الحسكة | لم يكن افتتاح مؤتمر «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي، هذا العام، كما كان عليه في عام 2013، لا من حيث المكان أو التنظيم أو الوفود المشاركة. فبعد أن عُقِدَ المؤتمر الماضي في صالة صغيرة في مدينة القامشلي وبحضور أعضاء الحزب، تقاطرت هذا العام الوفود الإعلامية والسياسية إلى المسرح الثقافي في مدينة رميلان. سلك المشاركون معبر سيمالكا الحدودي بين الحسكة وشمال العراق، ما يدل على اعتراف الأحزاب الكردية بحزب «الاتحاد» كزعيم للأحزاب الكردية السورية.
ونجح «الاتحاد» في حياكة علاقات دبلوماسية وسياسية مع أبرز الأحزاب الكردية، وهو ما تمثّل، ولأوّل مرّة، في حضور وفد ممثل عن رئيس «إقليم شمال العراق»، وممثلة عن «حزب الشعوب الديموقراطي الكردي» التركي، وعن حزب «الاتحاد الوطني» في شمال العراق، وممثلين عن «حزب العمال الكردستاني»، وعن حزب «الاتحاد الوطني الكردستاني» (جلال طالباني).
الحضور الكردي الكثيف عكس محاولات الحزب تكريس نفسه كأكثر الأحزاب الكردية السورية تنظيماً وحضوراً، ما أكسبه اهتماماً كردياً، نتيجة قيادته الفعلية لـ«وحدات حماية الشعب»، و«الإدارة الذاتية» المعلنة في «الجزيرة (الحسكة)، وعفرين، وكوباني (عين العرب)»، وتحقيقه نجاحات في محاربة الإرهاب. وللمرة الأولى، أيضاً، نقلت قناة «روناهي» الكردية فعاليات المؤتمر على الهواء مباشرة، إذ ناقش المشاركون النظام الداخلي، وراجعوا التجربة الشاملة لـ«الإدارة الذاتية»، كذلك وضعوا خطوطاً عريضة لبرنامج عمل الحزب للعامين القادمين.
وعلى الرغم من قراءة التقرير السياسي للحزب باللغة الكردية من دون أن يُترجم إلى العربيّة، رغم وجود عدد كبير من الشخصيات العربيّة، عزا مصدر مقرّب من قيادة الحزب ذلك إلى أن «تعديلات كبيرة ستطرأ على النظام الداخلي للحزب، وترتبط في جزء منها بإيديولوجيته». وأضاف أن «الحزب سيعمل على تكريس الخط السوري، ليكون حزباً سورياً أكثر ممّا هو كردي»، مع العمل على تكريس نفسه كـ«حزب سوري يقود جبهة المعارضة»، بعيداً عن هيئة التنسيق التي «اتسعت مؤخراً الهوة بينهما».
وبحسب مصادر قيادية في الحزب، فإن الحزب «سيعمل على افتتاح مكاتب له في المحافظات السورية»، مؤكداً أنه «يعمل على تشكيل جبهة أو تحالف مع عدد من الأحزاب والقوى لقيادة جبهة المعارضة الداخلية»، استعداداً للمشاركة في أي عملية تفاوضية مع الحكومة السورية.
من جهته، أكد رئيس «الاتحاد» صالح مسلم الذي جُدّدت رئاسته المشتركة وآسيا عبدالله للحزب، في نهاية المؤتمر، أن «المؤتمر يعقد في ظرف تاريخي مهم للشعبين الكردي والسوري، وسيكون مهماً في القرارات والنتائج». وأشار إلى «أن الحزب سيركز في نهجه على أخوة الشعوب ووحدة الأراضي السورية، والمطالبة بنظام ديموقراطي لامركزي للحكم».
وسيقدم «الاتحاد» في الفترة القادمة «مشروعاً متكاملاً للحل الديموقراطي في سوريا»، بحسب أحد أعضاء «حركة المجتمع الديموقراطي»، ألدار خليل، مضيفاً أن «الحزب ستتسع رقعة عمله في الفترة المقبلة من المناطق الكردية إلى المحافظات السوريّة». وبذلك يبدو واضحاً أن الحزب سيسعى لاستثمار المناخ السياسي العام، ليحاول تكريس نفسه كـ«حزب سوري»، سيشهد ربما انضماماً لمنتسبين عرب ومن بقية مكوّنات المجتمع السوري، ليبعد عن نفسه تهمة الانفصال، ويقدّم نفسه كحزب سوري معارض مؤهل للمشاركة في أي عملية سياسية قادمة.