دخلت بنود اتفاق الهدنة بين الجيش السوري والمقاومة من جهة، ومسلحي «جيش الفتح» من جهة أخرى حيّز التنفيذ. وفي هذا الإطار، اكتملت التجهيزات اللوجستية داخل بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف ‏إدلب الشمالي، للبدء بإخراج الجرحى وبعض أقربائهم نحو مدينة ‏اللاذقية لتلقّي العلاج، بالتوازي مع اكتمال الترتيبات في مدينة ‏الزبداني، في ريف دمشق الغربي.
وقُدّر عدد الجرحى الذين سيتم إخراجهم من البلدتين بـ140 حالة، جراحهم متوسطة، وبينهم نساء وأطفال، في حين لا يزال الأهالي داخل البلدتين ينتظرون وصول الفريق الطبي التابع للأمم المتحدة للكشف الدقيق على جميع الجرحى، ومعالجة من يمكن داخلهما. في المقابل، أشارت مصادر ‏إعلامية متابعة إلى أنّ التحضيرات في الزبداني شملت فتح الطرقات وتنظيفها من آثار الدمار، لا سيّما الطريق إلى ‏دوار السيلان، لتسهيل مرور القوافل وسيارات الإسعاف داخل المدينة.
وفي حالةٍ استثنائية، تم إجلاء أول جريحين من الزبداني باتجاه بيروت، عن طريق الأمم المتحدة، بسبب سوء حالتهما وصعوبة وضعيهما الصحيين.
ورغم اكتمال التحضيرات، إلا أن تنفيذ بنود الاتفاق لم يبدأ بعد، إذ لفتت مصادر مطلعة على سير تنفيذ الهدنة إلى أنّ الاتفاق تعثر «مبدئياً» بعد قطع الطريق الدولي من ‏الفوعة باتجاه ريف حماة، عند مدينة سراقب، بالإطارات المشتعلة. وشهدت المنطقة توتراً أمنياً، سعت خلاله عدة جهات الى تعطيل الاتفاق. وأشارت إلى أن العمل جارٍ لإيجاد طريق بديل أو إقناع مسلحي ‏المدينة بفتح الطريق أمام القوافل القادمة من ‏كفريا والفوعة.
وفي تطور لافت، ورغم صدور بيان لـ«جيش الفتح» يؤكد استمرار العمل بالهدنة، إلّا أنّ بلدة الفوعة تعرضت مساء السبت وظهر أمس الأحد لقصف عنيف بلغ أكثر من 100 قذيفة متنوّعة، من دون أيّ ردّ من قبل «اللجان الشعبية» المكلفة بحماية البلدتين المحاصرتين، والذين أعلنوا «التزامهم بعدم الرد». كذلك، تعرض عدد من عناصر «اللجان الشعبية» لعمليات قنص عدة، خلال فتحهم أحد الطرق الرئيسية، وإزالة الحجارة والسواتر لتسهيل مرور السيارات التي ستقل الجرحى.
وذكرت مصادر متابعة في ريف إدلب لـ«الأخبار» أنّ مسلحي سراقب «يعرقلون سير عمل الهدنة حتى تنفيذ مطلبهم بضمّ مدينتهم إلى باقي مناطق الهدنة»، والتي يطبّق عليها وقف الغارات الجوية، إذ يجري العمل على إيجاد طريق بديل لمرور القوافل والإسراع في بدء التنفيذ.
وأكدت المصادر توجّه سيارات للمسلحين من مدينة سراقب إلى محيط الفوعة، وقصفهم البلدة على مرأى من عناصر «جيش الفتح»، ومن ثم عودتهم الى مواقعهم.
كذلك هاجم مسلحو سراقب الداعية السعودي عبدالله المحيسني، القاضي العام لـ«جيش الفتح»، ورفعوا شعارات ضده أثناء إحراقهم للإطارات على الطريق الدولي، مهدّدين بتفخيخ الطريق في حال جرت أي محاولة لعبور القوافل.
وفي ما يخصّ تفاصيل الاتفاق، فبعد خروج الجرحى تبدأ هدنة لمدة ستة أشهر، تقسم إلى مرحلتين، يجري في الأولى انسحاب مسلحي الزبداني مع عائلاتهم تجاه إدلب، وتدمير سلاحهم الثقيل في المدينة، إضافة إلى إطلاق سراح عدد من المسلحين من سجون الدولة السورية. وعلى المقلب الآخر، يبدأ مدنيّو كفريا والفوعة بالخروج إلى محافظات الساحل السوري. أما في المرحلة الثانية، فيخرج من تبقى من سكان البلدتين الإدلبيتين، مقابل خروج مسلحي بلدات مضايا ووادي بردى، في ريف دمشق الغربي، على أن يرتبط تنفيذ المرحلة الثانية بنجاح الأولى.
كذلك تضمن الاتفاق وقفاً لإطلاق النار والغارات الجوية، في بلدات الفوعة وكفريا وبنش وتفتناز وطعوم ومعرتمصرين ورام حمدان وزردنا وشلخ ومدينة إدلب في محافظة إدلب، إضافة إلى مناطق مضايا وبقين وسرغايا في ريف دمشق والقطع العسكرية المحيطة بها.
بدوره، أكّد رئيس مركز الرسول الأعظم في اللاذقية، أيمن زيتون، أن وجهة مدنيي كفريا والفوعة وجرحاهما، والمقدرة أعدادهم بـ10 آلاف شخص، ستكون إلى محافظتي اللاذقية وطرطوس، وسيتجه بعضهم الى منطقة السيدة زينب في ريف دمشق. وأشار، في حديث إعلامي، إلى أنّ «تنفيذ الاتفاق محسوم، والمسألة مجرّد وقت لا أكثر».
وفي سياق متصل، أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، في مقابلة مع قناة «المنار»، أن اتفاق الزبداني ــ كفريا والفوعة، تم برعاية الامم المتحدة، نافياً أي دور تركي في التوصل إلى الاتفاق.
وأوضح أنّ الزبداني «لم تكن عصيّة على الجيش السوري والمقاومة»، وإنها كانت معرضة للسقوط بعد أسبوعين فقط من حصارها»، لافتاً إلى أنها «تُركت لكي تكون فرصة لمعالجة ملف الفوعة كفريا، عن طريق الضغط على المسلحين فيها».