font color="gray">خاص بالموقع- «يدلّل» التاجر أبو حسن على عشرات صناديق المشروبات الغازية المصرية الصنع المكدّسة أمام محلّه في مدينة رفح، جنوب قطاع غزة، لبيعها بأسعار مغرية والتخلص منها تفادياً للخسارة، عقب إعلان إسرائيل عزمها تخفيف الحصار عن غزة. وبعدما اكتسحت البضائع المصرية والصينية السوق الغزّي، بات التخلص منها أمراً ضرورياً للتجار، وإن كان بأبخس الأسعار، خشية تنفيذ القرار الإسرائيلي الذي يهدد بكساد تجارتهم.
وينادي أبو حسن (54 عاماً) بصوته الغليظ: «صندوق الكولا بعشرين شيكلاً فقط»، أي ما يقارب خمسة دولارات. ويقول «كنت أبيع الصندوق بـ28 شيكلاً وأحياناً بثلاثين، لكنني أعرضه اليوم على الزبائن بعشرين فقط، لأن إسرائيل قالت إنها ستسمح بدخول المواد الغذائية والمشروبات الغازية».

ويوضح الرجل وهو ينحني بقامته الطويلة لرفع صندوق لأحد الزبائن «إذا دخلت الكولا الإسرائيلية قبل أن أتمكن من بيع بضاعتي، فستضرب تجارتي وسأخسر».

وفي سوق النجمة الممتلئ ببضائع الأنفاق وسط مدينة رفح، يقول أبو أحمد (36 عاماً)، الذي يملك محلاً للأجهزة الكهربائية وأواني الطهو، إن «كل بضائع المحل انخفض سعرها إلى النصف بعدما سمحت إسرائيل بدخول أواني الطهو. وانتشرت أخبار بين الناس أن إسرائيل سترفع الحصار عن غزة». ويضيف وهو يشير إلى تلفزيون 40 بوصة «هذا التلفزيون كنت أبيعه قبل أشهر بثمانية آلاف شيكل (نحو ألفي دولار). واليوم أبيعه بـ4700 شيكل فقط (نحو ألف ومئتي دولار)». ويؤكد أن «هذا ينطبق على كل الأجهزة في المحلويُبدي الرجل قلقه من دخول البضائع عن طريق المعابر الإسرائيلية، قائلاً «إذا دخلت الأجهزة الكهربائية عن طريق إسرائيل، فسأضطر إلى بيع هذه الأجهزة بسعر الكلفة فقط، وسأتحمّل مصاريف تهريبها عن طريق النفق وحدي حتى أستردّ جزءاً من رأس المال». ويوضح أنه «كان يدفع 400 دولار لصاحب النفق في مقابل كل ثلاجة أو غسالة أو فرن يهربّه إليّ». لكنه لا يثق بأن إسرائيل ستخفف الحصار. فهو يرى أن «إسرائيل تقول إنها ستخفف الحصار لتخفيف الضغط الدولي عليها، لكنها لا تلتزم أبداً بما تقول».

ويتردّد تجار الأنفاق أيضاً في إدخال المزيد من البضائع. ويقول أبو محمد «نفقي متوقّف حالياً عن العمل، لأننا أدخلنا كل البضائع إلى غزة والسوق أصبح مشبعاً»، معتبراً أن «أيّ بضائع جديدة مهدّدة بالخسارة، لأن إسرائيل تقول إنها سترفع الحصار». ويشير أيضاً إلى أن «الأمن المصري أصبح يشدّد على عمليات التهريب ويضيّق علينا»، موضحاً أن «سوق غزة الآن لا ينقصه سوى الأسمنت والخشب والحديد والرخام والكراميكا. لكنّ نسبة الربح فيها ضئيلة، وقد تُكسر أثناء النقل، لذلك لا أجازف بإحضارها».

لكنّ جاره محمد تقبّل الربح الضئيل بدلاً من التوقف تماماً عن التهريب. ويقول وهو يشرف على عماله وهم يشدّون قطع رخام كبيرة مربوطة بعناية بحبل سميك، «أعمل الآن فقط في تهريب الرخام والسيراميك». ويضيف أن «هامش الربح أصبح قليلاً في تجارة الأنفاق. لذلك أحضر «طلبيات» خاصة فقط لأصحاب المحال أو التجار، لكنّي لا أدخل بضائع على حسابي، لأن إسرائيل ستفتح المعابر».

رغم ذلك، يأمل الرجل الذي يتصبّب عرقاً أن «ينتهي الحصار والأنفاق، وتتوافر فرص عمل للجميع بدلاً من هذا العمل الشاق».

من جهتهم، ناشد أصحاب الشركات المحلية لتعبئة المشروبات الغازية ومصانع البسكويت والآيس كريم، في غزة، رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية عدم السماح لهذه المنتجات بالدخول إلى غزة». وقالوا إن «إدخال هذه المنتجات سيلحق أضراراً جسيمة بنا وبمصانعنا وأبنائنا وعمالنا، حيث سيترتّب على ذلك إغلاق كل المصانع المحلية المنتجة لمثيلاتها».

(أ ف ب)