اقتحم جنود النخبة للجيش الإسرائيلي سفن كسر الحصار المتوجّهة إلى غزة. استشهد من استشهد وخطفت السفن. تحرك الشارع اللبناني، بمشاركة الفلسطينيين وأتراك لبنان. تحرّكات ذكّرت بأيام العدوان على القطاع المحاصر
قاسم س. قاسم
«سفن إسرائيلية تحاصر السفن المتوجّهة إلى القطاع». يمر الخبر على شاشة «الجزيرة». يتأهّب الساهرون من أبناء مخيم برج البراجنة لمتابعة آخر أخبار قافلة الحرية المتوجهة لكسر الحصار عن غزة. هذه الليلة لن ينام أحد. الساعة تشير الى الثانية صباحاً. أخبار القافلة بدأت بالتواتر مع مرور الوقت. ترتفع أصوات التلفزيونات في الأحياء الضيقة للمخيم. أصوات المراسلين على متن السفينة تعمّ فضاءه أيضاً.
تمر مئة وعشرون دقيقة ببطء. الساعة الآن الرابعة فجراً. يرد خبر عاجل آخر: «أنباء عن مهاجمة السفينة التركية مرمرة». الخبر يطيّر النوم من عيون الساهرين الذابلة. «يا أبناء مخيم برج البراجنة نصرة لأهل غزة ودعماً لقافلة سفن كسر الحصار ندعوكم للمشاركة في التظاهرة صباح اليوم (أمس) أمام الاسكوا دعماً للقافلة، التجمع أمام مسجد الفرقان والنقليات مؤمنة». تصدح مكبرات صوت جامع الفرقان في المخيم. بدأ الليل بالانقضاء. تفتح المقاهي أبوابها باكراً هذه الليلة. «مخنوق ما قادر أقعد بالبيت لازم نعمل إشي، عمّال يموتوا والعالم ساكت»، يقول محمود، صاحب مقهى في المخيم.
الأحياء، على عكس المعتاد، خالية. اليوم السيدات لن يخرجن الى السوق باكراً. واجب التضامن يناديهنّ. «أنباء عن إصابة الشيخ رائد صلاح». خبر آخر يلهب قلوب الحاضرين داخل المقهى الصغير المقابل لجامع الفرقان. تتجه السيدات نحو جامع الفرقان، بانتظار لحظة الانطلاق الى الاسكوا. تنطلق الحافلات، يصل الجميع إلى حديقة جبران، هناك اختلطت أعلام الفصائل الفلسطينية بعضها ببعض. اجتمع أتراك لبنان مع فلسطينييه أمس ليتشاركوا في مصائبهم.
اجتمع أتراك لبنان مع فلسطينيّيه ليتقاسموا مصابهم
«فلتحيا الجمهورية التركية». شعار رفعه المواطن التركي في لبنان نجيم سرحان، الذي تمنى من دولته أن يكون «الرد على مستوى الفعل الإسرائيلي». هكذا، حضر المتضامنون مع القافلة لينددوا بالدول العربية. رفعوا أعلام الدولة التركية: «تحيتان وتحية لتركيا الأبية»، شعار ردده المتظاهرون وهم يطوفون بالأعلام التركية في ساحة جبران.
وقال ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان عبد الله عبد الله، لـ«الأخبار»، إن هذه الجريمة «ليست مستغربة عن الكيان الصهيوني»، مطالباً «بإدانة قوية من مجلس الأمن الدولي، بالإضافة إلى محاكمة إيهود باراك كمجرم حرب».
هكذا، سيستمر الاعتصام أمام الاسكوا، إذ قرر شباب اتحاد الشباب الديموقراطي أن يبيتوا في ساحة جبران الى إن يطلق سراح المخطوفين. كما دعا قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني الى تظاهرة في الساعة الخامسة من عصر اليوم من جسر البربير باتجاه الاسكوا.
وفي صيدا (خالد الغربي)، تحرك أطفال مخيم عين الحلوة للتنديد بالمجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق أعضاء قافلة أسطول الحرية، فخرجوا من مدارسهم بالآلاف ملوّحين بالأعلام الفلسطينية، التي اخترقها علم تركي عملاق «وفاء من الشعب الفلسطيني تجاه الموقف التركي الذي هو أفضل من موقف الحكام العرب»، على حد قول المدرسة منى الخطيب. الخطيب كانت تحث تلامذتها على تقديم المزيد من الهتافات المؤيدة «لشعوب العالم التي قدمت دماءها فداء لفلسطين».
وتجمع العشرات من الطلاب عفويّاً عند ساحة النجمة، وسط المدينة، رافعين أعلام فلسطين وصور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذين خاطبوه «عبد الناصر طل وشوف، شوف مبارك شو جاسوس».
ومن صور (آمال خليل)، أبحر 12 زورقاً من ميناء الصيادين نحو جل البحر شمالاً، والرشيدية جنوباً وعلى متنه عشرات الصوريين والناشطين في قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية، حاملين رايات فلسطين، لبنان، حزب الله وحماس.
وفي قرية بدنايل (أسامة القادري)، بلدة المصاب المشارك في حملة «أسطول الحرية» هاني سليمان، اعتصم الأهالي في النادي الحسيني تضامناً مع ابنهم، واستنكاراً لما اقترفه الكيان الصهيوني.
وفي الإطار نفسه، عقدت الأحزاب الوطنية اللبنانية والفلسطينية اجتماعاً موسعاً في مقر تيار المقاومة والعدالة الاجتماعية.
وفي البقاع (عفيف دياب)، عمّت الاعتصامات التضامنية. ففي سعدنايل اعتصم أهالي البلدة في الحديقة العامة، معلنين تضامنهم مع «كل فلسطين»، فيما نفذت الجماعة الإسلامية وحركة «حماس» اعتصاماً مماثلاً في بلدة بر الياس.
وفي عكار (روبير عبد الله)، تقاطر مئات المواطنين للاعتصام قرب بحيرة الكواشرة بدعوة من لجنة أهل الأسير جورج عبد الله وفعاليات الكواشرة.