■ سأعيد المؤتمر السادس لـ«فتح» في الخارج■ سنعقد المجلس الوطني لحل اللجنة التنفيذية
■ أبو مازن فاقد للشرعية

رغم مساعي التهميش، لا يزال رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير، فاروق القدومي، متمسّكاً بدوره كأحد مؤسسي حركة «فتح». وفي مقابلة معه في مقر إقامته في تونس، يتحدث عن خططه لمعارضة الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، الـ«فاقد للشرعية»، ويشرح لماذا دعمه للرئاسة

أجرى الحوار: حسام كنفاني

■ ما مشروعك في معارضة نظام أبو مازن؟ هل هو في الموقف فقط أم لديك خطّة تحرك؟
- لا شك في أن التسوية السياسية فاشلة منذ أن بدأت، والسبب في ذلك هو أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل، ولا يمكنها أن تكون وسيطاً نزيهاً لتنفيذ أيّ اتفاق أو مشروع تسوية. ولنضف إنّ السلطة الفلسطينية تسير في بحر هائج ولا تتقن السباحة. وهذه السلطة تفتقد الذاكرة التاريخية لتتّخذها عبرة لتحدّد مواقفها عندما تفاوض إسرائيل.
إذاً لا بد من عملية تغيير في النهج الفلسطيني، وعدم الاعتماد على هذه المشاريع التي تقدّم من الولايات المتحدة وإسرائيل. إنّ الحكومة الحالية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا تريد السلام، فهي تدّعي أنّ الأرض الفلسطينية كلها يهودية، فعلى ماذا نتفاوض؟ ولهذا السبب فإن التعامل مع إسرائيل يجب أن يكون من خلال الكفاح اليومي والمقاومة.
العمل يجب أن يكون من خلال المقاومة، وعدم الاعتماد على الأنظمة العربية. وإذا قرأنا التاريخ نجد أن الأنظمة العربية في معظمها، هي التي سمحت بأن تأخذ إسرائيل هذه المساحة من الوجود داخل المنطقة.

■ تتحدث عن تغيير للنهج، ما دورك في هذا النهج، وما التغيير المنشود؟
- أنشأنا منذ البداية حركة سُميت حركة «فتح» قبل عام 1960 للمقاومة المسلحة. ووضعنا ميثاق هذه المنظمة والطرق التي لا بد استخدامها، والأهداف التي ننشدها. إذاً هناك مبادئ أساسية وهناك وسائل، أولها أن الكفاح المسلح هو الطريق الحتمي الوحيد لتحرير فلسطين، والهدف يكون بناء دولة فلسطينية ديموقراطية من دون تمييز في العرق أو الدين.
المقاومة هي الأساس، ولا بد أن يكون الشعب الفلسطيني هو الذي يحمي هذه المقاومة، ويجب الاعتماد على الشعب العربي في دعم هذه المقاومة، ولكن يجب أيضاً الحذر من الأنظمة العربية التي تتحدث بلغة وتعمل بلغة أخرى. هذه دول رجعية، أي إنها تتمسّك بعلاقاتها مع الولايات المتحدة، وكل من يثق بالولايات المتحدة يخطئ خطأً كبيراً، لأن الولايات المتحدة تسعى إلى تعزيز مكانة إسرائيل في المنطقة، ولا تسعى إلى تسوية سياسية. وأساساً تعبير التسوية خاطئ، لأن العبارة تُستخدم في خلاف بين طرفين لديهما حقوق، حينها يأتي وسيط لتسوية الخلاف. لكن الأرض كلها لنا، لا بد أن نقول طرد المحتلين. الدولة هي فلسطينية وسنقاتل أكثر من 50 عاماً كي لا تكون هناك كيانات مغتصبة.

