رغم تراجع حدة ضجيج السجال الأميركي الإسرائيلي، تتعزز مخاوف الدولة العبرية من أن تكون المطالب الأميركية نتيجة لتغيير أساسي في إعادة جدولة الأولويات على مستوى المنطقة

علي حيدر
نتيجة للإصرار الأميركي، تجد الحكومة الإسرائيلية نفسها مضطرة إلى تقديم أجوبة واضحة ومباشرة عن المطالب التي قدمها الرئيس الأميركي باراك أوباما، وتحديداً في ما يتعلق ببحث القضايا الأساسية مثل ترسيم الحدود والقدس خلال محادثات التقارب غير المباشرة، على عكس موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الداعي إلى أن يقتصر البحث في هذه القضايا على إطار المفاوضات المباشرة.
وفي محاولة للتخفيف من الضغوط الأميركية، والظهور كمن يمهّد الطريق للتسوية، كشف مسؤولون إسرائيليون أن إسرائيل وضعت لائحة جديدة من مبادرات حسن النيّة تجاه الفلسطينيين. ونقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية عن مسؤولين في وزارة الدفاع أن مكتب منسق أنشطة الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ووزارة الدفاع جمعا اقتراحات جديدة لتخفيف القيود عن الفلسطينيين في الضفة الغربية. ولفت المسؤولون إلى أنّ هذا التوجّه الإسرائيلي تبلور بعد الجلسات التي عقدها نتنياهو الأسبوع الماضي مع المسؤولين الأميركيين.
وتجنّباً لاستفزاز الرئيس الأميركي، رفض مسؤولون في مكتب نتنياهو تسلّم 800 دزينة من الورود الصفراء أرسلها أميركيون «مسيحيون» غاضبون من معاملة باراك أوباما لنتنياهو في البيت الأبيض الأسبوع الماضي.
وفي هذا الإطار، أوضح أحد مستشاري نتنياهو أن «مكتب رئاسة الوزراء لن يتدخّل في هذه القضية لأن نتنياهو يجب أن يكون حذراً، لتفادي أيّ شيء من شأنه أن يقلّل من احترام أوباما في هذه الفترة الحساسة».
وتنتظر الإدارة الأميركية انتهاء عطل عيد الفصح اليهودي لمواصلة مساعيها لدفع المسار الفلسطيني، وتسوية الخلافات مع الحكومة الإسرائيلية. ويصل المبعوث الأميركي الخاص جورج ميتشل إلى إسرائيل خلال الأيام المقبلة، قبل أن يتوجه نتنياهو مرة أخرى إلى الولايات المتحدة للمشاركة في المؤتمر النووي الدولي الذي يعقده أوباما.
من جهة أخرى، رأى رئيس المركز المقدسي للشؤون العامة والمستشار السياسي السابق لنتنياهو، دوري غولد، أن «كل توصية بشأن الطريقة التي يمكن من خلالها إعادة العلاقات الإسرائيلية الأميركية إلى مسارها، يجب أن تدرس بطريقة سليمة ما الذي تغيّر بالضبط في الجانب الأميركي». ولهذه الغاية «ينبغي الخروج من السياق المحدود للمسار الفلسطيني والنظر بطريقة أوسع إلى الشكل الذي تتغير فيه السياسة الأميركية في العالم في ظل قيادة باراك أوباما. وانطلاقاً من ذلك، يرى غولد أنّ ما شهده

نتنياهو رفض تسلّم 800 دزينة من الورود الصفراء أرسلها أميركيون «مسيحيون»

رئيس الوزراء الإسرائيلي في واشنطن، لم يكن مشكلة أميركية ـــــ اسرائيلية تكتيكية صرفة، بل بداية تغيّر استراتيجي في السياسة الخارجية للولايات المتحدة. ويوضح أن «التوترات التي تشهدها العلاقات بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية تمثّل جزءاً من تغيّر عالمي أوسع يحفّز الرئيس الأميركي». وعليه، يؤكّد غولد أنه «لم يعد كافياً العودة إلى الأزمات والقصص التي جرت بين (رئيس الوزراء الأسبق مناحيم) بيغن و(الرئيس الأميركي الأسبق جيمي) كارتر، ولا بين (رئيس الوزراء الأسبق إسحق) شامير و(الرئيس الأميركي الأسبق جورج) بوش (الأب)، ومحاولة تطبيق الدروس المستخلصة على الوضع الحالي»، مشدّداً على أنه «فقط بعد أن يتضح إلى أين يتجه أوباما، سيكون بالإمكان رسم مسار جديد لإسرائيل، يحمي مصالحها، وينتج أساساً جديداً لحلف بينها وبين الولايات المتحدة».
وفي السياق، رأى رئيس حكومة السلطة الفلسطينية، سلام فياض، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، أنه من أجل نجاح الولايات المتحدة ينبغي عدم النظر إلى المطالب الأميركية على أنها تحقق مصالح الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين، مشيراً إلى أنّ على الطرفين أن يتحملا المسؤولية، لأن الصراع يطاول الجميع في المنطقة.