Strong>تحاشى الاعتراف بشرعيّة «حماس» وأكّد «جهوزيّة الدول العربيّة للإعمار»بحلول الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى ضيفاً على غزّة، أمس، يكون قد سجّل أرفع زيارة لمسؤول عربي إلى القطاع المحاصَر منذ نحو 3 أعوام. زيارة بدا أنها جاءت في سياق الإحراج الذي أصاب المسؤولين العرب إثر موجة كسر الحصار من «أسطول الحرية» وأخواته

غزة ــ قيس صفدي
... أخيراً، زار الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى قطاع غزة. زيارة هي الأولى له بصفته مسؤولاً عربياً (لا مصرياً)، كان لا بد لإتمامها من أيام من التنسيق والإعداد والإجراءات التي بدأت منذ مجزرة «أسطول الحرية». لكن موسى لم يجد سوى التمنيات بفك الحصار، من دون أن يميز عن أي حصار يتحدث: المصري أو الإسرائيلي؟
وقال موسى، لدى اجتيازه معبر رفح، إنّ «حصار غزة يجب أن يُكسر»، مذكراً بأنّ «قراراً عربياً صدر بهذا الشأن يجب تنفيذه». وأكد أنّ «قرار الجامعة العربية واضح في كسر الحصار والمطالبة في رفعه وعدم التعامل معه». وأشار إلى أن «شعب فلسطين لا يستحق أن يقف بجانبه العرب فقط، بل العالم كله الآن يقف معه ضد حصار غزة وضد ما يحدث في الأراضي المحتلة وعلى رأسها القدس الشرقية». وعن المصالحة الوطنية، قال موسى: «نتطلع إلى مصالحة إرادة وسياسة وموقف يترجم باتفاق على الأمور التفصيلية». وسبق لموسى زيارة غزة والمشاركة في افتتاح الجلسة الأولى للمجلس التشريعي الأول في عام 1996، عندما كان في حينها وزيراً للخارجية المصرية. وكان في استقبال موسى قادة من حركتي «فتح» و«حماس»، وممثلون عن القوى والفصائل الفلسطينية وشخصيات مستقلة، ومسؤولون في مؤسسات المجتمع المدني.
يُذكَر أنّ مساعد الأمين العام، السفير هشام يوسف، زار قطاع غزة مرتين خلال 48 ساعة لترتيب الزيارة، ووضع اللمسات الأخيرة على جدول أعمال الزيارة التي استمرت 12 ساعة فقط.
واكتفى موسى، عقب لقائه رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، بالإشارة إلى أنه تحدث مع هنية عن الواقع الفلسطيني والعلاقة بين الفصائل ومستقبل العمل الفلسطيني الموحَّد.
وجرى اللقاء في منزل هنية في مخيم الشاطئ في مدينة غزة، لا في مقر الحكومة المقالة، وكأنّ موسى لم يشأ أن يعطي أي إشارة لاعتراف عربي بسيطرة «حماس» على القطاع.
ولاحظ الصحافيون أنّ موسى حرص على عدم مشاركة هنية في المؤتمر الصحافي. أما هنية، فقد أشار إلى أنه تبادل مع موسى «أفكاراً عملية بملف المصالحة والحصار والموقف العربي منه»، واصفاً زيارة موسى لغزة بـ«التاريخية»، وبأنها «خطوة عملية على طريق كسر الحصار».
وعقب اللقاء الذي استمر قرابة ساعة ونصف ساعة، اصطحب هنية، موسى والوفد المرافق له، في جولة بين أزقة مخيم الشاطئ للاجئين. واستمع موسى إلى شهادات مأساوية من عائلتي السموني والداية عن المجزرتين الدمويتين اللتين تعرضت لهما العائلتان خلال عدوان «الرصاص المصهور»، وأودتا بالعشرات من أبنائهما خلال الحرب الإسرائيلية على غزة قبل 17 شهراً.
وبدا موسى متأثّراً بشهادات حية من ذوي الشهداء، والمشرّدين الذين فقدوا منازلهم خلال الحرب في حي الزيتون في مدينة غزة، وعزبة عبد ربه في جباليا، فيما عاين مدرسة الفاخورة التي شهدت مجزرة دموية بحق مشردين أووا إليها، والمدرسة الأميركية المدمرة في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
وقال موسى: «جئت إلى هنا لأحيّي إخواننا الصامدين، عائلة السموني وعائلة الداية رمز الكفاح ورمز النضال والشهادة، حضرنا لتحياتكم، وأنا أتعاطف تماماً بصفتي الشخصية وبصفتي الرسمية مع ما حدث». وتابع أن «الخطأ هو في الاحتلال ذاته وفي استهداف المدنيين، وفي عدم الاهتمام بمصير الناس. جئنا لنتضامن ولنستمع ولنشاهد ثم لنشارك في الإعمار وهو قادم قادم لأننا سنكسر الحصار».
وأكد موسى أنّ «الدول العربية جاهزة، وقد وضعت وخصصت أموالاً موجودة في البنوك لعملية الإعمار»، لافتاً إلى أن عملية الإعمار «تتطلب رفع الحصار، الذي أصبح مسألة يهتم بها العالم كله. لا يمكن استمرار الوضع في غزة على ما هو عليه».
ورأت «حماس»، على لسان القيادي فيها صلاح البردويل، أن الزيارة «وإن جاءت متأخرة، إلا أنها تحمل معنىً سياسياً مهماً، وهو أن غزة التي تحررت من دنس الاحتلال الصهيوني هي جزء من الأمة العربية، وأن الأمة مطالبة برفع الحصار عنها وإعادة إعمارها بعد الدمار الهائل الذي أحدثه العدوان الصهيوني».
وطالب البردويل، موسى، بالضغط «على رئيس حركة فتح (الرئيس محمود) عباس لوقف الاعتقالات السياسية وأساليب التعذيب والإقصاء وسرقة الأموال التي تمارسها سلطته تجاه عناصر حماس ونسائها وقادتها ومؤسساتها في الضفة الغربية».
وفي السياق، دعا رئيس «اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار»، النائب المستقل جمال الخضري، موسى إلى «عقد جلسة خاصة لمجلس وزراء الخارجية العرب في قطاع غزة، يتمخض عنها إعلان عربي بانتهاء الحصار الإسرائيلي ووضع الآليات لذلك».