علي حيدر في موازاة موقفها الرافض لتأليف لجنة تحقيق دولية في مجزرة «أسطول الحرية»، لا تزال إسرائيل تحاول احتواء الضغوط الدولية عليها عبر تأليف لجنة تقصّي حقائق إسرائيلية، مدعومة بموقف أميركي، وبحجّة الحفاظ على مصالح جيش الاحتلال. وتولّى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مهمة الإعلان الرسمي لرفض تأليف لجنة دولية يرأسها الرئيس السابق للحكومة النيوزيلندية، جيفري بالمر، الخبير في القانون البحري، مع عضوية كلّ من تركيا وإسرائيل، وهي التي اقترحها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون.
وعن خلفيات هذا الرفض، رأى نتنياهو أن ما يجري «ليس مجرد حالة عابرة، بل عملية متواصلة يديرها أعداء إسرائيل منذ عدة سنوات من أجل انتزاع حقنا في الدفاع عن أنفسنا». وأشار إلى أن هذا الأمر «بدأ في عام 2001 خلال محاولة اعتقال ضباط إسرائيليين خارج البلاد، واستمر في عام 2004 من خلال محاولات مشابهة، وبعد ذلك في تقرير غولدستون، ويستمر اليوم لمنعنا من وقف تهريب الصواريخ والقذائف الصاروخية إلى غزة».
وكشف «بيبي» لأعضاء حكومته أنه أبلغ بان كي مون عدم موافقته على تأليف لجنة تحقيق دولية، مشدداً على أن «توضيح الحقائق ينبغي أن يجري بمسؤولية وموضوعية، الأمر الذي يتطلّب برودة أعصاب وحذَر، من خلال الحفاظ على مصالح إسرائيل وجيشها».
في المقابل، كشفت تقارير إعلامية عبرية أن رئيس الحكومة يدرس إمكان تأليف لجنة تقصّي حقائق وطنية، يشارك فيها مندوب أميركي أو مراقب دولي، شرط ألّا تحقق هذه اللجنة مع جنود الاحتلال.
ولفتت صحيفة «معاريف» إلى أن جهات مشاركة في النقاشات سألت كلّاً من رئيس المحكمة العليا السابق مئير شمغار، والبروفسور أمنون روبنشتاين، ووزير القضاء السابق البروفسور دانيال فريدمان، إن كانوا يوافقون على ترأّس لجنة التحقيق.
وفي كلام يؤكّد هذا الاتجاه في تحديد هوية اللجنة، أعرب نتنياهو، خلال جلسة لمنتدى السباعية، عن ضرورة «مساعدة أصدقائنا في العالم، من بينهم الولايات المتحدة وعدد من الدول المهمة في غرب أوروبا، لصدّ محاولات نزع الشرعية عن إسرائيل، ولكن من دون المس بجنود الجيش والاستمرار بتوفير الدعم التام لهم». ولهذه الغاية، كشف نتنياهو لوزرائه أنه اتصل بكلّ من نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، ورئيسي الحكومة اليونانية والبلجيكية لإبلاغهم قرار حكومته.
وفي الإطار نفسه، أوصى المستشار القانوني للحكومة، يهودا فاينشتاين، بتأليف لجنة تقصّي حقائق إسرائيلية، توقّعت مصادر رفيعة المستوى أن تكون مشابهة للجنة «فينوغراد»، التي تألّفت بعد عدوان تموز 2006، بينما وصفت مصادر أخرى تأليفها بأنه «ضرورة، قبل أن يُفرض علينا تأليف لجنة تحقيق دولية».
وفي السياق، يبدو أن وزير الدفاع إيهود باراك غيّر موقفه من مسألة تأليف لجنة التحقيق، في أعقاب المحادثة التي أجراها مع نائب الرئيس الأميركي جوزف بايدن، الذي أفصح عن تأييد البيت الأبيض تأليف لجنة تحقيق إسرائيلية بمشاركة مراقبين دوليين.
يُذكَر أنّه سبق لباراك أن عارض تأليف أي لجنة تحقّق مع جنود الجيش، لكنّه لمّح إلى أنه يؤيّد تأليف لجنة تحقيق دولية.
وعن المداولات الجارية بشأن تأليف لجنة تحقيق في الجريمة، تحدثت صحيفة «هآرتس» عن توتّر بين الحكومة والجيش، ناجم عن المخاوف الكامنة لدى كل طرف من محاولة تحميل الآخر مسؤولية مجزرة سفينة «مرمرة» له.
في هذه الأثناء، أكدت مصادر في وزارة الخارجية أن تل أبيب لا تنوي الاعتذار لتركيا عن مجزرة الأسطول، وذلك رداً على مطالبة السفير التركي في واشنطن، نامق تان. وأشارت هذه المصادر إلى أن رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان «يبحث عن ذريعة لقطع العلاقات تماماً». وتوقّعت أن يستمر التدهور في العلاقات بين الدولتين، لافتة إلى أنّ قطع العلاقات «هو مسألة وقت».