■ لم تتحدث بعد عن ماهيّة حركتك في المعارضة
- أولاً أنا لست وحيداً، أنا أمين سر اللجنة المركزية لحركة «فتح» وسأبقى كذلك، لأن المؤتمر السادس للحركة غير شرعي ولم يغيّر شيئاًَ. ونحن وإخوتنا جميعاً في الخارج، والكثير منهم في الداخل لا يعترفون بشرعية هذا المؤتمر ولا بنتائجه، لذلك يبقى الأمر على ما هو عليه. كل مؤسسة في الداخل تفقد شرعيتها ما دامت في حضن الاحتلال الإسرائيلي، بمعنى آخر لا تملك الحرية في التصرف ولا الحرية في قيادة الشعب ولا تملك السيادة. وإذا قيل إنّ منظمة التحرير في الداخل هي منظمة سيادية فهذه كلام غير سليم، هذه منظمة مفرغة من سيادتها. إنها كيان لا يمتلك قراره وخاضع لسيادة أخرى. لكننا في الخارج نمتلك بالفعل كل هذه الأشياء السيادية، ونقول لنتنياهو اذهب إلى الجحيم، وهو ما لا يستطيع أن يقوله أيّ من الموجودين في الداخل، أو نقول إنّ إسرائيل دولة عنصرية ولا بد من مقاومتها بالسلاح. هم موضوعون في أتون الحكم الإسرائيلي.
لهذا فإننا سنعيد، بعد المشاورات مع الإخوة في «فتح» الذين يؤمنون بعدم شرعية المؤتمر السادس، الدعوة إلى عقد مؤتمر آخر في الخارج. ما زلنا نُجري مشاورات مع جميع الذين يؤمنون بحركة فتح وبنظامها الداخلي ومبادئها وبسياستها واستراتيجيتها. هذا ما نسعى إليه. أما في الداخل، فنعتقد أن هناك انحرافاً كاملاً نحو التسليم بواقع الاحتلال.
كذلك نسعى إلى عقد مجلس وطني جديد. المجلس يجب أن يكون في الخارج لكلّ من يؤمن بالكفاح المسلح وبالميثاق الوطني الفلسطيني وبالمبادئ التي نص عليها هذا الميثاق. وسيُعقد المجلس الوطني الفلسطيني بمساعدة الشعب الفلسطيني والقوى العربية التقدمية. ما زلنا إلى الآن في مرحلة التشاور على جدول الأعمال، لكن الخطوة الأولى عند اجتماع المجلس الوطني، حسب القانون، يكون حل اللجنة التنفيذية وانتخاب أخرى. يجب أن يكون هناك مجلس وطني على أسس سليمة، ونرفض كل ما قيل عن أنهم أزالوا فقرات من الميثاق الوطني الفلسطيني، ولا نعترف بـ242 و338.
ما نقوم به هو للجيل الجديد، لكي يعرف رأي من أسهم في تأسيس حركة «فتح» وكان أول أمين سر للجنة المركزية العليا.

■ ألا يعدّ مسعاك انشقاقاً في حركة «فتح»؟
- «فتح» هي حركة بنظامها وأهدافها وسياستها ومبادئها وبتاريخها قبل أوسلو، أما بعد أوسلو، فهذه ليست «فتح». لذلك، فمن يؤمن بـ«فتح» حسب ما وضعناه منذ البداية، فهذا ابن «فتح». وغير ذلك لا علاقة لهم بـ«فتح»، هؤلاء أناس خارجون عن إطار «فتح».

■ هل تتواصلون مع الأسير مروان البرغوثي في هذا الإطار؟
- التواصل صعب معه باعتباره في السجن، لكننا مع المستعدين لبناء فتح حسبما قررها المؤتمر الأول.

■ كيف ترى أداء أبو مازن؟
- ليس لديه أداء، هو صامت ويتلقّف الأحداث ولا يفعل شيئاً. يتصرف بكل حرية من دون الرجوع إلى القيادة. ليس هناك قرار جماعي، بل يتصرف منفرداً ويقفز فوق الأنطمة والقوانين. وهذا ليس من حقه، هذه بلطجة إن صحّ التعبير. لذلك لا نعترف بكل ما يقوله وكل ما يفعله، ونعدّ ذلك خارجاً عن إطار التاريخ الفلسطيني.

■ علاقتك معه شهدت صعوداً وهبوطاً
- ليس لي علاقة بهذا الشخص. كان أخاً في الماضي، والآن انشق عنّا. هو يرفض الثوابت الفلسطينية ويقول لا للكفاح المسلح، وهذا أمر نختلف معه فيه اختلافاً
كبيراً.
■ لكنك دعمته حين ترشّح لخلافة الزعيم ياسر عرفات في السلطة ومنظمة التحرير.
- لم يكن هناك إمكان لصورة أخرى، والسبب في ذلك أن اللجنة التنفيذية اجتمعت بعد وفاة أبو عمار وقالت لا بد من أن يكون هناك رئيس للجنة التنفيذية في الداخل، ولا بد أن يكون الذي يتفاوض هو عضو لجنة تنفيذية. واقترحوا أن يكون أبو مازن. ولهذا قررت اللجنة، تحت الضغوط، أن يكون المرشح هو الأخ أبو مازن، فقلت له إنّ عليك أن تراعي أموراً كثيرة، أولاً أن وزير الخارجية في الخارج، ثانياً ليس لكم صلاحيات في الخارج، بما أن الحكم في الداخل هو محلي. لكنه أدخل جميع مؤسسات منظمة التحرير وفتح إلى الداخل. وهذا غير شرعي، ويجب أن تعرف الدول العربية التي تتعامل معه أنها تتعامل مع اللاشرعية.

