غول مستعد لاستئناف الوساطة... ومدفيديف ينقل رسالة من بيريز على وقع طبول الحرب التي تقرعها دولة الاحتلال بين الفينة والأخرى، يبدو أن العمل على فتح قنوات التفاوض على المسار السوري الإسرائيلي جارٍ، بوساطة تركيّة أو روسيّة
رمى الرئيس السوري بشار الأسد، أول من أمس، كرة السلام في الملعب الإسرائيلي، ونقل نظيره التركي عبد الله غول عنه استعداد دمشق للمفاوضات غير المباشرة، مع تمسّكها بالوسيط التركي، وذلك عشية وصول الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف إلى العاصمة السورية، حاملاً مسعى وساطة جديداً.
وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الأسد في إسطنبول، تحدث غول عن جهود تركيا في استئناف وساطتها لدفع المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، في ظل وجود حكومة إسرائيلية متطرفة. وقال إن «تركيا أدّت الدور الذي يقع على عاتقها (كوسيط). ولكن بعد أحداث غزة، لم يُتمكّن من مواصلة تلك الجهود»، مشدداً على أن «الطرف السوري، بدءاً بالرئيس الأسد، قد أعرب عن استعداده للبدء بالمباحثات من النقطة نفسها (التي توقفت عندها المحادثات)، وكرر ذلك عدة مرات».
وشدّد الرئيس التركي على أهمية التفكير «في مستقبل الأجيال المقبلة، ولهذا السبب يجب التحرك بشجاعة»، معرباً عن أمله أن «تبدأ المبادرات والنشاطات في هذا المضمار مرة أخرى».
وأكد غول اهتمام بلاده «بمباحثات السلام، وخصوصاً بين سوريا وإسرائيل، وبين لبنان وفلسطين وإسرائيل». وقال إن «أولوية العالم برمته هي تأسيس السلام في منطقة الشرق الأوسط». وحذر من أن المنطقة لم تعد تحتمل عبء حرب جديدة، قائلاً «قبل كل شيء، لا نرغب في أن نسمع كلمة الحرب. فهذه المنطقة لم تعد تحتمل عبئاً من هذا القبيل، وما حدث في غزة قد سكب المياه من الإناء».
بدوره، أعرب الأسد عن استعداد دمشق لإجراء محادثات، وشدد على تمسّك بلاده بالدور الذي تؤديه تركيا في الوساطة. ولكنه أردف متهماً الدولة العبرية بتفادي المفاوضات لأنها «لا ترغب في حل الصراع على مرتفعات الجولان التي احتلتها عام 1967». وشدد على أن إسرائيل غير مستعدة كذلك «للوساطة، لأنها تعلم أن الوساطة الناجحة ستجلب السلام، وهي لا تريد السلام».
ومضى الأسد يتساءل «عن أي سلام تتحدثون؟ لا سلام ولا عملية سلام ولا شريك. ونحن متفقون على هذه النتيجة مسبقاً»، مؤكداً أن «إسرائيل ليست شريكاً، على الأقل في المرحلة الحالية، ولا أعتقد أنها كانت شريكاً في المرحلة التي سبقتها»، مستذكراً ما «فعله (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) إيهود أولمرت عندما أراد أن يرد الجواب لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، خلال أيام، بشأن السلام، فكان الرد في الهجوم على غزة وقتل الآلاف».
وعن طبول الحرب التي تقرعها إسرائيل، قال الأسد «لا أحد منّا يتمنى الحرب». ثم أضاف «المشكلة أن حالة اللاحرب واللاسلم إما أن تنتهي بسلم وإما أن تنتهي بحرب»، مشدداً على العمل مع تركيا «من أجل التوصل إلى السلام كي لا نرى ما لا نتمناه.. وكي لا تحصل الحرب ولو كانت النسبة بسيطة».
وتحدث الرئيس السوري عن التغيير الذي شمل المنطقة خلال السنوات الأخيرة والتحول في العلاقات، مؤكداً أنه «خلال عشر سنوات أخرى سنرى خريطة أفضل بكثير من الخريطة الحالية التي نعيش فيها».
وبينما كان الرئيس السوري يواصل زيارته التركية، حطّت طائرة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في إسطنبول، وعُقدت على الأثر قمة ثلاثية بين الأسد وحمد ورئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تخللها غداء عمل شارك فيه رئيس الوزراء، وزير الخارجية القطري حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني ووزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو.
وبالتوازي مع الحديث التركي عن الاستعداد للوساطة بين سوريا وإسرائيل، كان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز يسعى إلى الالتفاف على وساطة أنقرة، إذ أعلن من موسكو أن الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف، الذي يبدأ اليوم زيارة إلى سوريا، وافق على إمرار رسالة إسرائيلية إلى الرئيس السوري. وبحسب وسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن بيريز طلب من مدفيديف نقل رسالة مفادها أن «إسرائيل ليست معنية بتسخين الحدود (الشمالية)، والحرب هي الشيء الأخير الذي نريده». وأضاف «نحن نمدّ يد السلام لسوريا، إلا أن السلام لا يمكن أن يتأسس من دون شروط أساسية: لا يمكن مدّ اليد للسلام ومواصلة دعم الأوكار الإرهابية»، معتبراً أن «إسرائيل لا تملك تفسيراً آخر لنقل السلاح من سوريا إلى حزب الله؛ فنقل صواريخ دقيقة وطويلة المدى إلى يد المنظمة هو توتير حربي».
وقال بيريز إن «زعماء إسرائيليين كثراً وعدوا السوريين بالانسحاب من هضبة الجولان مقابل السلام، إلا أن السوريين عرقلوا الإجراءات. على السوريين أن يعلموا أنهم لن يتمكنوا من الحصول على الجولان إذا ما نصبوا على جباله صواريخ من إنتاج إيران». وأضاف «على سوريا أن تتوقف عن أن تكون تابعاً لإيران».
(سانا، أ ب، الأخبار)