نيويورك ـ نزار عبودخاص بالموقع - بلغ الوضع الإنساني في قطاع غزة حدّ الأزمة البشرية، حسب توصيف المفوض الجديد لوكالة غوث وتشغيل الفلسطينيين «الأونروا»، فيليبو غراندي، في أول إطلالة صحافية له في نيويورك.
ورأى غراندي، الذي شغل منصب النائب السابق للمفوضية، أن الوضع يتدهور بسرعة جرّاء الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ ألف يوم. ورأى أن هذا الأمر يسهم في تكسّب السوق السوداء على حساب المحتاجين، بينما يقف المجتمع الدولي عاجزاً عن تلبية احتياجاتهم المتزايدة مع كل مواجهة عسكرية أو من دونها.
ولا تقتصر الأزمة، بحسب رؤية غراندي، على الوضع المعيشي، بل تمتد إلى مختلف جوانب الحياة، من تعليم وتوظيف ورعاية صحية وبيئة واقتصاد فضلاً عن الأمن. وأكد أن المعبر الوحيد الذي تبقيه إسرائيل مفتوحاً هو معبر كرم أبو سالم المحدود الطاقة. واستخفّ بالكمية المحدودة من الزجاج التي سُمح بعبورها إلى القطاع أخيراً، بحيث لم يُتح المجال لإدخال مواد ضرورية أخرى. ورغم أن هناك إيفاءً بتعهدات تبلغ قيمتها مليار دولار من الدول المانحة لإعادة إعمار القطاع، من أصل 5 مليارات جرى التعهد بها في مؤتمر شرم الشيخ بعد وقف القتال العام الماضي، إلا أن الدولة العبرية لا تزال تمنع وصول مواد البناء، وتدفع باتجاه تضاعف كلفة المواد المهرّبة عبر الأنفاق باستمرار.
ونفى المسؤول الدولي أن تكون الدول العربية متقاعسة في تلبية احتياجات الفلسطينيين، رغم أن الجانب الأكبر من برنامج التمويل للوكالة نفسها يأتي من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. وأكد أن المتبرّعين العرب كانوا أسخياء باستمرار وأحياناً يلبّون النداءات بالكامل قبل أن تسهم دول أخرى في برامج الوكالة. وأشار إلى أنه ينوي المشاركة في القمة العربية المقبلة في طرابلس من أجل حثّ العرب على المساهمة المنتظمة في الميزانية العامة.
وأثنى غراندي خصوصاً على توجه الحكومة اللبنانية الجديدة التي عبّرت له على لسان رؤسائها الثلاثة عن الرغبة في تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين وفتح أبواب العمل لهم «حتى من دون فتح الموضوع معهم». وأكد أن إعادة إعمار مخيم نهر البارد تسير على قدم وساق، لكنّ المخيم يحتاج إلى حملة تمويل جديدة بعد توفير ما يكفي لثلث احتياجاته.
وأضاف غراندي أن مهمات الوكالة تتعرض لضغط شديد نظراً إلى أن ميزانيتها التشغيلية التي تزيد على 600 مليون دولار سنوياً لا تحصل سوى على 80 في المئة منها. بينما مهمات الوكالة في تزايد جرّاء الحروب والمصائب التي تحيق بالفلسطينيين، في فلسطين وخارجها. ورحّب بالزيارة التي ينوي الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون القيام بها إلى القطاع في الأسابيع القليلة المقبلة، معرباً عن أمله بأن تأتي بالانفراج على السكان.
وتتولى الوكالة مساعدة 4.7 ملايين فلسطيني منتشرين في الدول المجاورة في كل المجالات، من الغذاء إلى التعليم والطبابة والنجدة الإنسانية. ويصل عدد المدرسين العاملين لديها إلى عشرين ألفاً. وقال المسؤول الدولي إنه ينوي قريباً إطلاق برنامج جديد يهدف إلى إيجاد علاج لأوضاع الفتية دون العشرين الذين يمثّلون غالبية عدد السكان، ووصفهم بأنهم «الأشد ضعفاً في المجتمع والأكثر عرضة لكل أشكال المخاطر»، في تلميح إلى تجنيدهم في منظمات المقاومة لدى الفصائل المختلفة.
ونفى غراندي أن تكون مناهج «الأونروا» التعليمية تحرّض الفلسطينيين. وقال إن الوكالة تواجه تدقيقاً شديداً من قبل الدول المانحة في هذا المجال، ولا سيما من أعضاء الكونغرس الأميركي. وأكد أن الوكالة تراجع موادها مع الجميع ويهمها أن تكون بعيدة عن دائرة الاتهام، لأنها ليست وكالة مسيّسة وسط أزمة سياسية بالكامل.
وبعد عقده اجتماعات مع كبار المسؤولين في الأمم المتحدة، من بينهم رئيس الجمعية العامة علي عبد السلام التريكي، ينوي غراندي زيارة واشنطن لمتابعة الحوار مع كبار السياسيين المعنيين بأوضاع الفلسطينيين.