حرييت دايلي نيوز ــ محمد علي بيرندلا نعرف بعد ماذا ستكون عليه تأثيرات الأحداث الأخيرة، لكننا بالتأكيد، سنشعر بها قريباً. لن تقتصر آثار الهجوم على سفينة «مافي مرمرة» على إفساد العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية من ألفها إلى يائها، بل إنها ستغيّر موازين القوى في المنطقة وستثبّت أسس مرحلة جديدة بالكامل.
فللمرة الأولى، أصبحت هاتان الدولتان عدوّتين. من الآن وصاعداً، ستتعاطى تركيا مع إسرائيل على أنها عدوّ، فيما اعتادت تحمّلها وتغطيتها بنعومة. وحتى لو استُبدلَت حكومة بنيامين نتنياهو بأخرى، وما دام الحصار المفروض على غزة مستمراً، فإنّ تركيا لن تسامح إي إدارة إسرائيلية، وستظلّ تُناحرها. بدورها، فإنّ إسرائيل ستنظر إلى تركيا على أنها عدوّ أيضاً، وستعتمد سياساتها إزاءها وفقاً لهذا الأساس. وبناءً على ذلك، سيكون مفيداً لنا الاستعداد لهذه الوضعية.
كيف يمكن إسرائيل واللوبي اليهودي أن يضربا بسهولة؟
قد يحصل الآتي:
ـــــ من الآن فصاعداً، سنقرأ في الصحافة العالمية أنّ تركيا أدارت ظهرها للغرب، وبدأت تولي اهتماماً في قضايا كإيران و«حماس» والإسلام. سنجد تقارير ومؤتمرات تسلّط الأضواء على السجل الإجرامي لإدارة حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، وتحلّل كيف أنّ رجب طيب أردوغان وأحمد داوود أوغلو يغيّّّران مسار تركيا. ولن يكون مهماً مقدار الجهود التي سنبذلها لإقناعهم بأنّ ذلك غير صحيح، لأننا لن نتمكن من إقناعهم. فهذه الحملة ستكون مدعومة من اللوبي الإسرائيلي.
ـــــ ستكون هناك إنذارات جدية بشأن الاستثمارات التركية وعلاقاتها المالية على أنها «تثير الخطر». وحتى لو لم ينجح اللوبي الإسرائيلي في مسعاه، فإنّ هذه الحملة ستخلق أجواءً سلبية.
ـــــ على تركيا أن تتوقّع الآن أن يمرّ قانون «الإبادة الأرمنية» في الكونغرس الأميركي لأنّ هذا هو الطريق الأسهل للإسرائيليين ليحققوا النجاح.
ـــــ علينا أيضاً توقُّع أن تكثّف الحكومة الإسرائيلية من نشاطها إزاء قضية حزب العمال الكردستاني. من الصعب التنبّؤ بكيفية حصول ذلك، وفي أي منطقة، لكن الاعتقاد العام يفيد بأنّ جهاز الموساد سيحرّك الوضع في ميادين عديدة.
ـــــ هناك سلاح آخر شديد القوة بأيدي الإسرائيليين، هو قدرتهم على التأثير على واشنطن. لدى اللوبي اليهودي كل الوسائل والإمكانات للوصول بسهولة إلى مؤسسات الإعلام الأميركية وأجهزة الإدارة، لبثّ الشكوك بين واشنطن وأنقرة ولتعقيد العلاقات بينهما من خلال المبالغة بحجم السياسات التركية غير المتفقة مع الدبلوماسية الأميركية (في الملف الإيراني على سبيل المثال).
بالتأكيد، يمكننا إطالة هذه اللائحة من الإجراءات الإسرائيلية، لكن هذه هي النقاط التي تتبادر فوراً إلى الذهن.
أي احتياطات يمكن تركيا اتخاذها؟ ستحاول إسرائيل أن تضرب تركيا في نقطة ضعفها الأكبر، وذلك من خلال اللوبي اليهودي، وبذلك، لن يظهر أنها متورّطة علناً. أمام هذه الوضعية، ماذا يمكن تركيا فعله؟
إن كانت تركيا غير راغبة في تحمّل الأذى الجدّي، وتريد مواصلة سياساتها الحالية، فعليها التنبّه إلى بعض النقاط:
ـــــ النقطة الأهم بالنسبة إلى تركيا، هي أن تواصل سياساتها الحالية، لكن من دون مبالغة. على سبيل المثال، عليها ألا ترسل المزيد من السفن إلى غزة، أو عدم زيادة عدد بيانات ردود الفعل وعدم زيادة جرعتها، وألا تَعِد بفعل إلا ما يمكنها فعله لإبقاء ردود الفعل والتظاهرات في إطار حدود معيّنة.
ـــــ بقدر ما تعمل تركيا على إبقاء حكومة نتنياهو تحت الضغط لفك الحصار عن غزة من دون إعلان الحرب، سيكون وضعها أقوى.
ـــــ على تركيا المحافظة على اقتصادها وتقويته، لأنه سيكون الورقة الأكثر حيوية بين أيديها. بهذه الطريقة، ستكون قادرة على مقاومة ألاعيب مالية واستثمارية محتملة.