غزة | دقّ جرس هاتف أحد قيادات حركة «فتح»، في غزة، ليُعلن المتصل: «أصدِروا بيان مبايعة وتأييد للشرعية (الرئيس محمود عباس)». التزم جميع قيادات الحركة المعنيين فحوى الاتصال الذي جاء مباشرة من دولة الإمارات، تحديداً من القيادي البارز في «فتح» والمفصول منها، محمد دحلان، وذلك تحت عنوان الحفاظ «على متانة التنظيم».
أحد قياديي «فتح» في «إقليم وسط خانيونس»، جنوبي قطاع غزة، كشف لـ«الأخبار» حقيقة ما جرى في الانتخابات التنظيمية منذ الإعداد لانعقاد المؤتمر الداخلي الذي سيُفرز قيادات الحركة في المنطقة. وقال إنه بعد إعداد «الهيكلية التنظيمية للإقليم في المناطق، تم اختيار أعضاء الإقليم، والتجهيز للمؤتمر المُنتظر منذ يوم 26 أغسطس (آب) الماضي».
القيادي أكّد أن «تقارير كيدية» تحدثت عن التشكيك في نزاهة اختيار الأعضاء وصلت إلى رئيس السلطة، وكانت تُطالبه بضرورة إلغاء المؤتمر «فوراً»، وإلّا فإن «قائمة دحلان» ستحقق الفوز. وفعلاً، في مساء الخامس والعشرين من آب، أصدر «أبو مازن» قراراً عاجلاً بتأجيل المؤتمر إلى إشعار آخر، بعد إلحاح معارضين لدحلان على ضرورة وقف المؤتمر.
لذلك، وبعد اتصال جهاز «المخابرات العامة» بقيادي من «قائمة دحلان»، وهو أحد المرشحين في انتخابات «وسط خانيونس»، انسحب القيادي من الانتخابات، وهو ما تلاه تعليمات مباشرة من دحلان لهذا القيادي بضرورة الانسحاب «وتفويت الفرصة على محاولات إحباط المؤتمر»، وكذلك إصدار البقية بيان تأييد لعباس.
وتشهد انتخابات «فتح» تنافساً واضحاً بين قوائم عباس وشعت ودحلان، ولم يكن فوز الأخير في «إقليم وسط خانيونس» حاسماً للانتخابات (خانيونس هي مسقط رأس دحلان وتُمثل القاعدة الشعبية الأولى له في غزة)، لأنها واحدة من مناطق كثيرة في القطاع، ولا يزال الحديث مبكراً عن النسب العامة لانتخابات المناطق الكبرى، وهذا الأمر يحتاج إلى شهر تقريباً.
وبعد إجراء الانتخابات في تلك المنطقة، واكتساح «قائمة دحلان»، مقابل خسارة مرشحي القيادي نبيل شعت، كان ذلك سيتسبب في «غضب عباس»، ما قد يدفعه إلى إلغاء النتائج، وهو ما جعل دحلان يطلب فوراً من الفائزين في الانتخابات (عددهم 15) إصدار بيان مبايعة للرئيس، وتأكيد الالتزام بنظام التنظيم ولوائحه.

يراوغ دحلان تجنّباً لقرار من عباس يلغي فيه نتائج الانتخابات

ورغم فوز «قائمة دحلان» في خانيونس، فإنها خسرت انتخابات مناطق شمال قطاع غزة، وذلك بالتزامن مع حدوث مواجهات بين مؤيدي عباس ودحلان خلال إجراء الانتخابات في خانيونس، كذلك نشبت مشاجرات أخرى خارج مكان عقد الانتخابات. جراء ذلك، تدخلت «مجموعات الشهيد نضال العامودي»، التابعة للذراع العسكرية للحركة (كتائب شهداء الأقصى) من أجل حماية المؤتمر جنوبي القطاع، ثم تدخلت الشرطة في غزة (تابعة لحركة «حماس») لإنهاء العراك، واعتقلت ما يقارب عشرة أفراد.
تعقيباً على ذلك، قال عضو اللجنة المركزية لـ«فتح» ومفوض العام للحركة في غزة، زكريا الآغا، إن «فتح ماضية في ترتيب أوضاعها الداخلية واستكمال المسيرة الديموقراطية في كل المناطق والأقاليم، كاستحقاق تنظيمي مع اقتراب موعد عقد المؤتمر العام السابع»، فيما قال أمين السر لـ«الهيئة القيادية العليا» في الحركة، إبراهيم أبو النجا (من خانيونس)، إن «الانتخابات تسير على قدم وساق للتأكيد على وحدة فتح»، موضحاً أنه تم الانتهاء من انتخابات ثلاثة أقاليم رئيسية، و«يجري العمل لإنجاز الانتخابات في بقية الأقاليم».
إلى ذلك، وفي سياق آخر، امتدت مسيرات التظاهر الغاضبة على انقطاع التيار الكهربائي في غزة من مدينة رفح (جنوب) لتخرج مسيرات عفوية أخرى في خانيونس (جنوب) والنصيرات (وسط). ومنع شبان غاضبون في بلدة بني سهيلا، شرق خانيونس، موظفي «شركة توزيع الكهرباء» من قطع الخطوط، كذلك اكتظت شوارع المنطقة بالمتظاهرين الذين توجهوا نحو مقر الشركة، قبل أن تستنفر قوات الشرطة وتمنعهم من دخول المقر.