مصير المفاوضات غير المباشرة لا يزال مجهولاً. السلطة تنتظر رداً أميركياً، بينما بنيامين نتنياهو مطمئن إلى مضي التفاوض
علي حيدر
رغم الاحتجاجات التي أحدثها إقرار أعمال بناء 1600 وحدة سكنية في مستوطنة رمات شلومو، الواقعة شمال القدس الشرقية، قدّر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن المفاوضات غير المباشرة ستستمر.
ورغم الطمأنينة التي حاول نتنياهو الإيحاء بها، أعلن رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير، صائب عريقات، أن الرئيس محمود عباس أبلغ الأميركيين أنّ التوجه إلى مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل «صعب جداً» من دون الوقف التام للاستيطان «وخاصةً أنه يجب إلغاء قرار بناء 1600 مسكن استيطاني في القدس الشرقية».
وأكد عريقات أنّ «الرئيس عباس ينتظر رداً أميركياً عمّا طلبه من وجوب إلغاء القرار الإسرائيلي ببناء (وحدات استيطانية جديدة) في القدس».
في هذا الوقت، ورغم التناغم الذي أظهره نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن مع الجهود الإسرائيلية للملمة الأزمة سريعاً، فإنه يبدو أن الموقف الأميركي الأكثر انزعاجاً ممّا حصل كان من نصيب الرئيس باراك أوباما، الذي «غلى من شدة الغضب»، بحسب ما ذكرت صحيفة «معاريف» أمس. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين ودبلوماسيين أميركيين قولهم إن بايدن حاول تهدئة الرئيس «إلّا أن ذلك لم يكن سهلاً»، حيث طلب أوباما من نائبه أن يتّخذ خطوات أكثر حدّة مما فعل، وأن يعبّر عن إدانته لما حصل بلغة شديدة اللهجة، وهو ما رفضه مسؤولون مرافقون لبايدن. وأشارت «معاريف» إلى أن العبارة الأكثر رواجاً بين المسؤولين الأميركيين في تناول ما حصل هي أن «إسرائيل غرست سكيناً في ظهر أوباما». ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله «إذا كان أوباما قد تعامل مع أقوال نتنياهو حتى الآن بضمانة محدودة، فإنه من الآن لا يصدق أيّ كلمة منه».
ونقلت «هآرتس» عن مسؤولين أميركيين قولهم إنّ «الأزمة بين الحكومة والإدارة الأميركية ربما انتهت في العلن، إلّا أن ترميم الثقة بين الجانبين، والتغلب على الإهانة التي لحقت بنائب الرئيس الأميركي سيستغرقان وقتاً».
من جهة أخرى، ذكرت «معاريف» أنّ إعلان البناء الاستيطاني أثناء زيارة بايدن أثار عاصفة داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية. وقال مسؤول أمني للصحيفة «لقد ضبطنا هذا الأمر في مرحلة هي الأكثر حساسيةً في التواصل مع الأميركيين بشأن العقوبات على إيران». وشدد على أن هذه المرحلة «تتطلب درجة عالية من الثقة بين الجانبين، وقد كنا في مستوى متقدم لبناء الثقة، وفجأةً حصل الانفجار. يبدو لنا الآن أن إنصاتهم انتهى، وسيكون صعباً تجاوز الضرر الذي حصل».
بيد أن حرص نتنياهو على إطلاق المفاوضات له أبعاده التكتيكية فقط من دون أن يعني ذلك جدية النيّات الإسرائيلية في التوصل إلى اختراق فعلي. وهذا ما كشفت عنه صحيفة «معاريف» أمس، إذ ذكر كبير كتّابها السياسيين، بن كسبيت، أن المستشارَين الأكثر قرباً من نتنياهو، مسؤول ملف المفاوضات المحامي إسحاق ملوخو، وشريكه المستقيل مايك هرتسوغ، يردّدان منذ أسابيع الشيء نفسه، وهو أن «المسيرة السياسية لا حياة لها، وأن كل شيء تكتيك، وأن نتنياهو لا ينوي إطلاقاً المضي في إجراء حقيقي، وباختصار، يستطيع المستوطنون الاطمئنان».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس أن نتنياهو أدار في الأيام الأخيرة مفاوضات مع متمردي الليكود بهدف التوصّل إلى اتفاق على تصريح مشترك قبيل انعقاد مركز الليكود، انطلاقاً من خشيته من اتخاذ قرار يحرجه بخصوص البناء في المستوطنات. وبموجب الصفقة المقترحة، يعلن نتنياهو على الملأ الموعد النهائي لإنهاء التجميد، الذي تُستأنف في أعقابه أعمال البناء في الضفة الغربية بعد انتهاء مدة التعليق في شهر أيلول المقبل، على أن يتخلى متمردو «الليكود» في المقابل عن محاولة اتخاذ قرار أكثر تطرفاً مثل طلب وقف التجميد الفوري للبناء في المستوطنات.