تجرأت قوات العدو الإسرائيلي، يوم أمس، على تحطيم بوابات الجامع القبلي التاريخية في المسجد الأقصى، خلال اقتحام وحشي بدأ من باب المغاربة، تخلله الاعتداء على المرابطين هناك، وإطلاق وابل من القنابل الصوتية، الحارقة والغازية، فضلاً عن الأعيرة المطاطية.ليس هذا الاعتداء الأول على البوابات والأماكن الأثرية والمقدسة، لكن كان لافتاً إسقاط كل الاعتبارات. وبعد تكسير بوابات الجامع القبلي التي كان يحتمي بها المرابطون، عمد الجنود إلى حرق جزء جديد من سجاد المسجد، وتكسير عدد من نوافذه وأثاثه.

ووفق إفادة الشيخ عزام الخطيب، وهو مدير دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، فإن قوات من الشرطة وصلت بأحذيتها وعتادها إلى منبر الأقصى، الواقع داخل المسجد القبلي المسقوف. وقال الخطيب، إن «هذا أمر خطير جدا، وهو يحدث للمرة الثانية منذ الاحتلال الإسرائيلي للمسجد عام 1967، وكانت هذه المرة الأولى في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الماضي».


ومن الواضح السعي الإسرائيلي إلى الفرض بالقوة على المصلين والمرابطين، واقعَ أن يغضوا الطرف عن اقتحامات المستوطنين اليومية التي يسمونها «صلاة» أو «زيارة»، تكريساً لحالة مشابهة للحرم الإبراهيمي في الخليل، جنوبي الضفة المحتلة، حيث قسم الحرم مكانياً وزمانياً بين اليهود والمسلمين بقوة السلاح.

فيما جاء بيان «الأزهر» متأخراً، دعت «الإخوان» إلى التظاهر الجمعة

ومع مرور الأيام، فإن قوات العدو تستفيد من الصمت العام، ونضوب الحراك في مدن الضفة أو ردود الفعل، من أجل العمل على إفراغ المسجد من المصلين وحتى العاملين، الذين أصيب عدد منهم واعتقل آخرون، ما سيسهل على المستوطنين في باقي أيام الأعياد اليهودية، اقتحام المسجد والتجول به دون معوقات، وخاصة أن ذلك يجري بغطاء ومشاركة من مسؤولين ووزراء إسرائيليين.
ويأتي ذلك، أيضاً، في ظل القانون الذي أقره وزير الأمن الإسرائيلي، موشيه يعلون، باعتبار جماعات الرباط في الأقصى «تنظيما غير مشروع».
كذلك فإن شرطة العدو، تحدّ دخول الوافدين من المدينة وغيرها من أجل حماية المسجد، عبر منع فئات كثيرة من الدخول، كالنساء أو الطلاب، فيما تنتقل المواجهات إلى محيط البوابات الخارجية للأقصى، حيث بدأ المواطنون التجمهر حولها في محاولة للضغط على الجنود وكسر الحصار.
بشأن حصيلة الأمس، أفيد بإصابة 26 فلسطينياً نقل اثنان منهم إلى المستشفيات، كما اعتقل أربعة آخرون، مقابل إعلان مصادر إسرائيلية إصابة أصيب خمسة من شرطة العدو. وتقول الأرقام إن أكثر من ألف مستوطن استطاعوا اقتحام الأقصى منذ يوم الأحد الماضي.
لكن، بعد انتهاء الاقتحامات المتوقع تكرارها في الأيام الجارية، أفاد مقدسيون بأن قوات العدو التي كانت مكونة من نحو 150 شرطياً انسحبت، مساء أمس، من ساحات المسجد مع إبقائها على حراسة مشددة، فيما سعى المصلون إلى تنظيف مخلفات الاقتحام والتخريب.
على الصعيد الرسمي الفلسطيني، توالت ردود الفعل الرسمية والفصائلية المنددة بما يجري في الأقصى، مشيرة إلى أن ذلك «تصفية للوجود الفلسطيني في القدس». ورأت «اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير» أنَّ إسرائيل «تستغلُّ انشغال العرب وأوروبا ودول العالم، في بعض القضايا، لفرض حقائق جديدة في الأقصى».

وأضافت عقب اجتماع طارئٍ أنّها لن «تقبل التقسيم الزماني والمكاني للمسجد... هذا خط أحمر لا يمكن تجاوزه، في أي ظرف من الظروف»، كما رأت اللجنة أنه يجب «تأليف حكومة وحدة وطنية فوراً لإنهاء الانقسام، لأنّ حماية المسجد الأقصى وكنيسة القيامة... تتطلّب منا أن ننهي هذا الانقسام البغيض».
في هذا السياق، تلقى رئيس السلطة، محمود عباس، اتصالا من رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، خالد مشعل، وذلك لبحث «الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس المحتلة». كذلك اتصل عباس بالملك الأردني، عبد الله الثاني، لمناقشة «الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى»، وطالبه بـ«ضرورة استمرار التحرك المشترك... لمواجهة هذه الاعتداءات الخطيرة».


من جهة أخرى، وبرغم تأخر الأزهر في مصر عن اتخاذ موقف بشأن ما يجري في القدس ورفض عدد من مشايخه الإجابة عن اتصالات مندوبنا بشأن القضية، فإنه أعلن في بيان مساء أمس، استنكاره «لتحطيم قوات الاحتلال الصهيوني بوابات الجامع القبلي التاريخية، وحرق سجاده»، ولكن هذا البيان جاء بعد ساعات من دعوة «جماعة الإخوان المسلمين» المحظورة في مصر، إلى «غلق سفارات إسرائيل وطرد ممثليها لدى الدول العربية والإسلامية، وإلى فرض حصار اقتصادي»، قائلة "إن ذلك أقل ما (يمكن) فعله تجاه الجرائم في حق المقدسات».
ودعت الجماعة إلى تظاهرات يوم الجمعة المقبل «من أجل الدين ومسرى الرسول الكريم... ما يجري من اعتداءات سافرة بحق المسجد الأقصى جريمة ظهر فيها تواطؤ حكام العرب المتخاذلين عن حماية مقدسات الأمة».
(الأخبار، أ ف ب، الأناضول)