى واشنطن الأسبوع الماضي، لكنه لم يفصح عن معلومات مهمة بشأن اللقاءات التي عقدها مع مسؤولين أميركيين، الأمر الذي أثار غضب بقية السفراء الذين شددوا على أنهم غير مطّلعين على التفاصيل، الأمر الذي يجعلهم غير قادرين على تمثيل موقف إسرائيل بالطريقة المناسبة في كل ما يتعلق بالأزمة مع الولايات المتحدة».
واتفق الدبلوماسيون الإسرائيليون، بحسب الصحيفة نفسها، على «تقدير مشترك مفاده أن الضغط الأميركي الكبير على إسرائيل سيستمر، وأن ثمة تخوّفات من أن الاتحاد الأوروبي سيذهب أبعد من الولايات المتحدة في التنديد بإسرائيل وفي المبادرات السياسية التي سيسعى إلى دفعها».
وفي ما يبدو أنه وسيلة ضغط إضافية على إسرائيل، نقلت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن «مصدر دبلوماسي» قوله إن «الولايات المتحدة تدرس الامتناع عن التصويت على قرار محتمل سيتخذه مجلس الأمن الدولي ضد المستوطنات الإسرائيلية في القدس الشرقية». وقالت الهيئة إن هذا الموضوع «برز خلال محادثات في باريس جرت الأسبوع الماضي بين مسؤول أميركي رفيع المستوى ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم، أكد خلالها الأول أن الولايات المتحدة ستدرس بجدية الامتناع عن التصويت إذا ما طُرحت مسألة المستوطنات الإسرائيلية على التصويت في مجلس الأمن الدولي».