سيناء | حالة غضب شديد لا تزال تسيطر على أهالي سيناء وقبائلها، منذ واقعة مقتل 12 مواطناً وإصابة 4 آخرين، قبل يومين، من أبناء عائلة البريكات التابعة لقبيلة التياها في منطقة الحسنة (وسط)، خاصة بعد الحديث عن ضلوع عناصر إسرائيليين في تنفيذ العملية التي نفى الأمن المصري أي علاقة له بها، وخاصة أنها جرت في وسط سيناء، حيث يقل التوتر الأمني والمعارك عن شمالها.
تقول مصادر قبلية وشهود عيان من أبناء عائلة البريكات، وقد نجوا من المجزرة التي بدأت بقذيفة ثم إطلاق نار، إن "منفذي العملية كانوا يرتدون الزي الأسود ومعهم أسلحة صغيرة الحجم، وكانت لهجتهم غير عربية الأصل". وأضافوا أن "العناصر التي أطلقت النار على أبناء قبيلة التياها استخدمت أسلحة مزودة بكاتم صوت لتنفيذ المجزرة خلال إحيائهم عرساً على منطقة جبلية"، وأنه وفق رصد أهل المنطقة للطريق ومتتبّعي الأثر، فإن "العناصر تسللت وعادت من الجبال الموازية للحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة (إسرائيل)".
يضيف الشيخ سليم البريكات، وهو أحد شهود العيان على ما جرى، إن العناصر الذين هاجموا العائلة لم يكتفوا بالقتل، بل عمدوا إلى اختطاف أحدهم ويدعى سلمي، وهو شقيق حسين التيهي، عضو جماعة «أنصار بيت المقدس»، الذي قتل في قصف طائرة إسرائيلية من دون طيار لأربعة من الجماعة في منطقة العجراء، جنوبي رفح، وتحديداً في آب 2013. وأوضح البريكات أنه عقب انتهاء العناصر المسلحين من فعلتهم، «انسحبوا صوب الحدود مع إسرائيل على بعد 15 كلم، بواسطة سيارتين مسروقتين عثر عليهما لاحقاً قرب الحدود».
ويقول أهالي منطقة خريزة، التابعة لمركز الحسنة، إنهم لا يتهمون الأمن المصري بهذه الفعلة، بل تتوجه أصابعهم إلى «جهاز الموساد الإسرائيلي». ويطالبون قوات الجيش الثالث التي وصلت إلى المكان بعد الحادث، بالتحقيق ومعرفة كيف تسلل أولئك العناصر إلى وسط سيناء من دون كشفهم وملاحقتهم.
هذه الحادثة تعيد ما جرى أيضاً في عام 2013، حينما تسللت مجموعة إسرائيلية من أربعة أشخاص إلى القرية نفسها وزرعوا عبوة ناسفة متصلة بجهاز خاص، تمكنوا بها من اغتيال إبراهيم عويضة ناصر بريكات، الذي ينتمي إلى «أنصار بيت المقدس»، وهو ممن نفذوا إطلاق الصواريخ على أهداف إسرائيلية، كما استهدفوا دوريات إسرائيلية على الجانب الآخر من الحدود، فضلاً عن العمل العسكري ضد الجيش والشرطة المصريين.
كذلك ينفي أهالي القرية، في حديثهم معنا، ما تردد في وسائل إعلام مصرية عن أن مسلحين في سيناء هم من نفذوا المجزرة خلال العرس.
ميدانياً، تواصل قوات الجيش، التي صارت تسمى «قوات إنفاذ القانون» وفق البيانات الرسمية، عملياتها في إطار ما يسمى حملة «حق الشهيد»، لليوم الثامن على التوالي. وأكد المتحدث العسكري أن العملية أوقعت مئات القتلى والمصابين، في حين نقلت مصادر قبلية وشهود عيان أن العملية أدّت، أيضاً، إلى وقوع «العشرات من القتلى والمصابين» في صفوف المدنيين في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد، شمال سيناء.
وفضلاً عن الأرقام الكبيرة من قتلى «أنصار بيت المقدس» التي يعلنها الجيش بالمئات، فإن مصادر طبية ذكرت أن نحو ستة قتلى وعشرين مصاباً بينهم أطفال قد وصلوا، أمس، إلى مستشفى العريش العام، وهم من ضحايا العمليات العسكرية في مناطق شرق العريش.
في سياق متصل، كشف مصدر أمني عن أن القوات المسلحة بدأت، قبل يومين، الاستعانة بأجهزة تشويش إلكتروني تم تثبيتها على الآليات العسكرية المشاركة في العمليات لتفجير العبوات الناسفة عن بعد. وشرح المصدر أن «الألغام الأرضية والعبوات تمثّل دوماً عقبة كبيرة في وجه القوات البرية، ما دفع الجيشين الثاني والثالث إلى استخدام أجهزة حديثة هي أبراج هوائية تركب على العربات والمدرعات ويمكنها التشويش على الموجات اللاسلكية التي تترواح ما بين 25 هرتز إلى 10000 هيرتز على مسافة تزيد على 700 متر، الأمر الذي يمنع أي تفجيرات قريبة من القوات».

بدأ الجيش المصري استخدام تقنيات تشويش لتفجير العبوات الناسفة عن بُعد

وتأكيداً لنبأ سابق، أفاد عدد من أصحاب شركات السياحة في جنوب سيناء أن تعليمات وصلتهم من وزير السياحة في حكومة تسيير الأعمال في القاهرة، بوقف السير بالسيارات ذات الدفع الرباعي في المناطق الصحراوية، خاصة في جنوب سيناء.
وأكد علي الهرش، وهو مدير قرية «بدوينا» السياحية، أن الوزير أوضح في منشور عمّم عليهم أن «هذا الإجراء يهدف إلى تعزيز مواجهة الجماعات المسلحة في سيناء والصحراء الغربية، بعد حادث مقتل 11 سائحاً مكسيكياً كانوا يقومون برحلة سفاري (عبر سيارات ذات دفع رباعي تستخدم في الصحراء عادة) جنوب غرب مصر».
ولكن الهرش لفت إلى أن هذه الإجراءات ستوقف رحلات السفاري بالكامل، وهي تمثل لهم مورداً رئيسياً للدخل في ظل انحسار التدفق الأجنبي إلى مصر خلال السنوات الأربع الماضية، علماً بأن الدخل السياحي لمصر خلال العام الماضي بلغ 7.3 مليارات دولار مقابل 5.9 مليارات في 2013.
إلى ذلك، عقّب رئيس «الاتحاد المصري للغرف السياحية»، الهامي الزيات، على حادث «الواحات» الذي قتل الجيش المصري فيه بالخطأ سياحاً مكسيكيين (راجع عدد أمس)، بأنه يمثل «كارثة على السياحة، وهو ضربة قاضية بعد أربع سنوات مستمرة من الأزمة». وقدّر الزيات خسائر القطاع السياحي بأكثر من 30 مليار دولار خلال تلك السنوات، وتحديداً منذ ثورة 25 يناير.