■ لكنك دعمت أبو مازن رغم الورقة التي كشفت عنها، والتي تتهمه بالمشاركة في اغتيال عرفات، وهي لديك منذ ما قبل وفاة أبو عمار، لماذا؟

لم نطرح الورقة التي تتّهم أبو مازن بالمشاركة في اغتيال عرفات مبكراً لأن الظروف لم تكن مؤاتية
- أولاً ما كل ما يُعلم يُقال في حينه، نحن جماعة من أصحاب السياسة، لا نطرح شيئاً في غير موعده، أضف إلى ذلك أن أميركا مشتركة في مؤامرة التسميم تلك، لذلك طرح الأمر كان بحاجة إلى الوقت المناسب. والوقت المناسب كان المؤتمر السادس لحركة «فتح». ثم لا بد أن تتاح لك فرصة أن تتحرّى عن كل هذه الأخبار التي وصلتك من الناس الذين عاشوا حول أبو عمار.
لذلك كان لا بد من فترة من الزمن لنعرف من المشترك في كل هذه المؤامرة، ولماذا حصل كل هذا، قبل أن نتهم فوراً. وأنا أساساً لم أتهم، أنا قلت إنّ هناك اتهاماً موجوداً أرسله إليّ أبو عمار.
قضايا مثل هذه كان لا بد من طرحها في المؤتمر، كي يؤلّف لجنة ويحقّق حتى لا نظلم أحداً. أضف إلى ذلك، فإن ظروف وجود الرئيس الأميركي جورج بوش في السلطة لم تكن مؤاتية، وخصوصاً أن الولايات المتحدة بشخص وليام بيرنز كانت مشتركة في الاجتماع، لكن حين أتى الرئيس الحالي باراك أوباما رأينا إمكاناً لطرح الورقة.

■ كيف ترى مسار المفاوضات غير المباشرة، وإلى أين ستؤدي؟
- ستؤدي إلى تسويات مهينة. وكل من يشترك فيها فإنّي أتهمه.

■ هل تأخذ كلام أبو مازن عن الاستقالة على محمل الجد؟
- لا، لأنه متمسك بمنصبه. هو في حيرة من أمره، إذا قال لا أخطأ، وإذا قال نعم أخطا. هو الذي أوقع نفسه في هذا المأزق، وسيكتب التاريخ عنه. نحن لن نقول شيئاً، لكن تصريحاته ومواقفه وعمله اليومي هي التي تشهد على ذلك.

■ كيف تنظر إلى سياسة سلام فيّاض ومشاريعه؟
- سلام فيّاض رجل مالي، اقترضناه من الأمم المتحدة وأميركا لتنظيم الميزانية. لذلك أنا كمؤسس لـ«فتح» لا أوجّه نقداً إلى هذا الرجل، هو فرد. ولا أعتقد أنّ لديه مشروعاً سياسيّاً، لكن فشل الفتحاويين المزيّفين في الداخل جعله يؤدّي مهمة مثل هذه.
وهو أدرك أن خطته لإقامة الدولة خلال سنتين مستحيلة، واعترف بذلك. وأتصوّر أنه يعمل ضمن إطار الحكم الذاتي المشوّه.

■ كيف هي علاقتك مع «حماس»؟
- علاقة ممتازة. هي حركة ثورية. نختلف معها في أمور كثيرة، منها دخول الانتخابات، وأن تكون جزءاً من السلطة. لكن لهم سياستهم وهم مناضلون.

■ لكن حتى هم لديهم مشروع تسوية بديل.
- المهم أنهم لم يعترفوا بإسرائيل وهذا أمر مهمّ، ولا يزالون يحملون السلاح.



في الجلسات مع رئيس الدائرة السياسية فاروق القدومي سعى إلى استعادة المفاصل الأساسية في القضية الفلسطينية التي حضرها. منها مثلاً القمة العربية في بيروت، التي أقرّت المبادرة العربية للسلام، التي يشير إلى أنها نسخة منقّحة عن مبادرة الأمير فهد (الصورة) التي عُرضت في قمة فاس عام 1981.