تل أبيب تلتفّ على الأولويات الفلسطينيّة: المياه والترتيبات الأمنية أوّلاًمهدي السيد
تُستأنف هذا الأسبوع المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، بإشراف ووساطة المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، الذي وصل أمس إلى إسرائيل لهذه الغاية.
ومن المتوقع أن يجتمع ميتشل غداً مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في ظل تقارير إعلامية إسرائيلية تشير إلى نية الأخير، طلب البحث أولاً في مسائل الترتيبات الأمنية في الضفة الغربية والمياه، في خطوةٍ تهدف إلى الالتفاف على المطلب الفلسطيني لإعطاء موضوعي الحدود والاستيطان الأولوية على ما سواهما من مسائل خلافية، وتجنب الإحراج والضغط الأميركيين المحتملين.
ومن المتوقع، بحسب صحيفة «هآرتس»، أن تجري في المرحلة الأولى مفاوضات على شكل رحلات مكوكية يقوم بها ميتشل بين القدس المحتلة ورام الله، على أن يجري المحادثات مع ميتشل المحامي إسحق مولكو، عن الجانب الإسرائيلي وعند الحاجة ستجرى محادثات بين ميتشل ونتنياهو.
ونقلت «هآرتس» عن موظف رفيع المستوى في إسرائيل أن «المفاوضات ستجري في قنوات سريّة قدر الإمكان وفي أطر ضيقة قدر الإمكان».
وكانت إسرائيل والسلطة الفلسطينية قد وافقتا على الطلب الأميركي بأن تعنى محادثات التقارب بكل المسائل الجوهرية للتسوية الدائمة، بما في ذلك مواضيع الحدود، القدس، اللاجئين، ترتيبات الأمن، المياه والمستوطنات. ومع ذلك، فإن لكل طرف مواضيع يرغب في التركيز عليها في المحادثات أو على الأقل البحث فيها منذ البداية.
والتقدير السائد في إسرائيل هو أن الفلسطينيين سيطرحون في بداية المفاوضات مسألة الحدود، التي يعتقدون أن لديهم فيها تفوقاً على إسرائيل، على اعتبار أن موقف الولايات المتحدة أقرب إلى موقفهم.
في المقابل، يبدو واضحاً أن نتنياهو سيتبع خلال المفاوضات، على صعيد الشكل والمضمون « تكتيكاً استيعابياً» للضغوط الأميركية المحتملة وتلك الداخلية على حد سواء. ووفقاً لتقارير إعلامية اسرائيلية، سيلجأ نتنياهو من حيث المضمون إلى محاولة ترتيب جدول أعمال المحادثات بما يتناسب مع المصلحة الإسرائيلية، من خلال السعي إلى تركيز المفاوضات أولاً على مسألة الترتيبات الأمنية التي ستطالب إسرائيل بها في الضفة في كل تسوية دائمة، إضافةً إلى مسألة المياه.
ومن حيث الشكل، لا يعتزم نتنياهو، في هذه المرحلة، تأليف فريق للمفاوضات أو مديرية مفاوضات تنسق العمل قبل المحادثات، بسبب الخشية من التسريب الذي قد يؤدي إلى تفجير المفاوضات أو إلى التشدد في مواقف الطرفين، وفق ما نقلت «هآرتس» عن مكتب نتنياهو.
في هذه الأثناء، عبّر رئيس حزب العمل، وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك عن أمله أن «تقود المفاوضات غير المباشرة إلى مفاوضات مباشرة ونتائج»، لافتاً إلى أن الأمر «سيتطلب جهوداً من جميع الأطراف»، داعياً إلى التفكير بجدية في توسيع الحكومة بضم حزب «كديما» المعارض.
في هذه الأثناء، يصل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس اليوم إلى الرياض لبحث تطورات السلام مع المسؤولين السعوديين في إطار جولته العربية.
وقال مصدر دبلوماسي في الرياض، إن عباس سيطلع الملك عبد الله بن عبد العزيز على «نتيجة الاتصالات التي قام بها أخيراً مع الإدارة الأميركية، والأفكار والمقترحات التي طرحتها إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما على الجانب الفلسطيني».
وفي السياق، دعت السعودية أمس في بيان إلى ضرورة توفير المناخات الملائمة للمضي في عملية المفاوضات غير المباشرة، في ضوء التعهدات الأميركية الجديدة.
في المقابل، رأت حركة «حماس» تقديم مؤسس سلطة أراضي إسرائيل، آرييه كينغ، أول من أمس خطة لبناء نحو 200 ألف وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس الشرقية، بعد موافقة السلطة الفلسطينية على استئناف المفاوضات غير المباشرة، دليلاً على سلامة موقفها من خطورة هذه المفاوضات.
ورأى القيادي في الحركة، صلاح البردويل، أن «الاحتلال الصهيوني نجح في فرض المفاوضات على عباس وسلطته في ظل استمرار مخططاته في تهويد مدينة القدس وابتلاع ما بقي من الأراضي الفلسطينية، فيما السلطة الفلسطينية لا تزال تتمادى في غيها وفي الذهاب بالقضية الفلسطينية برمتها إلى الهاوية».
من جهةٍ ثانية، عبّرت الحكومة الفلسطينية في بيان عن رفضها لما تناقلته بعض وسائل الإعلام من تهديدات إسرائيلية باتخاذ خطوات عقابية بحق السلطة الفلسطينية، بسبب سياسة مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية التي تتبعها.
وقال بيان الحكومة إنه أُصدرت التوجيهات «لكل الوزارات والدوائر الحكومية لبذل أقصى الجهود بالتعاون مع القطاع الخاص لإيجاد فرص عمل بديلة للعمال العاملين في المستوطنات».
مع اقتراب موعد انطلاق المفاوضات غير المباشرة، كُشف النقاب أمس عن رغبة إسرائيلية في التركيز على مسألة الترتيبات الأمنية والمياه، للالتفاف على المطلب الفلسطيني بإعطاء موضوعي الحدود والاستيطان الأولوية.