رون آراد
10 ملايين دولار، يا سلام، ماذا يمكنني أن أشتري بعشرة ملايين دولار؟! أولاً، سأشتري منزلاً في شارع الحمرا وأرتاح من (الشنططة) بالفان الرقم 4 الذي يأخذني من قصقص إلى الحمرا يومياً. ثانياً، سأشتري سيارة آخر موديل، وشاليه على البحر. سأتبرّع للفقراء بكل ملابسي القديمة بالإضافة إلى ملابس جديدة للأيتام، لأنني سأشتري لنفسي ثياباً جديدة. سأقوم أيضاً بفتح استثمار، وأوظف الشباب العاطلين عن العمل. ولو كنتُ شاباً، فبعشرة ملايين دولار سأتقدم بطلب يد صبية بقلب قويّ، لأنني حينها سأمتلك الشقة والسيارة والعمل بالإضافة إلى الشبّكة والمُقدم والمُؤخر. بعشرة ملايين دولار، يا سلام كم من أمنياتي ستتحقق، لكن ما الثمن؟!
كلما فتحت بريدي الإلكتروني على موقع غوغل تكتب لي هذه الجملة: «إن كانت لديكم أيّ معلومات عن مكان وجود رون آراد، فالرجاء الاتصال على الأرقام التالية مقابل مكافأة مالية قدرها 10 ملايين دولار»، عظيم جداً، في الماضي كانت النصيحة بجمل، اليوم أصبحت معلومة بمئة جمل! والسيد آراد أصبح أغلى مفقود في العالم اليوم، بحيث تسعى دولة العدو إلى الطُرق اليائسة لمعرفة معلومة واحدة فقط عنه، هذا بالإضافة إلى سعيها أخيراً إلى خرق المواقع الإلكترونية اللبنانية ووضع إعلانات مماثلة على صفحاتها. يفترض العدو أنني لو كنت أعرف المعلومة، لجعلوني من أغنى فتيات العالم، لكنني حتى لو كنت أعرف مكان المحروس، فلن أقول لهم أين هو، بل سأتركه يتعفّن أينما كان، فأنا أفضّل أن أكون معتّرة بكرامة على أن أكون مليونيرة بلا كرامة! وهذا تماماً ما قلته لصديقي وأنا أنبّهه للإعلانات الموجودة على الإنترنت والتي قد تكون مواقع لاستخبارات العدو، فضحك كثيراً ثم قال: «سأخبرهم أن رود آراد متخبّي عندي بالبيت!». الموضوع ليس مزحة، فحتى بعض الإعلانات (الملغومة)، ومنها الإعلانان الأخيران اللذان صدرا على موقع إذاعة «صوت لبنان» بعنوان «المال والبنون زينة الحياة الدُنيا» و«ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل»، تصل الضاغط عليها إلى .www.10million.org الإلكترونية.
لو أنني أعرف معلومات عن رون آراد لكانت حياتي مليئة بالأمل، ولرُزقت بالمال والبنين زينة الحياة الدُنيا لأعيش بثبات ونبات وأخلّف صبياناً وبنات. لكنني لا أعرف، ولو عرفت لقُلت لجيش الدفاع الإسرائيلي «فشرّتو خبركن!».
إيمان بشير ـ بيروت

■ ■ ■

حتى لو عرفت

لن أخبرك ماذا كنت سأفعل لو عرفت مكان هذا الطيار، فأنا نفسي لا أعرف: هل آخذ 10 ملايين دولار؟ أم أكتفي بالكرامة الباقية والطفر التاريخي المعشش في تكويني؟
لكن سأقول لك ماذا سيفعل العديد ممن أعرفهم من أبناء مخيّمي. علي ماسورة الكذاب، وهو محترف كذب بعد أن طوّره من مجرد هواية، سيمسك الجندي الصهيوني ــــ إن كان حياً ـــــ ويربطه في الحمام تحديداً، ثم يبدأ بسرد أكاذيبه عليه حتى يموت من القهر، لأن علي يسرد ويسرد والجندي قد لا يفهم شيئاً، وإن فهم فإنه لن يرد، لأنّ علي سيهدده بالقتل «كما فعل» بالعديد من جنود الاحتلال بحسب زعمه، وبدون إغراء الملايين العشرة. فهو حتماً يعرف أين رون أراد وكل مفقودي جيش الاحتلال. أما العضاض، وهو بائع جرائد معتوه هوايته عض الناس وشتم من لا يشتري منه جريدة، فسيذهب للجيش الصهيوني ويقول لهم: «بدكم تعرفوا وين الهبيلة اللي ضايع الكم؟» اشتروا مني كل يوم 5 جرائد ساعتها ممكن أدلكم. وإذا اشتروا الجرايد أو أعطوه 10 ملايين دولار فسيشتري المزيد من الصحف ويبيعها، وطبعاً لن يسلمهم إلا الشاب المسكين الذي يضطهده دائماً أي «حازم الهبيلة». حازم الهبيلة: شاب أبله وهادئ سيقول لمن يغريه بالملايين العشرة إن «بياع الجرايد إلي بيعضّ هو اللي عضه (يقصد رون أراد)».
فادي السريع: وهو أحد الودعاء ذوي المخيلات الواسعة، سيرد: «سآخذ 10 ملايين وأعمل مافيا وأخطف المزيد من الجنود الصهاينة، ثم أدلهم عليهم وأعود فآخذ عشرات الملايين وهكذا دواليك حتى أحرر فلسطين بسبب إفلاس الخزينة الصهيونية، وفناء جيشهم بالخطف. ثم أصبح أنا الرئيس وأعمل دولة إسلامية شيوعية مشتركة».
أما أنا، فلا أستطيع حتى أن أتخيّل ما هو المليون الواحد! ألف ألف دولار صعبة جداً على مخيلتي فكيف بعشرة آلاف ألف دولار؟ ومن ناحية أخرى: والله لو وضعوا الشمس في يميني والعشرة ملايين في يساري على أن أترك هذا الأمر فلن أتركه. بلا رون أراد بلا زفت. وسأقول قولك لجيش الاحتلال: فشرتو.
معاذ عابد ـ عمان