رفض الرئيس الفلسطني، محمود عباس، الدخول حالياً في مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين دون مرجعيات محدّدة وواضحة، على اعتبار أنّها «ستنهار من اللحظة الأولى»جدّد الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، التأكيد على رفض الدخول في مفاوضات مباشرة مع الإسرائيليين دون وضع إطار واضح لها، محذّراً في الوقت نفسه من أنّ الممارسات الإسرائيلية تقضي على أيّ فرصة لحل الدولتين، وتعيد الوضع في المنطقة إلى «دائرة العنف».
وقال عباس لإذاعة صوت فلسطين «العالم كلّه يطالبنا بالذهاب إلى مفاوضات مباشرة، لكنّ الدخول فيها دون مرجعيات محدّدة وواضحة قد يجعلها تنهار من اللحظة الأولى»، في وقت كشف فيه مساعدو عباس عن تلقّيه مكالمات هاتفية في الأيام الأخيرة من قادة ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا لحثّه على الذهاب إلى محادثات مباشرة. وأكّد «أنّ الامتحان الآن هو الذهاب إلى المفاوضات على أساس الشرعية الدولية والاتفاقات الموقّعة».
وجدّد عباس، في كلمة ألقاها في قمة الاتحاد الأفريقي، التي بدأت في العاصمة الأوغندية كمبالا أمس، التأكيد على أنّ التمسك «بخيار السلام ثابت واستراتيجي لا رجعة عنه»، مبدياً استعداده للذهاب إلى مفاوضات مباشرة بعد «إحراز تقدّم ملموس في موضوعي الحدود والأمن، وتجميد الاستيطان»
من جهة ثانية، انتقد عباس «السياسات والممارسات الإسرائيلية»، مشيراً إلى أنها « لا تُبقي فرصة لتحقيق حل الدولتين بل تقوّضها، الأمر الذي قد يعيد المنطقة مجدداً إلى دائرة العنف والصراع».
وأوضح عباس أنّ تخوّفه نابع ممّا «تفعله إسرائيل من سيطرة على مزيد من الأراضي، وبناء المستوطنات وتوسيعها، وإقامة الوحدات الاستيطانية على أراضينا، في القدس الشرقية خاصة، وما يبتلعه جدار العزل والفصل العنصري الذي يقام في وقت نحن أحوج ما نكون فيه إلى جسور السلام والتعايش». وعبّر عن أمله في مواصلة الدعم الأفريقي للقضية الفلسطينيّة.
وكان عباس قد أعلن أول من أمس استعداده للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في رام الله أو تل أبيب، أو أيّ مكان آخر بعد الموافقة على مرجعية المفاوضات المباشرة. وأكّد أنّ «المهمّ الاتفاق على أرضية المفاوضات، وعندما يقدّمون (الجانب الإسرائيلي) المرجعيات المتّفق عليها، وهي حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، نذهب إلى المفاوضات»
المباشرة.
السياسات والممارسات الإسرائيلية قد تعيد المنطقة إلى دائرة العنف والصراع
في هذه الأثناء، تتوقّع السلطة الفلسطينية أن يأتي موقف لجنة المتابعة العربية، التي ستجتمع في التاسع والعشرين من هذا الشهر في القاهرة، داعماً لموقف الرئيس الفلسطيني في ما يخص المفاوضات المباشرة، وذلك بعد الدعم الذي حصل عليه عباس من حركة فتح، ومن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
كذلك حصل الرئيس الفلسطيني، الذي سيشارك في اجتماع لجنة المتابعة، على دعم الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى، الذي أكّد أمس أن الانتقال أوتوماتيكياً من مفاوضات (غير مباشرة) إلى مفاوضات (مباشرة) «دون أيّ تأكيد، أو تأكد أو ضمان لـ(جديّة) الجانب الإسرائيلي، يعني أننا دخلنا إلى إدارة الأزمة لا حل الأزمة».
وفي هذا السياق، أوضح كبير المفاوضين الفلسطينيين، صائب عريقات، أنّ «المفاوضات غير المباشرة لم تنته بعد، وفترة الأربعة أشهر تنتهي يوم الثامن من أيلول المقبل». ولفت عريقات إلى أنّ «الفرصة لا تزال قائمة لإحداث تقدّم بموافقة الحكومة الإسرائيلية على وقف كل النشاطات الاستيطانية».
من جهته، أعاد مستشار الرئيس الفلسطيني، نمر حمّاد، التأكيد على مطالبة السلطة الفلسطينية «بوجود طرف ثالث يتولّى مسألة الرقابة على الحدود بين الجانبين». وأضاف «ليس لدينا مشكلة إن كان هذا الطرف حلف شمالي الأطلسي أو أيّ طرف أممي أمني آخر»، مؤكّداً أن وجود طرف ثالث في أيّ مفاوضات مقبلة هدفه «أن يتولّى مهمة الوساطة والتحكيم وضمان ما يجري الاتفاق عليه». وقال «نطالب بأن تستند هذه المفاوضات إلى قاعدة إنهاء الاحتلال كما نصّت عليها خريطة الطريق، وإذا قبلت إسرائيل التفاهمات التي يجري التوصل إليها مع حكومة (ايهود) اولمرت (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) يمكن العودة حينها إلى المفاوضات المباشرة».
ووسط المحاولات الأميركية لاستئناف المفاوضات المباشرة، تلقّى الرئيس المصري حسني مبارك أول من أمس اتصالاً هاتفياً من نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، تناولا فيه مسألة «جهود دفع عملية السلام».
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية إنّ المكالمة جاءت في إطار «تهيئة الأجواء المواتية لبدء المشاورات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي».
(أ ب، أ ف ب، يو بي آي)